الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التضخم في مصر مركب..هل أخطأ صندوق النقد الدولي؟

احمد البهائي

2017 / 2 / 20
الادارة و الاقتصاد


التضخم في مصر مركب..هل أخطأ صندوق النقد الدولي؟....
وفق بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء قفز التضخم الأساسي في مصر إلى أعلى مستوياته في أكثر من عشر سنوات مسجلا 30.86% في يناير، وكان قد بلغ 25.86% في ديسمبر من العام الماضي ، وبحسب بيانات الجهاز فقد قادت الارتفاعات الحادة في أسعار الأغذية والمشروبات معظم تضخم أسعار المستهلكين بالمدن في يناير كانون الثاني حيث زادت تلك المواد بنسبة 37.2% ، ومن خلال قراءة المؤشرات السعرية الخاصة بالارقام القياسية لاسعار المستهلك ( الرقم القياسي لأسعار الجملة - الرقم القياسي لأسعار التجزئة - الرقم القياسي الضمني ) نعلم ان التضخم اعلى من تلك النسبة بكثير

تختلف الضغوط التضخمية التي تصيب اقتصاديات البلدان النامية من حيث طبيعتها وأسبابها عن الضغوط التضخمية التي تصيب اقتصاديات البلدان الرأسمالية ، وذلك نتيجة لاختلاف هياكل اقتصاديات البلدان النامية ، عن غيرها، ومدى قابلية تأثر اقتصادياتها بالتغيرات الاقتصادية والسياسية الإقليمية والدولية، مما يجعلها أكثر عرضة للضغوط التضخمية، خاصة أثناء التحولات والتغيرات التي تصاحب عملية التنمية الاقتصادية ، فجميع النظريات التي تناولت تحليل ظاهرة الضغوط التضخمية لم تقدم تفسيرا دقيقا وكاملا لظاهرة التضخم في البلدان النامية ، فحسب نظرية كمية النقود " لفيشر " اعتبر التضخم ظاهرة نقدية ناجمة عن الزيادة في كمية النقود ، بينما نظرية " كامبردج " اعتبرها ناجمة عن انخفاض تلك النسبة من الدخل التي يحتفظ بها الأفراد في صورة نقود سائلة، في حين ترى نظرية " كينز" التي أعطت للنقود دورا ثانويا وغير مباشر في التأثير على مستويات الأسعار بأن ظاهرة التضخم ترجع نتيجة بلوغ الاقتصاد مرحلة التوظف الكامل لعناصر الإنتاج، وبالتالي فإن كل زيادة تحدث في الطلب تودي إلى ارتفاع مستويات الأسعار نتيجة جمود جهاز الإنتاج المحلي وثبات عرض السلع، اما النظرية الكمية الحديثة والتي ترجع التضخم إلى الزيادة في كمية النقود المتداولة في الاقتصاد بنسبة اكبر من الزيادة في حجم الإنتاج، مما يؤدي إلى زيادة نصيب الوحدة المنتجة من كمية النقود المتداولة، وبالتالي حدوث الارتفاع في مستويات الأسعار، كما أن المدرسة السويدية الحديثة ترى أن التضخم يرجع إلى الزيادة في الاستثمار المخطط عن الادخار المخطط، الأمر الذي يؤدي إلى تحقيق فائض طلب في أسواق السلع وأسواق عوامل الإنتاج ، بما يؤدي إلى ارتفاع مستويات الأسعار، حتى فى البلدان النامية نفسها تختلف الضغوط التضخمية من بلد عن الاخر ، نتيجة لاختلاف أسبابها ودرجة تأثيرها ، والوضع السياسي للدولة ، وحسب درجة النمو في كل بلد ، وكذلك الظواهر الاقتصادية التي تصاحبها، والأدوات المالية والنقدية التي يمكن استخدامها لعلاج هذه الظاهرة .

ومع ذلك الفجوة التضخمية في مصر التي ازدادت واتساعت في الاونة الاخيرة هي خليط من نظرية كمية النقود والنظرية العامة لكينز، وينطبق عليها افكار المدرسة السويدية ، فالتضخم في مصر بالاضافة الى انه تضخم طلب فهو ايضا تضخم نقدي ، الراجع في المقام الاول الى التوسع في إصدار النقود الناتج عن إتباع سياسة تمويل هى في حقيقتها تضخمية ، بغرض تمويل برامج حسب رؤية الحكومة تعتبرها برامج استثمارية ، إلا أن إتباع تلك السياسة يودي إلى زيادة كمية النقود في الاقتصاد بمعدلات كبيرة تساهم في زيادة حدة الخلل في النظام الاقتصادي، بما يساهم في زيادة التقلبات السعرية وعدم تحقيق استقرار نقدي، نظرا للزيادة في معدلات الطلب الكلي على السلع والخدمات عن العرض الحقيقي منها، كذلك هناك جزء من التضخم لا يستهان به راجع الى الزيادة في الاستثمار وخاصة الاستثمار في مشروعات البنية التحتية التي تقوم بها الحكومة عن الادخار المخطط ، تؤدي الى خلق فجوة تتمثل في وجود فائض في الطلب في أسواق السلع، وفائض في الطلب في أسوق عوامل الإنتـاج ، يعني ذلك أن الطلب على السلع النهائية أو النـصف المصنعة الداخلة في الإنتاج وغيرها من عناصر الإنتاج تفوق الكمية المعروضة منها، والذي يؤدي بدورة إلى رفع مستويات الأسعار. ويؤدي الارتفاع في مستويات الأسعار إلى تحقيق المنتجين وأصـحاب المؤسـسات التجاريـة أرباحا خيالية وذلك لارتفاع خطط الشراء معبرا عنها بزيادة الطلب مقابـل ثبـات حجـم الإنتـاج ، فمع سوء الإدارة النقدية والمالية، وعدم وجود أسواق نقدية ومالية تعمل بكفاءة ، هذا بالإضافة إلى تدخل الحكومات في عمل السوق والحد من تأثير قوى العرض والطلب لتحقيق التوازن في الاقتصاد ، تكون المحصلة ارتفاع مستويات الأسعار، وظهور الفجوة التضخمية .

وعليه فإن علاج التضخم في مصر يتطلب تنفيذ مجموعة من السياسات النقدية والمالية وغيرها من الإجراءات التي تحد من الارتفاعات المتوالية في مـستويات الأسـعار ، وتخفف من حدة الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي تولدها الضغوط التضخمية ، فبعد فشل الحكومات المصرية المتعاقبة في إستخدام مالديها من أدوات السياسة النقدية والمالية في مكافحة الضغوط التضخمية ، ولم تنجح بما تملكه من وسائل في الحد من آثارها والعمل على تحقيق اسـتقرار نسبي في مستويات الأسعار المحلية ، لجأت الحكومة المصرية مؤخرا الى صندوق النقد الدولى للنهوض بالاقتصاد ولمكافحة التضخم ، حيث شخص صندوق النقد الدولي التضخم في مصر على انه تضخم " نقد "، ناجم عن الإفراط في عرض النقـود ، دون النظر الى اركان الفجوة التضخمية ، وهذا كان من اول أخطاء الصندوق ، وبناء علية قام الصندوق بإعداد برامج تهدف إلى معالجة الاختلالات النقدية التي يعاني منها الاقتصاد المـصري ، مع العلم ان صندوق النقد الدولي لم يطلب من السلطة المالية والنقدية المصرية القيام بتعويم الجنيه ولكن كعادات الحكومات المصرية تقدم مجانا ما هو غير مطلوب قامت بتعويم الجنيه امام الدولار، ومع ذلك فمن ضمن برامج الصندوق* تخفيض القيمة الخارجية للعملة الوطنية ، بهدف تخفيض العجز في ميزان المدفوعات، وذلك مـن خلال زيادة الصادرات، أي أن إتباع هذه السياسة حسب الصندوق يهدف إلى تنمية الصادرات وتخفيض حجم الواردات وإعادة التوازن إلى ميزان المدفوعات، وزيادة الاحتياطيات النقدية ، ولكن للاسف لم تحقق سياسة خفض قيمة العملة الهدف المنشود منها حتى الان ، فمن الاخطاء أن الصندوق لم يضع تقيم حقيقي لقيمة العملة الوطنية وترك العنان للتخفيض بدون ان يحدد له سعر مرن ، تارك العملة الوطنية تسبح في موج التقلبات النقدية دون ان يحدد لها مسافة وعمق ، حيث طبق عليه قوانين سباحة العملات التي تمتاز بالانتاجية والتشغيل الصناعي الكامل ، كذلك اخطأ صندوق النقد الدولي عندما أعتمد على نتائج أبحاث ودراسات لم تكن جادة في تحديد مدى نجاح سياسة تخفيض القيمـة الخارجيـة للعملـة الوطنية في تحقيق تحسن في ميزان المدفوعات ، فقد أخفقت الدراسات في تحديد درجة مرونة الطلب الخارجي على الصادرات المحلية ، وكذلك مدي قبول المواطن على الانتاج المحلي ، فنجاح سياسة تخفـيض قيمـة العملة في تحقيق التوازن في ميزان المدفوعات تتوقف على درجة مرونة الطلب الخارجي على الصادرات المحلية، كذلك زيادة معدلات الطلب المحلي على السلع المنتجة محليا، حيث أن ارتفاع درجة مرونـة الطلـب الخـارجي علـى المنتجات الوطنية نتيجة انخفاض أسعارها مقارنة بالسلع المنافسة في السوق الدولية يساعد على زيادة الـصادرات وبالتالي زيادة الحصيلة من النقد الأجنبي ، ما حدث هو ان مرونة الطلب الخارجي على المنتجات الوطنية لم يحدث بها تغيير بالقدر التي تعكس فعالية سياسة تخفيض قيمة العملـة الوطنية ، وذلك لانخفاض قدرتها التنافسية في السوق الدولية لاسباب تجاهلها الصندوق مع العلم نجدها ظاهره عند وضع الابحاث على الرغم من انخفاض أسعارها والذي ادى إلى تفاقم الضغوط التضخمية في الاقتصاد ، كما أن انخفاض الطلب المحلي على المنتجات الوطنية نتيجة زيـادة تفضيل الواردات لانخفاض أسعارها مقارنة بأسعار السلع المنتجة محليا والذي يرجـع إلـى اعتمـاد الـصناعات الوطنية على استيراد نسبة كبيرة من مستلزمات الإنتاج سواء كانت مواد أولية أو سلع نصف مصنعة ، مما يؤكد عدم جدوى عملية التخفيض والإقلال من فعاليتها في تحقيق زيادة في حجم الصادرات أو تخفيض حجم الواردات، الأمر الذي ساهم بالفعل في زيادة الاختلالات في ميزان المدفوعات ، والدليل على ذلك عندما فجر كريس جارفيس رئيس البعثة الفنية لصندوق النقد الدولى إلى مصر، قنبلة من العيار الثقيل، معترفا إن الصندوق كان مخطئا فى توقعاته لسعر الجنيه قياسا إلى أساسيات الاقتصاد مضيفا أن "تراجع قيمة الجنيه بعد تحرير سعر الصرف كان أكبر من توقعاتنا كنا مخطئين فيما يتعلق بأساسيات الاقتصاد ونتوقع أن تحدث عملية تصحيح تؤدى لارتفاع سعرالجنيه".

