الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأُمّة العراقية والمجتمع المدني - المجتمع المدني والقوى السياسية والمجتمعية

حسين درويش العادلي

2003 / 2 / 15
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

الحلقة السادسة

SWEDEN

  

   مع بواكير عهد الإستقلال الشكلي لبلدنا ، ومع تنامي الوعي السياسي وبروز قوى ونُخب اجتماعية جديدة ، أخذت بعض التكوينات الفكرية والسياسية العراقية بالتشكّل الميداني ، وباشرت في طرح ذاتها على المجتمع ،.. وهو ما يمكن اعتباره التكوين الأول في إنشاء تجارب المجتمع المدني في العراق الحديث . من هنا شهدنا قيام حركات سياسية ومؤسسات نقابية واتحادات طلابية وجمعيات دينية ..الخ ، وهي تعبير عن الحركية المجتمعية والسياسية التي شغلت ساحتنا العامة ضمن رؤى المدارس العراقية المتعددة لطبيعة البناء المضموني والتجاربي للعراق الحديث .
   ولسنا هنا بصدد تقييم فعلها ونتاجها لمجتمعها ووطنها سلباً أو إيجابا ، بقدر ما يعنينا هنا تلمّس تعاطيها في مجال العمل المجتمعي كخطوط كلية ضمن أنشطتها العامة ،.. إذ يؤخذ عليها :

1- أنها لم تؤسس لتجارب مجتمعية تزاوج بين الأصالة والحداثة في منظوماتها الفكرية والبرامجية ، وهذا يشمل مدارس الأصالة والحداثة بشكلٍ وآخر ، فلم تلحظ خصوصيات الواقع العراقي في أنظمته القيمية والوطنية والتأريخية ، بل عمدت إلى الجمود على منظوماتها الذّاتية دون أن تُباشر بعملية هيكلة شاملة لمتبنياتها بما يتلائم والواقع الحديث للعراق ،.. وهذا مما أضرّ بخلق توازنية مجتمعية على مستوى وعي الذّات ووعي الواقع ووعي المستقبل ، وساعد في تعويم منظومات الإرتكاز القيمي والحداثي المطلوب توافره لأية تجربة مجتمعية ناجحة يمكن البناء عليها لتأسيسات جديدة .
2- أنها غالباً ما اعتمدت الرؤى والطروحات العامة على حساب التجربة المجتمعية العراقية ، أي أنها شدّت الفكر والعاطفة والحركة صوب الخارج العراقي أكثر من تأكيدها على أولوية الداخل في إنجاز ذاته القيمية والوطنية ، وهي بذلك انطلقت من الأطراف إلى القلب ، أومن العام إلى الخاص ، وكان الأولى بها الإنطلاق من الخاص إلى العام ، لضمان وعي الذّات العراقية وإنجاح تجارب الوطن العراقي قبل الحديث عن ذات أُممية أو قومية أو إسلامية .
3- أنها غالباً ما اعتمدت المعايير الضيّقة في خطواتها العملية بعيداً حتى عن المنظومات البُنيوية التي تتبنّاها نظرياً ، فمعيار العِرق والطائفة والقبيلة والحزب والعائلة والفرد ..كانت هي المؤسِسة للثقل التجريبي على أرض الواقع ، فاندفعت تتعاطى مع التجارب الإجتماعية والوطنية انطلاقاً من هذه النافذة ولم تشفع لها متبنياتها النظرية من الخروج عن أُطر المعايير الضيّقة عملياً .
4- انها لم تنجح في الإتفاق على مُركّب بنيوي وطني جامع يمثل الممكن والمشترك للمدارس البُنيوية والسياسية العراقية ، وطرح هذا المركّب كقاعدة وطنية عامة تستندها كافة تجارب المجتمع العراقي على تنوعها ، بل مارست الوقفية عند رؤاها ومتبنياتها بعيداً عن صياغة جوهرية لمنظومة مشتركة يمكن من خلالها توحيد الجهد الوطني في المواجهة أو البناء ، مما أضر بوحدة وتناغم وإيجابية العمل العراقي برمته .
5- أنها استغرقت جهدها ووجودها ورسالتها في البُعد السياسي كأولوية ، ولم تلحظ ضرورة العمل المجتمعي على صعيد إبداع تجارب مجتمعية خالصة في أُسسها وأبعادها ورسالتها ، وحتى بعض مشاريعها المجتمعية فإنها قد سُيّست أو حُوّلت إلى واجهات لمشاريع سياسية معينة وكان المطلوب احترام مهنيتها ورسالتها كقاعدة أساسية وإن تعاطت مع الشأن السياسي . لقد أضرَّ ذلك بمبدأ التنمية المجتمعية والتي تُعتبر الأساس في إبداع التجارب الوطنية برمتها ، حتى تلحظ ضعف النَفَس الجمعي في التخطيط والعمل والمواصلة في الثقافة المجتمعية العراقية .
6- أنها لم تلحظ ضرورة تحويل تجاربها النُخبوية والسياسية وبعض التكوينات المجتمعية المتفرعة عنها إلى نماذج تأسيسية نموذجية مُصغّرة يمكنها الإرتقاء بخطاب ووعي وممارسة الساحة والأوساط العامة ، أي أنها افتقدت إعطاء الإنموذج والمثال الفعلي ولما يمكن أن تقوم عليه تجارب الغد من تنظيمات وفاعليات .. وهي النُخبة التي يتطلع إليها المجتمع كرائدة في إجراء التحوّلات المجتمعية والسياسية والحضارية لبلدها .
   وعليه نرى : ضرورة إعادة صياغة العلاقة بين فاعلياتنا المدرسية والخطّية وبين عموم مجتمعنا العراقي ، والتي نرى أهمية قيامها على مباديء :
1- الإتفاق على مُركّب بنيوي جامع ومشترك (( وهو لدينا يرتكز على الأصالة والحداثة والتنمية )) ينبثق عنه مشروع وطني شامل .
2- خصوصية التجربة العراقية التي تلحظ واقع وميزات وخصائص مجتمعنا في جوانبه كافة .
3- اعتماد المعايير الوطنية العامة بعيداً عن الأُطر الضيّقة ، وتركيز العمل وتخصيصه بالعراق فقط لضمان قيام تجربة وطنية حقيقية .
4- العناية بالرؤى والتجارب المجتمعية الصّرفة كبُنى تحتية صُلبة تستندها التجارب الأُخرى ، لضمان خلق ثقافة وقيام نماذج عملية تُساعد الواقع المجتمعي على خلق حركية باتجاه تفعيل أنشطته المدنية .


 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا