الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سياسة الحقيقة والحب والجمال

محمد التهامي بنيس

2017 / 2 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


سياسة الحقيقة والحب والجمال

منذ أن أثارني فيلسوف المناضلين وشاعرهم الأستاذ الأخ عبد الرحمن الغندور , باعتناقه ثلاثية ( الحب والجمال والحقيقة ) صرت ممتنا له بسبر أغوار هذه الثلاثية , وأنا أتساءل عن أهمية الحب في ممارسة السياسة , خاصة وقد تذكرت أنني لا مست ما يشبه هذا الموضوع حين كتبت يوم 7 – 6 – 2014 موضوع الرومانسية السياسية , وقلت انطلاقا من الحب والحقيقة ومتعة النضال : إني لم أستسغ إلى الآن السكوت عما اجترحه الإخوة في خضم النضال وما يفتعل في ذاتهم الاتحادية في صمت بعد المؤتمر الوطني التاسع . وبالحقيقة قلت : كفى . كفى كرها لهذا الحزب . لقد يتمت البيوت الاتحادية في مختلف الأقاليم وندبت المقرات حظها البائس وأوصدت الأبواب وأكلت الأرضة ما تبقى من تجهيزات وتفرقت الجماعات , فغابت متعة وجمالية النضال , وعنكب الوجوم على كل الملامح وبحت الأصوات وتكسرت الأقلام . إلا من بعض الفلتات الغيورة المحبة التي تفضل عدم الانقطاع ومواصلة أنشطتها مهما كانت متقطعة , ومهما كانت بلا طعم ولا متعة وإلى جانب هذه الإثارة , استفزتني أيضا بعض الأسئلة من طرف إخوان وأخوات وأصدقاء وصديقات ممن دعوتهم ليكفوا عن الانتقاد السطحي عن بعد , وضرورة انخراطهم في العمل السياسي ليتعرفوا على واقع الأحزاب عن قرب , فكان لسان حالهم يسأل : أي حزب من الأحزاب الحالية يمكنه أن يستوعب قضاياهم ويساير تطلعاتهم ويقدر على استقطابهم بحمولتهم الفكرية المجتمعية , ولا يعيش صراعات هامشية تبعده عن رسالة التأطير وتكوين النخب . وحيث أن السؤال يحمل حكما مسبقا على أنه ليس بين ما هو متواجد من الأحزاب . حزب تتوفر فيه المواصفات المطلوبة مجتمعيا . ولأن من كانت تتوفر فيه افتقدها في الآونة الأخيرة . قادني فضول الإثارة وفضول الاستفزاز , لتأمل المشهد السياسي انطلاقا من تجربة متواضعة عمرت 42 سنة , واعتمادا على مقارنة ما كان عليه الفعل الحزبي وما هو عليه اليوم . ودون الخوض في المواقف وتغيرها بتغير المحطات وصراعاتها الداخلية والثنائية وصراعات المخاصمة . قادني فضول الإثارة للاقتناع بأن الأحزاب السياسية التي تنتج عشاقا في مختلف البقاع . هي أحزاب حية , ولا يزال لديها أمل في ضمانة بقائها على قيد الحياة , حتى لو انتقلت فسحة الأمل – مهما كانت ضيقة – إلى مولود ينبعث من رحمها حاملا صفات المناضل المتشبث بعشق النضال وجمالية النضال وحقيقة النضال . مؤكدا عكس المنحى الواهم بأن لا وجود للحب في الفعل السياسي , وأن ما يمارسه أصحاب هذا المنحى هو سحب للرحيق من الجسد الذي صار يحيى في بيئة القحط . بينما المولود يريد أن يحيى في بيئة خلاقة تخلق منظومات جديدة لحب جديد , مبتعدا تماما عن قواعد ومواثيق الفساد وجرائم الإقصاء وجحافل التزوير , التي ترى أن الحب في السياسة مجرد وهم . مجتازا لنقطة الاستحالة ومتخطيا متاريسها , ومنطلقا من الإخلاص ( في الحب بالديمومة ) كما يقول أحد مؤسسي الحزب الاشتراكي الموحد الفرنسي ألان باديو . في فقه الحياة . فميلاد المولود البديل الديمقراطي المغربي يتم على أساس : ( علاقة حب صادق يتجدد باستمرار, لأنه إجراء حقيقي قد مر بتجربة الاختلاف , ويبقى دائم الارتباط , ولأنه قضية ديمومة وبناء متواصل وابتكار شكل آخر لهذه الديمومة وضرورة المرور إلى الالتزام لأنه الحب الحقيقي الذي ينتصر على نحو مستديم )

وانطلاقا من ثلاثية : الحقيقة والحب والجمال . ألاحظ حقيقة جلية . أن قيادات أحزابنا فشلت في إشاعة حب النضال من أجل قضية حقيقية يعشق المناضل جمالها ومتعتها فيتشبث بها كمبادئ وقيم , وكلهم وأؤكد كلهم .فاشلون في الحب ولذلك لا ينجحون في السياسة , يقصرون المسافة بينها وبين حبها , بالكره وبالإقصاء وفتح جبهات العداء . ولذلك نرى أن أحزابنا بهذا الكره , أضاعت حقيقة النضال , النضال الصادق المسخر لخدمة الجماهير الشعبية , كما أضاعت حب الوطن وحب القضية , كما أضاعت جمالية الانتصار للرأي العام والمصلحة العامة والمتعة بما يبلغه المجتمع من رقي وتقدم وحرية وديمقراطية , وكانت النتيجة أن فقد المجتمع ثقته في السياسة والسياسيين – وما الأسئلة الراهنة المطروحة على الأحزاب , إلا دليل على أن سبب النفور والعزوف . إنما يعود في الأصل ’ لافتقادها لثلاثية الحقيقة والحب والجمال . فكل أشكال ممارساتها اليوم , ليست إلا ستارا يمارس بغباء شكلية أسلوبها الديمقراطي سواء المطبق أو المطلوب تطبيقه بنوع من القمع تحت راية الديمقراطية الداخلية . زيادة على أن لا أحد من هذه الأحزاب أو النخب يوافق الآخر . وهذا ما يعطي للأسئلة شرعيتها . هل في غياب الديمقراطية الحزبية أو في شكل تواجدها كحفنة ملح تذوب في ماء عكر تنتهي إلى لا شيء . يمكن أن تتوفر الممارسة بالحقيقة والحب والجمال . وتغري باستقطاب المتعطش للمساهمة في العمل الحزبي والسياسي ؟

إنه وبدون تعب الغوص في الأنظمة الداخلية – والتي لا تطبق ولا يحتاج إليها , إلا عند احتدام صراع ما – فإن ما يلاحظه الجميع . أنها أحزاب لا تسمو إلى مستوى الجماهير التي تجاوزتها بكثير , لأنها غير قادرة على متابعة واستيعاب وعيها , ما دامت منشغلة بصراعاتها الداخلية وتعاني من صعوبة حسم خلافاتها البادية للعيان

إذن والواقع على ما هو عليه . هل نستسلم ونردد ( هذا ما أعطى الله ) ويكون جوابنا للمتسائلين الراغبين في الممارسة الصادقة داخل حزب ما . أن يتأقلم مع واقع حزب قد يوصف بالوصف العامي ( الأعمش في دار العميان , كحل العيون ) أو نقنعه بحقيقة وجودنا كمغاربة من حقنا أن يكون لنا حزب يعيش على الحب والجمال كحقيقة وليس كوهم . فالحقيقة غذاء للعقل السياسي , والجمال غذاء للممارسة السياسية الطاهرة , والحب يجمعهما في علاقة طردية . وما دام الحب هو أساس الحياة السياسية , فهو الذي يدفعها للاستمرار ويدفعنا لنكون شحنتها الإيجابية التي تقف ضد كل شحنات المصالح الشخصية التي لم تنتج سوى كره السياسة والنفور منها . فلولا حقيقة حب الشعب الفلسطيني مثلا لأرض فلسطين لما استمرت فلسطين حية وقضيتها حية . ولولا حقيقة ما نطالب به وما يسمى قضيتنا , ما اجتمعنا على مطلب وجود حزب , شعاره الحب والسياسة . حزب يبلور بين أنظمته وقوانينه ومبادئه , هذه الروح التي تجعل السياسة حقيقة وحبا وجمالا
هذا الحزب المنشود , لا يولد من عدم , فهو منبثق من الشعب ومن أجل الشعب . يقوم باستمزاج رأي الجميع , الذي مارس السياسة وجربها ونفر منها , والذي يبحث عن فضاء طاهر نقي لممارستها في كل أنحاء الوطن لأن الوطن الموحد حقيقة , نحبه وندود عنه وهو غذاء لعقلنا السياسي والاجتماعي والاقتصادي , مطلوب منه أن يوفر لنا مجال الممارسة السياسية بجمالية وعشق وإخلاص وصدق . ومن هذا الاستمزاج تصاغ الأفكار وتوثق المبادئ فلا تكون مفروضة ولا منزلة , لتبقى دستورا مرنا , من المنخرط وإليه , يعدل ويتجدد وفق التطورات ومسارات الحزب المتجددة , فإن كان كذلك حظي بحب الجميع وانخراط الجميع وصدق ممارسة الجميع . أي أننا لا نريد له قوانين ومبادئ مستنسخة , بل نابعة من الاهتمامات الجماعية

هذه ليست طوباوية ألصقها بحزب لم يؤسس رسميا , بل لأني أعرف كيف يبني نفسه ؟ كيف يستشير قواعده الآنية والمستقبلية ؟ كيف يحول الكره إلى حب وهو يتجاوز محنة المتاريس بصبر وإلحاح ؟ وإذا كان ما ينقصه حاليا , هو القدرة على التواصل المستمر , فلأنه فتي يحتاج لكثير من الإمكانيات التي تمكنه من أن يكون بديلا يبث روح ثلاثية الحقيقة والحب والجمال . وبأنه لا يكره الآخر , ولا يعتبر نفسه يقوم على أنقاض أي كان , وبأنه يدخل غمار الساحة السياسية الواسعة بأسلوبه الخاص المبني على سيادة حب الوطن وشعب هذا الوطن , وحب النضال الطاهر الخالي من أية كراهية , ويقدم نفسه بديلا ديمقراطيا , جسما حقيقيا ينبع من جمال الروح السائدة بأخلاقها وأدب نضالها وإيجابية التصاقها بالجماهير الشعبية التي هو منها وإليها . إنه حزب البديل الديمقراطي , الذي ضرب موعدا مع الحقيقة والحب والجمال في ممارسة السياسة الجميلة الصافية , وحدد لها تاريخ مؤتمره التأسيسي يوم 7 ماي 2017

فاس . محمد التهامي بنيس
25 – 2 – 2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا