الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرحلة القادمة في الخطاب -القومي الثوري-: إيجاد مبرر لاغتيال الحريري!

باتر محمد علي وردم

2006 / 1 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


يجب أن أعترف بأنني أحمل الكثير من الإعجاب، إضافة إلى الكثير من التعجب أيضا للسياسيين والنقابيين والحزبيين والزملاء الإعلاميين من أصحاب التوجهات "القومية الثورية" والتي تقدم الدعم اللا محدود للأنظمة "الثورية القومية" والدكتاتورية العربية. مصدر الإعجاب هو في القدرة الإبداعية الهائلة لهؤلاء المثقفين، في إيجاد المبررات المختلفة والمتجددة في مختلف الأحداث للدفاع عن موقف هذه الأنظمة سواء كانت ظالمة أم مظلومة، وبغض النظر عن المصداقية الأخلاقية لهذه المبررات.

وقد شاهدنا عدة تجليات لهذا الإبداع، سواء في دعم النظام العراقي السابق والدفاع عنه مقابل كل التهم والحقائق التي يشهد بها الجميع حول التعذيب والقتل، وكل ذلك بإسم القومية ومقاومة الهجمة الأميركية الصهيونية، وكانت النتيجة طبعا انهيار النظام العراقي من الداخل قبل أن يسقط من الخارج.

والآن تقدم نفس المجموعة خدماتها العظيمة لسوريا، في مواجهة الإمبريالية والصهيونية ودعما للموقف القومي الصامد، وتقوم بواجبها بدون كلل في درء كل الاتهامات الموجهة لسوريا، سواء المبالغ بها أم التي تملك المصداقية، وهذا الدفاع يتم بطريقة إيديولوجية فجة بدون أدنى اعتبار للحقائق واحترام عقول الناس.

ولكن مصدر الإعجاب الفعلي هو في الإبداع الذي يحمله هؤلاء السياسيين والمثقفين، والذي يتميز برؤية طويلة الأمد لخطة الدفاع عن الأنظمة القومية الثورية. وقد لاحظنا في الآونة الأخيرة توجها جديدا لهؤلاء الإعلاميين والسياسيين يتمثل في توجيه التهم للرئيس الضحية رفيق الحريري نفسه، وهي تهم بدون أدلة ولا حقائق كالعادة. والهدف منها واضح تماما وهو محاولة رد التهمة على الحريري وتقديم مبرر لعملية "اغتياله" قبل أن تنكشف الحقائق حول التفاصيل المرتبطة بالجريمة، وذلك في خطوة استباقية في حال أظهرت الحقائق الجديدة وجود تورط فعلي لبعض رموز الأمن السوري أو رجاله في لبنان بهذه الجريمة.

التهم الموجهة للحريري حسب الذمة الواسعة للسياسيين والإعلاميين المؤيدين لسوريا هي أن الرجل كان ينفذ "مخططا صهيونيا" للضغط على سوريا وإجبارها على التراجع عن دورها الإقليمي المؤثر في المنطقة، وذلك بالتعاون مع "الجهات اللبنانية الإنعزالية" عن طريق قيام الحريري بتجميع "الطائفة السنية" في لبنان حوله، وبالتالي العمل على "تسنين" سوريا_ أي تحويل نظامها السياسي إلى الطائفة السنية- كما الخطة الأميركية في "تشييع العراق". أما التهم الأخرى فهي تتراوح ما بين "دفع المال" لعبد الحليم خدام وما بين تنفيذ مخططات "فرنسية" ضد الوجود السوري في لبنان.

هذا الوهم مذكور في بعض كتابات الإعلاميين المؤيدين للنظام السوري، وقد وجد طريقه إلى بعض الصحف المحلية عن طريق بعض الزملاء القوميين الثوريين اليساريين...الخ والذين وضعوا الحريري في قفص الاتهام، ليساهموا بذاك في اغتياله مرتين بعد أن صمتوا على جريمة اغتياله المادي ليصنعوا اغتيالا معنويا جديدا له وبدون أي تأنيب ضمير أو إحساس بالمسؤولية الأخلاقية.

أما مصدر التعجب من هذه المواقف فهو باختصار أن كافة الزملاء الثوريين القوميين يقدمون نصائح الصمود والتصدي للنظام السوري ولكنهم يتجاهلون الحل الوحيد المنطقي في هذا السياق وهو قيام العناصر ذات النية الطيبة في سوريا بحملة تطهير لكافة "أفراد العصابة" التي حكمت لبنان بالحديد والنار وساهمت في هذا المد من الجفاء الشعبي الواضح الذي أظهره الشعب اللبناني للوجود السوري. وكذلك التوجه إلى دعم الجبهة الداخلية في سوريا والشعب السوري العظيم الذي يستحق حكومات أقل فسادا ونظاما من الحريات والعمل السياسي المؤسسي الذي يساهم في تمتين الجبهة الداخلية وهي العنصر الأساسي في رد العدوان الخارجي.

نتمنى أن يستمع رموز الحكم في سوريا إلى دعوات أشخاص صادقين مثل عارف دليلة ورياض الترك وغيره من المثقفين الديمقراطيين السوريين والأحزاب والتيارات السياسية مثل الحزب الشيوعي الذين يدعون إلى الحريات الداخلية ويرفضون تماما الاستعانة بالأجنبي، فهؤلاء جميعا أكثر حرصا على المصلحة السورية وعلى مصير سوريا من كل المثقفين والسياسيين القوميين الذين يدافعون عن الدكتاتورية والقمع واضطهاد الشعوب وإسكات الرأي الآخر بحجة مقاومة الإمبريالية والصهيونية وهم الذين عاثوا خرابا في ثقافة الأمة لعدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مدير المخابرات الأمريكية يتوجه إلى الدوحة وهنية يؤكد حرص الم


.. ليفربول يستعيد انتصاراته بفوز عريض على توتنهام




.. دلالات استهداف جنود الاحتلال داخل موقع كرم أبو سالم غلاف غزة


.. مسارات الاحتجاجات الطلابية في التاريخ الأمريكي.. ما وزنها ال




.. بعد مقتل جنودها.. إسرائيل تغلق معبر كرم أبو سالم أمام المساع