الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر بين روسيا وأوربا

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2017 / 2 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


مصر بين روسيا وأوربا
تبدو العلاقة المصرية الروسية علاقة غريبة ، مثل قصص الحب من طرف واحد ، فقدت مبرراتها ، لكنها مازلت مستمرة . كان إرتماء مصر 30 يونيو فى أحضان روسيا له مايبرره ، بسبب موقف الغرب السلبى من إستجابة الجيش لإرادة الشعب المصرى وقيامه بخلع نظام الإخوان من الحكم ، وإعتباره ذلك إنقلاباً عسكرياً ، وليس إنقلاباً شعبياً ، أو إنقلاباً حارساً ، كما يسمى فى العلوم السياسية ، تم بإرادة شعبية ، كما كان الحال فى الواقع ، ولكن هذا الموقف سرعان ماتحلحل ، خاصة من الجانب الأوربى ، وكما هو معروف ، وعادت العلاقات المصرية الأوربية إلى طبيعتها وأكثر ، وأصبحت دول الإتحاد الأوربى ، خاصة فرنسا وألمانيا، أهم مصدر للدعم السياسى والإقتصادى والعسكرى لمصر ، فى مواجهة التحديات الخطيرة التى تخوضها فى معركتها الطويلة مع الإرهاب ، ثم تحلحل هذا الموقف الغربى تماماًً بوصول ترامب إلى الحكم فى أمريكا ، وإعلانه الصريح عن دعمه للنظام العسكرى الحاكم ، دون أى تحفظات تذكر، ومع ذلك ظل إرتماء النظام العسكرى فى مصر فى أحضان روسيا مستمراً ، بشكل بدا وكأنه توجه خاص بطبيعة النظام نفسه ، وليس تعبيراً عن المصلحة المصرية العامة ، وذلك بإ ستمرار تبنيه لمواقفها فى الصراع الإقليمى الجارى ، وللموقف فى سوريا ، وتخليه عن أى رؤية خاصة ، كان يمكن أن تساهم فى تقديم حلولاً بديلة للأزمة ، ثم بإستمرارإستجابته للرغبة الروسية بالتواجد فى جنوب البحر المتوسط ، بعد أن وطدت أقدامها فى شرقه ، من خلال الإصرار على منحها ، وبالأمر المباشر دون مناقصة ، حق إنشاء وإدارة محطة الضبعة النووية ، رغم ماينطوى عليه ذلك من مخاطر بيئية ، وتبعية إقتصادية وسياسية ، وتهديد لأمن البحر المتوسط نفسه ، المجال الحيوى المصرى الأول.
إن هذا الخضوع الغريب من النظام المصرى يقابله على الجانب الآخر إستهتار تام ، وعدم تقدير للظروف الإقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر، من خلال الإصرار على عدم إستناف حركة السياحة الروسية إلى مصر ، رغم إدراكه أن السياحة الروسية تمثل نسبة كبيرة من السياحة المصرية ويمكنها أن تقدم يد المساعدة فى هذه الظروف الصعبة فعلاً ، وذلك رغم إستجابة القاهرة لكل ماوضعته روسيا من شروط ، وإنشاء صالات خاصة للسياح الروس بمطار القاهرة، فى الوقت الذى إستأنفت فيه معظم دول الإتحاد الأوربى حركة السياحة مع مصر بدون أى شروط ، وكأن روسيا بذلك تكافئ المعتدى الذى أسقط طائرتها فى سيناء فى أكتوبر 2015 ، وتساعده على تحقيق هدفه فى ضرب الإقتصاد المصرى ، وهو الذى لم تفعله مع الصديق التركى مثلاً ، رغم مصرع سفيرها هناك ، ورغم حوادثها الإرهابية الكثيرة ، والتى لم نسمع عن واحدة منها فى مطار القاهرة ، الذى شوهت سمعته أمام العالم، مع كل بعثة تفتيش روسية تعود بتقرير عن إنعدام أمنه.
إن العلاقة المصرية الروسية فى حاجة إلى تصحيح فورى ، حيث أصبحت خطراً ليس على حاضر مصر فقط ، ولكن على مستقبلها أيضا ، إنها علاقة غير متكافئة مع صديق لئيم يأخذ أكثر مما يعطى ، ويبطن أكثر مما يظهر، فمشروع الضبعة النووى ودون الدخول فى تفاصيله الغير منصفة الكثيرة ، لايمثل خطراً بيئياً وعبأً إقتصادياً فقط ، ولكنه فى النهاية سوف يسفر عن ثكنة عسكرية روسية فى جنوب المتوسط ، تهدد أمن أوربا ، و تهدد تكامل العلاقات معها ، أمل مصر المستقبل ، بعد أن بدت رياح الشرق الأوسط ، والعالم العربى ، شديدة الخطورة والتقلب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. واشنطن بوست: صور جوية تكشف ملامح خطط إسرائيل لما بعد حرب غزة


.. المعارضة الكردية الإيرانية تصف طلب إيران بجمعها في مخيمات بـ




.. عشرات القتلى والمصابين في هجمات إسرائيلية على مناطق عدة في ا


.. دانيال هاغاري: قوات الجيش تعمل على إعادة 128 مختطفا بسلام




.. اللواء الدويري: الجيش الإسرائيلي يتجاهل العوامل الغير محسوسة