الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


امن الصومال ارجوحة الفاسدين والمتطرفين

خالد حسن يوسف

2017 / 2 / 21
مواضيع وابحاث سياسية



كبرى الاشكاليات في الصومال قضية الأمن وفي حاضرته مقديشو برزت هذه الاشكالية منذ عام 1989 حين ترهلت اجهزة الدولة بفعل ضعف الأمن والذي تصدع نتيجة لتدهور العامل الاقتصادي, ومشهد نهب سيارات المنظمة الدولية والدوائر الحكومية من قبل عناصر متعاطفة مع الموتمر الصومالي الموحد(تنظيم قبيلة الهويي), مثال على ذلك, اذا كان اعتياديا ان يتم الخطف من قبل سائق لدى هذه المؤسسات او آخرين ليس لهم صلة بها لعربات الدفع الرابعي ومن ثم عبور الحدود الصومالية - الاثيوبية ومنحها لتنظيم, وان تنتهي كأداة حرب ضد النظام والحكومة الصومالية, يضاف الى ذلك تصاعد وقائع السرقة المصحوبة بممارسة العنف ضد المواطنيين من قبل لصوص مسلحين او مستخدمين للعنف, وتبع ذلك انهيار الدولة الصومالية وتعرض الصومال لتدهور الأمني بدرجات متفاوتة ولا زال الأمر كذلك, وعدم العناية بالمؤسسة العسكرية الصومالية يمثل السبب الرئيسي لهذا المشهد الكبير والذي طال عمره.

حدث ان عين الرئيس الصومالي السابق حسن شيخ محمود, احد الضباط في الجيش الصومالي المنهار عام 1991 كرئيس اركان والمعروف ان هذا الضابط كان يتقلد منصب مدير اكاديمية الرفيق سياد العسكرية, وأكد الطلاب السابقين في الأكاديمية ان هذا الضابط كان يتصرف بالمواد الغذائية المخصصة لطلاب وان حصصهم الغذائية كانت في حالة تراجع مستمر, وذلك المشهد لم يكن القيام به قاصرا على الضابط المشار له, بل ان الأمر كان يشكل ممارسة شائعة من قبل الضباط في اوساط المؤسسة العسكرية عموما, والمغزى من ما تقدم هو تأكيد ان هذا المسبب كان ولا زال يمثل بواحد من اهم الاشكاليات التي تستهدف حياة افراد المؤسسة العسكرية وذويهم ومعنوياتهم للقيام بواجباتهم بالصورة المثلى والمطلوبة, وهو ما استفادت منه حركة الشباب المتطرفة وساعدها على ايجاد تواجد لها مع الكثير من العناصر في المؤسسة العسكرية والتي اصبحت مخترقة من قبل التنظيم او من قبل عناصر متنافذة في عموم الصومال.

شخصيا كنت قابلت في ديسمبر 2015 ضباط صوماليين شباب بلغ عددهم 40 في رحلة جوية ما بين انقرا - اسطنبول ومقديشو, وهؤلاء انهوا الدورة الدراسية العسكرية الممنوحة لهم من قبل الحكومة التركية, وفهمت ان عددهم كادرسين لدى العسكرية التركية يتجاوز ذلك, الى ان الملحوظ من تصرفات الكثير منهم انهم لم يتحلوا على غرار زميلهم رئيس الاركان بروح الانضباط العسكري والترفع عن مشاهد تسيئ لشرفهم العسكري, فالكثير منهم كانوا اقرب الى تجار الشنطة من هيئة طلاب انهوا دراساتهم العسكرية ولديهم هاجس عسكري امني, لم يرتدي احدا منهم الزي العسكري الذي يفترض ان يتميزوا به حتى اثناء رحلة عودتهم الى بلادهم, كما ان العديد منهم قد تم تغريمه من قبل مكتب ادارة الهجرة التركية في المطار نظرا لعدم رحيلهم في التوقيت المقرر لهم عسكريا! يضاف الى ذلك ان الكثير منهم كانوا يرتدون بدلات فوق بعضها البعض في ظل مشاهد تعكس ان اصحابها قد اصيبوا بتخمة جسدية!