الخلاصة ، المشكلة ان صندوق النقد الدولي ورجال الاقتصاد في مصر ينظرون الى التضخم على انه تضخم " نقد وطلب" فقط وحل مشكلة الدولار او ارتفاع قيمة الجنية حل لمشكلة التضخم ، مع العلم قد ينخفض الدولار وقد يتواجد في سوق النقد وايضا كذللك مع الانخفاض في قيمته قد لا يتواجد ولكن في كلتا الحالتين قد لا تنخفض الاسعار،لان التضخم في مصر تضخم مركب بالاضافة الى انه تضخم طلب ونقد وتضخم في النقود المصرفية وتضخم في الارصدة النقدية،فهو ايضا تضخم استثمار وادخار واسواق عوامل انتاج والثـروة البشرية والاصول المالية .اذا يجب النظر والتعامل مع التضخم كفجوة تضخمية وتناولها كباكد Packet او حزمة او رزمة واحدة كاملة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نظرية ركاش
ركاش يناه ( 2017 / 2 / 20 - 21:13 )

نظرية ركاش
_______

عرضت استاذنا نظريات اقتصادية عديدة ( نظرية كمية النقود - لفيشر - ؛ نظرية - كينز- ؛ ... الخ ) ... لكن هذا لا ينطبق على مصر ... التى هى أم الدنيا ، و اللى بدعها كان فى الاصل حلوانى

لذلك مصر فى حاجة إلى نظرية ( تفصيل ) ... و ها هى نظرية ركاش تصف الداء و الدواء :

مصر تحتاج ، و تتحمل فقط 15 مليون مواطن لكى يبنوها و يخدموها و يدافعوا عنها ؛ و هم فى رغد و هناء و مستوى معيشة مرتفع

حكمنا حثالة البشر ( فاروق ، ناصر ، السادات ، ابو ريالة ، ابو زبيبة ، و ابو جلمبو ) فسرقونا و افقرونا و اذلونا و تركونا نتكاثر كالحشرات .. وصرنا بلا ثمن و بلا قيمه

الحل يحتاج الى 100 عام .. تدريجيا و سلميا .. ينزل فيها التعداد من 90 مليون الى 15 مليون .. ، .. و حجم الفساد من 100 % الى 20 % .. ، .. و يتم فصل الدين عن الحكم و الحياة العامة

....

اخر الافلام

.. برنامج الإصلاح الاقتصادي في تركيا يواجه مشاكل وغضب


.. صباح العربية | ورق عنب مطلي بالذهب يثير جدلاً واسعاً في الكو




.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 07 مايو 2024


.. مصادر العربية: احتراق أكبر بئر لإنتاج النفط في حقل زرقة شرقي




.. نشرة الرابعة | -النقد الدولي-: هجمات الحوثيين تسببت في انخفا