الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ترامب: معركة شرسة مع الإعلام!

ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)

2017 / 2 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ترامب: معركة شرسة مع الإعلام!

يبدو أن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لم يتعظ من تجربة بعض أسلافه مع وسائل الإعلام، أو أنه مصمم على إيجاد علاقة جديدة بين السياسة والإعلام. في صيف عام 1974 دخل الرئيس الأسبق ريجارد نيكسون "التاريخ" بصفته أول رئيس أمريكي يستقيل أو أجبر على الاستقالة من منصبه على خلفية ما عرف بفضيحة ووترغيت الشهيرة. كثيرا ما تُقدم هذه الفضيحة على أنها انتصار هام لحرية الصحافة لأن أبطال الكشف عنها كانا صحفيين مغمورين يعملان في صحيفة واشنطن بوست، هما "بوب وودوارد" و"كارل بيرنشتاين" اللذان لم يُكرما بجائزة "بوليتزر برايس" المرموقة للصحافة الاستقصائية فحسب، بل وتحولت قصتهما إلى فيلم شهير جسّد فيه نجما هوليوود الشهيران "دستن هوفمان" و"روبرت ريد فرود" دورهما. حينها خسرت السياسة ممثلة في الرئيس الأمريكي السابع والثلاثين الذي تنحى من منصبه تحسبا لإجراءات العزل في الكونغرس، بينما نال الإعلام أكاليل الغار. فهل سيتكرر هذا السيناريو في عهد الرئيس الخامس والأربعين ترامب؟ وهل ستنجح السلطة الرابعة في الإطاحة بالسلطة الثانية التنفيذية؟ أم أن السلطة الرابعة ستفقد "عرشها" الذي تتربع عليها منذ عقود؟
لم يخفِ دونالد ترامب احتقاره لوسائل الإعلام أثناء حملته الانتخابية واتهمها بالتحيز ضده. وبالفعل لا يمكن تجاهل وجهة النظر هذه لأن وسائل الإعلام تعاملت منذ بداية ترشحه على أن ترامب مجرد فقاعة عابرة سرعان ما تنتهي. ومن هنا شكّل فوزه المفاجئ في الانتخابات صدمة، بل وصفعة قوية لأسماء لامعة في عالم الصحافة. ولو أخطأ سياسيون في توقعاتهم على هذا النحو الفادح، لصرخ الصحافيون بأعلى أصواتهم مطالبين باستقالة السياسيين "الفاشلين". بيد أن رجال الإعلام وبعكس السياسيين لا يُنتخبون وبالتالي يرون بأن لهم الحق في الاحتفاظ بمناصبهم حتى لو أخطأوا في حسابتهم والتي بكل تأكيد أساءت للصحافة ولسمعتها على المدى الطويل.
بيد أن أسباب العلاقة المتشنجة بين ترامب والإعلام أعقد من ذلك. من جهة لا يعتبر ترامب نفسه غريبا عن قطاع الإعلام ويرى بأنه ملّمٌ بهذه الصنعة مثل معرفته بأسرار سوق العقارات وبقطاع القمار والمراهنات وغيرها من الأنشطة التي برز فيها كرجل أعمال ثري. فقد عمل ترامب على مدى سنوات طويلة مقدما لبرنامج التسلية التلفزيوني المعروف "The Apprentice". من جهة أخرى يشهد قطاع الإعلام نفسه تغيرات هيكلية غير معهودة ومنافسة شرسة، لا سيما من وسائل الاتصال الاجتماعي الحديثة مثل فيسبوك وتويتر وانستاغرام والتي تتيح الفرصة للجميع لممارسة مهنة الصحافة وتداول الأخبار ونشرها دون اللجوء لوسائل الإعلام التقليدية مثل التلفزيون والصحافة المطبوعة والإلكترونية وغيرها. ومن دون شك فإن قدرة الصحف المطبوعة في التأثير على الرأي العام لم تعد حاسمة كما كانت عليه قبل عقود.
من الواضح أن ترامب يعزف على هذا الوتر الحساس بالذات الأمر الذي يغيظ الكثير من وسائل الإعلام. حتى الآن لم يعقد الرئيس الأمريكي الجديد سوى مؤتمرات صحفية معدودة تصرف خلالها بنوع من الفظاظة مع ممثلي وسائل إعلام معروفة. في المقابل اعتاد ترامب بأن "يغرد" عبر تويتر عدة مرات في اليوم مرسلا بهذه الطريقة رسائله إلى الرأي العام وإلى حلفائه وخصومه على حد سواء. ويبرر ترامب لجوئه إلى تويتر بأن وسائل الإعلام تتعمد تحريف رسائله وبالتالي فإن تغريداته تصل مباشرة إلى الجمهور دون الحاجة لوسيط. لكن يجب القول أيضا بإن هذا "العداء" الذي يبدو شخصيا يعبر أيضا عن أزمة حقيقية في قطاع الإعلام التقليدي. فمنذ انتشار شبكة الانترنت تواجه الصحافة المطبوعة وقنوات التلفزة على مستوى العالم سنوات عجافا. فقد تحولت الشبكة العنكبوتية بسرعة فائقة إلى المصدر الأول للأخبار والمعلومات حيث يستطيع الجميع الاطلاع عليها مجانا في معظم الأحوال. إزاء هذه الأزمة أضطرت الكثير من الصحف البارزة إلى إيقاف طبعاتها الورقية أو تقليصها إلى الحدود الدنيا الأمر الذي أدى إلى تسريح الآلاف من الصحافيين. ولا يرتبط ذلك بتراجع عدد القراء فقط، وإنما بالدرجة الأولى بتحولات عميقة في سوق الإعلانات التجارية التي لا تستطيع أي وسيلة إعلام العيش بدونها. الرابح الأكبر من هذه التحولات هي شركات حديثة العهد مثل غوغل وتويتر وفيسبوك التي ترتبط بالعالم الافتراضي. ولعل البيانات الأخيرة التي كشفت عنها "امبراطوية" زوكربيرغ صاحب شركة فيسبوك لا تترك مجالا للشك. ففي الربع الأخير من عام 2016 وحده حققت شبكة التواصل الاجتماعي أرباحا بلغت 3,5 مليار دولار. وهو رقم مهول بمعنى الكلمة، إذا ما عرفنا بأن فيسبوك بدأ نشاطه قبل اثني عشر عاما فقط. وبالتأكيد فإن هذا التطور العاصف جاء على حساب قطاع الإعلام التقليدي. والآن يتربص دونالد ترامب لتوجيه الضربة القاضية إلى خصومه من أمثال "نيويورك تايمز" و"سي أن أن" وغيرها. ويبدو أنه وجد في تويتر سلاحا "فتاكا" في معركته الشرسة ضد ما يصفه بالإعلام الزائف " Fake News Media". وفي نفس الوقت فإن تفشي ظاهرة الأخبار المفبركة والمزيفة عبر شبكات التواصل الاجتماعي أوضحت أيضا عجز الإعلام في مواجهة تحديات الثورة الرقمية.
في المقابل تلقى الرئيس الأمريكي الجديد خلال الشهر الأول لحكمه ضربات موجعة لم تكن وسائل الإعلام "بريئة" منها. فقد قام القضاء بتعليق العمل بمرسومه حول الهجرة. كما أُضطر مستشاره للأمن القومي "مايكل فلين" للاستقالة بعد أن كشف الإعلام عن اتصالاته المريبة مع السفير الروسي في واشنطن. بدوره سحب "أندرو بازدر" أحد المقربين من ترامب ترشيحه لوزارة العمل بعد ظهور تقارير إعلامية تفيد بأنه كان يُشغل في بيته عاملة منزلية أجنبية لا تملك ترخيصا للعمل. إزاء هذه النكسات المتتالية رد ترامب بتصعيد هجومه على وسائل الإعلام المعروفة، وفي مقدمتها صحيفة نيويورك تايمز ومحطات التلفزة "سي أن أن" و"آ بي سي" و"سي بي أس". وكعادته لجأ في ذلك إلى سلاحه المفضل "توتير" حيث غرّد مؤخرا قائلا: "إن إعلام الأخبار المفبركة ليس عدوي وإنما عدو الشعب الأمريكي."
لا تزال المعركة الدائرة بين الرئيس الأمريكي ووسائل الإعلام في بدايتها ويُنتظر أن تشهد واشنطن فصولا جديدة من هذا الصراع غير المسبوق في حدته وتوقيته. فلأول مرة يستهل رئيس أمريكي فترة ولايته بشن حملة هوجاء على الإعلام المكتوب والمرئي على الرغم من أنه يعرف جيدا العواقب المحتملة لذلك. في المقابل وجدت الصحف وقنوات التلفزيون في ترامب وتصرفاته ضالتها ومادة دسمة للأخبار والتقارير المثيرة والتي تأمل بأن تساعد في شد الانتباه إليها وفي استعادة اهتمام القراء والمشاهدين بها. حتى الآن تبدو المعركة بين الجانبين مفتوحة على كل الاحتمالات ولكن حدوث مفاجآت لا يعد أمرا مستبعدا.
د. ناجح العبيدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - توني عرفتك زين
جلال البحراني ( 2017 / 2 / 19 - 16:55 )
توني عرفتك زين-تلعب على الحبلين
أكيد أستاذ نافع تذكر أغنية حسين جاسم، توني عرفتك زين
اقرأ خبر رفض ترامب صفقة دبي
http://arabic.cnn.com/world/2017/01/11/donald-trump-dubai-damac-deal
واقرأ يبعث أبنائه لبناء المشروع
http://www.asiaelyoum.com/45954/2017/02/18/%D8%AF%D8%A7%D9%85%D8%A7%D9%83-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D8%B7%D9%84%D9%82-%D9%85%D8%B4%D8%B1%D9%88%D8%B9%D8%A7%D9%8B-%D9%8A%D8%AD%D9%85%D9%84-%D8%B9%D9%84/
___
الأغنية أبو (ويهين) ،، توني عرفتك زين!
https://www.youtube.com/watch?v=ZykVEn12m1I


2 - حسين سجواني عراقي؟!
جلال البحراني ( 2017 / 2 / 19 - 21:43 )
ألم يقول ترامب أن قرار منع دخول الأرهابيين يشمل الأصول أيضا
حسين سجواني بحسب مقابلة من الجزيرة من أصول عراقية!؟
يا خوفي ليطلع (سيد) همين! شيخلصنه من الجبير و مخابرات السعودية؟!
ترامب يرحب بحسين بحفل
https://www.youtube.com/watch?v=FDMaI69FWQU

اخر الافلام

.. قضية احتجاز مغاربة في تايلاندا وتشغيلهم من دون مقابل تصل إلى


.. معاناة نازحة مع عائلتها في مخيمات رفح




.. هل يستطيع نتنياهو تجاهل الضغوط الداخلية الداعية لإتمام صفقة


.. بعد 7 أشهر من الحرب.. تساؤلات إسرائيلية عن جدوى القتال في غز




.. لحظة استهداف الطائرات الإسرائيلية منزل صحفي بخان يونس جنوبي