وتلك الممارسات تؤكد غياب مؤسسة عسكرية صومالية ذات تقاليد ولوائح يمكن ان تساعدها في ممارسة مهامها الوطنية, في حين كان منظرالضباط كاشفا عند قرب وصول الرحلة الى مطار مقديشو, اذ اتجهوا في تتابع مستمر نحو حمام الطائرة استعدادا لتجنب حرارة الشمس وعدم تسببها في تصبب العرق منهم عند وصول الطائرة التركية الى الصومال, هؤلاء الضباط الصغار يفترض انه تم اختيارهم بعناية فائقة وهذا ليس حتميا ودلالة ذلك سلوكهم عوضا عن ذلك ان العديد من زملائهم كانوا قد فروا الى اوروبا للهجرة, ولا يعول على الكثيريين ممن عادوا من تلك الدفعات مسمى العسكرية الافتراضي, فما بال من تم تعيينهم كضباط ولم يغادروا الصومال! لا اعتقد ان ضباط ارتباط بمستويات الضباط الاتراك كانوا حاضرين خلال الفترة الدراسية لضباط الصوماليين الصغار.

وفي حين عين الرئيس السابق الضابط المشار له كرئيس اركان للجيش وقدم ايضا وعود مستمرة لتحسين واقع المؤسسة والتي حرم جنودها من مرتباتهم المتواضعة لفترات طويلة وهو ما يفسر تعاطف الجنود مع انتخاب مجلس النواب الصومالي لمحمد عبدالله محمد رئيسا في 8 فبراير 2017, وعطفا على ذلك جاء تصريح للأخير وذكر فيه ان مكافاة مالية بمبلغ 100 الف دولار ستمنح لمن يدلي بمعلومات عن الإعداد لتفجير ما من قبل حركة الشباب في مدينة مقديشو, والاعلان من منطلق تحفيز العامة للإدلاء بمعلومات امنية للجهات المعنية والتي لم تستطيع مواجهة حركة ارهابية يكن لها القطاع الواسع من الصوماليين الرفض وعدم تقبلها, ونظرا لغياب مواجهتها بصورة جادة استطاعت الحركة ان تكون اكثر مبادرة هجوميا على المؤسسات الافتراضية والشعب الصومالي.

بشكل عام ليس من المنطق ان المبلغ المذكور سيشكل كحافز كبير لصوماليين لمواجهة الحركة في ظل غياب مبادرة امنية متكاملة الملامح اكانت موجهة ضد الحركة او القوى السياسية المتنفذة في الصومال لاسيما ذات الطابع الغير رسمي واتي تمثلك السلاح والمال والمؤيديين لها, ورغم ان المبادرات تتطلب ان تكون ذات ابعاد عدة ومتكاملة الأدوار الى انني هنا اطرح تصور متواضع وارى انه عملي مقارنة مع مكافاة الرئيس والتي ستنتهي كحرج له نظرا لسلوكه سياق عاطفي تبسيطي للاستهلاك بدلا من الاتجاه لحلول اكثر نجاعة امنيا وسياسيا, وتأتي لاستيعاب رد فعل المواطنيين ولاسيما وان تفجير كبير راح عدد من الصوماليين كضحايا له قد وقع بعد انتخاب الرئيس الصومالي مباشرتا واستهدف المقر الرئاسي فيلا صوماليا, والاعلان يمثل سياق كان نظيره السابق يلجئ اليه ولم يجدي في ظل غياب الاولويات.

