الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من حوار ديمقراطي .. مع - الحزب القائد - !! ؟

بدر الدين شنن

2006 / 1 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


تشير المعطيات المتواترة على المستويين العربي والدولي ، إلى أن النظام السوري ، في تعاطيه مع أزماته الخارجية المتعددة والمعقدة ، قد انتقل إلى مرحلة تشكل إلى حد ما تجاوزاً لمرحلة العزل الدولي التي قادتها كل من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا . ومرد ذلك يعود بالدرجة الأولى إلى رد النظام " الإيجابي على عدد من المطالب " الدولية " المتعلقة بالعراق ولبنان وفلسطين ولجنة التحقيق الدولية في مقتل " رفيق الحريري " . كما يعود إلى تزايد المخاوف العربية والدولية من مخاطر انزلاق الحالة السورية إلى حرب مدمرة سوف تفضي إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط ، وإلى كوارث ومآس خطيرة ، وإلى تهديد إمدادات وأسعار النفط بالمزيد من الصعوبات والإرتفاع ، وانتشار الإرهاب على نطاق واسع . وقد برز ذلك ، بشكل خاص ، دولياً بموقف كل من روسيا الاتحادية والصين ، وموقف كل من مصر والسعودية عربياً
وهذا مارفع سقف تعاطي النظام مع أزماته الداخلية ، وأتاح له فتح ملف " الحوار " مع المعارضة وفق معاييره ومفاهيمه وخصوصياته . بدلالالة أسلوبه ، شكلاً وموضوعاً ، في الإعلان عن عزمه على الحوار مع المعارضة . فحسب مانشرته جريدة الحياة الصادرة في لندن منذ أيام على لسان حسن عبد العظيم الأمين العام للإتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي نقلاً عن عبد العظيم المغربي عضو وفد اتحاد المحامين العرب ، الذي قابل الرئيس الأسد والأمين القطري للحزب الحاكم أنهم - أي قادة النظام - " في صدد فتح حوار مع المعارضة بدءاً من الاتحاد الاشتراكي العربي الديمقراطي " . وقال حسن عبد العظيم " ربما يبدأون معنا . لكننا سنكون ملتزمين التجمع وإعلان دمشق " .. ؟
إن الصيغة المعلن عنها لفتح الحوار مع المعارضة تشي بأن الحوار لن يكون إلاّ سلطوياً وانتقائياً واحتوائياً ، وهو بعيد البراءة وعن المصداقية في فتح حوار ديمقراطي حقيقي لإعادة العافية إلى الحياة السياسية في البلاد . سلطوي لأن الحوار سيجري بين حزب " قائد " وحزب مقود ، بين حزب سلطوي ا ستبدادي وحزب تحت رحمة السلطة ، أي عدم وجود التكافؤ والندية . وانتقائي ، لأنه يتعامل مع القوى والأحزاب المشتركة بتحالفات بمعزل عن تحالفاتها ، ومثل هذا الحوار لن يكون نزيهاً من جهة حزب النظام .. فهو عدا عن أنه يسهل عليه الحوار مع كل فريق على حدة .. فإنه يفتح المجال لتفكيك هذه التحالفات من خلال المناورة والإغراءات والضغوطات . وهو احتوائي لأنه يجري بين أحزاب محظورة محاصرة بالمراقبة والقمع وبين حزب حاكم متكئ على د ستور مفصل على مقاسه ومسلح بحالة الطوارئ والأحكام العرفية والمحاكم الاستثنائية والعسكرية .. أي أن آليات السلطة الاستبدادية ، ولو بشكل غير مباشر ، هي أداة الاقناع الرئيسية . وما لم يسبق الحوار إلغاء المادة 8 من الدستور ، وترفع حالة الطوارئ وتلغى الأحكام العرفية ، ومالم يتم الإفراج عن المعتقلين السياسيين وعودة كريمة للمنفيين السياسيين قسراً أو طوعاً ، ويلغى القنون 49 لعام 1980 اللاإنساني، ما لم يتحقق ذلك على الأقل ، لن يكون الحوار المشار إليه ندياً وديمقراطياً ، وهو محكوم بالفشل ويعيد الأمور إلى نقطة الصفر .. إلى المربع الأول . بل يلحق الضرر الكبير بكل الأفرقاء ، حيث يستمر تمزق قوى البلاد السياسية ، في وقت تحتاج فيه إلى أوثق أشكال التحالف للخلاص من الاستبداد ومن موروثاته وآلياته وتداعياته ، ومواجهة أية مخاطر خارجية على الوطن في الحاضر والمستقبل
وقد كان على أهل النظام إذا صدقت النوايا لإجراء حوار بناء ، أن تبادر أولاً إلى طرح رؤية متكاملة للحياة السياسية تتلاقى مع طروحات المعارضة وتتفاعل معها إيجابياً ، رؤية مبنية على احترام الآخر وتفهم واحترام هيكلياته الخاصة وبرامجه ، وتتجنب ممارسة أي مسعى احتوائي تفكيكي للقوى والتحالفات القائمة ، وتبرمج توجهاتها الحوارية على هذا الأساس
وإذا ما بادر النظام فعلاً للدعوة إلى الحوار مع هذا الفريق أو ذاك من قوى المعارضة ، وقبلت هذه القوى الدعوة تحت سقف النظام ، فإن الدلالات المستجدة في هذا الصدد ، هي أن النظام قد انتزع المبادرة من قوى المعارضة ، وطرح مسألة تجاوز " إعلان دمشق " الذي حدد التعاون مع "" بعثيين " أفراد من حزب البعث الحاكم ، وا ستبعد اللقاء مع النظام كطرف في عملية التغيير الديمقراطي ، وأن الحوار الموعود سيضع منطلق وأسس هذه العملية ، وتصبح حيثيات النظام جدول أعمال أي حوار

ولهذا فإنه من المطلوب أن تبادر المعارضة دون تأخير بالرد المبدئي المقنع على إشارات النظام حول فتح الحوار وأسسه ومساراته وغاياته ، قبل أن ينزلق هذا الفريق أوذاك نحو الرمال التفاوضية المتحركة ، وقبل أن يبلغ النسيان أ شده لدى هذا أو ذاك من رموز المعارضة أن حزبه قد انسحب ذات يوم من التحالف مع النظام احتجاجاً على ورود المادة 8 في الدستور وملحقاتها .. ويقبل بعد ثلاثين عاماً ونيف من المعارضة أن يعود إلى بيت الطاعة تحت سقف الحزب القائد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار في -مجمع سيد الشهداء- بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنان


.. انفجارات تهز بيروت مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية




.. عسكريا.. ماذا تحقق إسرائيل من قصف ضاحية بيروت الجنوبية؟


.. الدويري: إسرائيل تحاول فصل البقاع عن الليطاني لإجبار حزب الل




.. نيران وكرات لهب تتصاعد في السماء بعد غارات عنيفة استهدفت الض