الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العيادة المسرحية

ايمان عبد الستار عطاالله

2017 / 2 / 23
الادب والفن


العيادة المسرحية
ايمان الكبيسي
استمد المسرح دوره العلاجي من ما طرحه (ارسطو) من مصطلح التطهير الذي استغله (ليفي مورينو) في تفعيل دور المسرح للعلاج النفسي في تجربة (السايكودراما ) كونها وسيلة تسعى لاستنباط واستخراج المشاعر الكامنة في النفس لعلاج مشكلات الشخصية وامراضها النفسية بالقيام بادوار تمثيلية تتسم بالعفوية, وهو بهذا دخل في مفارقة مع ما جاء به اسلوب العلاج النفسي الفرويدي المعتمد على سلبية المريض في التداعي الحر, فالسايكودراما تتطلب نشاط المريض في عملية العلاج فهو" متحرك منهمك بفعل التمثيل الذي يعيشه في التعرف على ذاته او مشكلته" (1). لهذا كان لا بد من تفعيل هذا الاسلوب في البلدان العربية بعدما مرت به من ظروف وصراعات كان للعراق حصة الاسد منها وعلى مدى عقود كان اخرها الهجمة الشرسة للفكر الظلامي الداعشي واحتلاله لمناطق شاسعة من ارض الوطن وانتهاجه لسلوك ابعد ما يكون عن الانسانية والتمدن, فنتج عن هذه الظروف افرازات مجتمعية وسلوكيات سلبية متعددة تمثلت بتوالد مظاهر العنف والادمان وغيرها من الامراض النفسية التي كان ولا بد ان تستوقف العقلاء من المثقفين والاكاديميين للبحث والحيلولة دون تفشيها واستمرارها والعمل على معالجتها, فكان في مشروع (العيادة المسرحية) للدكتور (جبار خماط) خطوة سباقة في هذا المجال في استثماره للاداء التمثيلي كاسلوب علاجي للكثير من الحالات السلبية التي برزت في الاونة الاخيرة على السطح فالهدف من العلاج بالتمثيل هو (تحقيق التكامل الذاتي للفرد او الجماعة ...وعن طريق التنفيس يمكن التخلص من عوائق التوافق وتعلم السلوك السوي تلقائيا)(2) فقد وجد(د.جبار) ان السبيل في حل المشكلات يكمن في التفكير بسهولة حلها لا بتعقيدها وتضخيمها من خلال افتراض عالم رحب يمكن من خلاله حل المشكلات, جاء ذلك بعد ان شّخص بعض ما تعاني منه الشعوب العربية من مشكلات بوصفها اكثر الشعوب تصادماً ودموية, منها غياب ثقافة تقبل الراي والراي الاخر, وسيادة عقل السلطة على سلطة العقل, وكثرة المسارح وقلة زائريها وهذا يعود الى اسباب متعددة منها انحدار وعي بعض المتخصصين بالجانب المسرحي بدور المسرح المهم في توجه رسائل توعوية تثقيفية للمتلقي, او لانحدار مستوى بعض الاعمال المسرحية الجماهيرية عن المستوى المطلوب, وعدم تلبيتها لحاجة الشارع ومتطلباته, واضعا ً نصب عينيه الدور الحقيقي للفن بوصفه طاقة كبرى لتجديد الوعي وطرح الاسئلة التي توضح القيم والمقدس بشكل واضح وجديد, فالمسرح بوصفة احد مجالات الفنون اتسم على مر الزمان بوظيفة تنورية تعليمية تعتمد ايدولوجيات مختلفة حسب الزمان والمكان, كما سلط الضوء على وباء الطائفية الذي يصيب العقل بافكار ظلامية تحتاج الى عيادة طارئة لمعالجته, فقد بدا يحرق الاخضر واليابس بعد ان وصل الى المثقف والفنان المسرحي.
وقد تناول(د.جبار) في الجانب التطبيقي لتجربته علاج حالات الادمان التي تزايدت في المجتمع العراقي نتيجة سوء الاوضاع المعاشية والاحساس بالاحباط والفشل من خلال زياراته المتكرره في مستشفى ابن رشد التدريبي للطب النفسي من خلال تقيمه للمحاضرات واناطة ادوار تمثيلية الى المرضى المتواجدين في المشفى بعد تمارين خاصة هادفاً الى اعادة ايمان المرضى بشخصياتهم والنظر الى العالم بايجابية, متسلحا بذكاء وارادة لصناعة المحبة وسط تراكمات الكراهية والعنف, مستندا على نسبة هرمون السعادة(الدوبامين)التي تصل للدماغ في ما اذا كانت قليله فانها توصل الفرد الى اللذة والضبط والتوجيه , وان كانت كثيرة تؤدي به الى الادمان الذي من علاماته الارباك والتشويش في الفكر والعاطفة , وقد تلمس بعد زيارات متعددة وعلى لسان الاطباء وبعض المرضى بوادر نجاح تجربته بعد ان اشرك المدمنين في عمل مسرحي يفترض عرضه يوم الاربعاء الموافق (22/2/2017), من ان علامات التعافي بدت تظهر على بشرتهم وارادتهم وانضباط جهازهم العصبي , وغيرها من المخرجات التي تبشر بخير كثير والتي ما كانت لتحصل لولا الايمان بالتجربة وجدواها من قبل رائدها والذي انعكس ايجابيا على المرضى المعنيين بالتجربة.

المصادر:
(1) السندي, بدرخان: السايكودراما , مجلة افاق عربية , العددالعاشر, 1987, ص76.
(2) العيسوي, عبد الرحمن: اضطرابات الطفولة وعلاجها, دار الرتب الحجامية, القاهرة ,2000, ص366








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخرجة الفيلم الفلسطيني -شكرا لأنك تحلم معنا- بحلق المسافة صف


.. كامل الباشا: أحضر لـ فيلم جديد عن الأسرى الفلسطينيين




.. مش هتصدق كمية الأفلام اللي عملتها لبلبة.. مش كلام على النت ص


.. مكنتش عايزة أمثل الفيلم ده.. اعرف من لبلبة




.. صُناع الفيلم الفلسطيني «شكرًا لأنك تحلم معانا» يكشفون كواليس