الأمن في مقديشو والصومال حاجة عامة يحتاجها الجميع وفي ظل عدم تفهم هذه البديهية فان التدهور سيستمر, وبتالي على الحكومة والاجهزة المعنية بأن تروج لسلعة الأمن على المواطنيين والعاملين في المؤسسات العامة والتي لم تتشكل بعد كما يجب, وبحسب علمي فان الجندي في الصومال ينال ما بين مبلغ 100 - 200 دولار شهريا اكان ذلك واقعيا او افتراضيا في حال عدم تسلمه راتبه الشهري والمُعرض لمماطلة الدفع, لدى على الجهات المعنية والممثلة بالحكومة ومجلس النواب والمجلس الأعلى وهو بمثابة مجلس شيوخ وكبار الضباط وهؤلاء لا يقلون عن 1000 شخص يستلم بعضهم عدة آلالاف من الدولارات, ناهيك عن النهب الذي يمارسه العاملين منهم في الاجهزة التنفيذية والرشاوي التي تصلهم من اتجاهات مختلفة وبما في ذلك دول خارجية.

ترى هل يعجز كل هؤلاء عن شراء امنهم وتلبية امن المواطنيين بمبلغ مبدئي وقدره مليون دولار؟!

ايضا رجال الأعمال الغير مرتبطين بحركة الشباب او من ليس لديهم ميليشيات ونفوذ اذا افترضنا انهم كذلك؟

حركة الشباب تخترق الجهاز الرسمي في مقديشو وغيرها بالمال بينما لا تستطيع الحكومة الافتراضية اختراق الحركة أياً كان اسلوبها!

اعتقد ان تفعيل مؤسسة عسكرية صومالية هو من اختصاص ذوي العلاقة, أما كمواطن فارؤيتي الغير موجه للجهات الرسمية وحصر الاطلاع عليها لوسط ثقافي محدود العدد, تكمن بان يتم تحفيز عدد 1000 عسكري يتوزعون ما بين قوات شرطة عسكرية تشمل 500 جندي و عدد مماثل لعناصر جهاز امني, على ان يبلغ راتبهم الشهري مبلغ 500 دولار للفرد بالاضافة لخدمات اخرى, فلا اعتقد ان ال 1000 شخص المشار لهم اكثر احقية من هذا العدد الافتراضي المقترح, الشرطة العسكرية هنا دورها مواجهة الميليشيات المسلحة وحماية الدولة ومؤسساتها وليس أمن النخبة لاسيما في ظل غياب تشكل نظام سياسي في الصومال, بينما يمكن لعناصر الجهاز الأمني تتبع عناصر حركة الشباب في مقديشو والاجهاض المبكر لهجماتهم(القوتان المذكورتان كنماذج وليس كمحصلة).

علما ان هناك دراسات واقترحات قدمت من قبل معنيين الى الجهات ذات الصلة ولم يتم الأخذ بها او تهيئة البيئة المناسبة لتكريسها عسكريا وامنيا, وفي المحصلة على المعنيين رسميا ان يشتروا امنهم وان يسعوا لإعادة أمن المواطنيين او ان يغادروا الواجهة لمن هم أكثر فعالية ومصداقية منهم, فمن لم يمكنهم تحقيق الأمن بهذا القدر المقترح وما شابهه لن يستطيع القيام باستحقاقات عدة آلالاف من الجنود والضباط والصف ضباط, والطريق نحو بناء مؤسسة عسكرية صومالية ينطلق من التزام تجاهها والعمل بشفافية مع ما له صلة بها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سباق التسلح العالمي يحتدم في ظل التوترات الجيوسياسية


.. جنوب إفريقيا تقدم طلبا عاجلا لمحكمة العدل لإجراءات إضافية طا




.. إخلاء مصابين من الجيش الإسرائيلي في معارك غزة


.. هجوم روسي عنيف على خاركيف.. فهل تصمد الدفاعات الأوكرانية؟ |




.. نزوح ودمار كبير جراء القصف الإسرائيلي على حي الزيتون وسط مدي