الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتعصف الأمطار، مرة أخرى، بالبُنى التحتية والعادات والسياسات التواصلية

وائل بورشاشن

2017 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


1

“اكتشف” الجميع مرة أخرى مدى هشاشة بُنانا التحتية، بعد يوم ماطر بمدينتي الرباط وسلا فاقت فيه مقاييس التساقطات المطرية مئة ميلمتر. وتحدث الجميع، مرة أخرى، عن "خصوصية قَدَر المغرب" فازدهار اقتصادنا تابع لتساقط الأمطار، و"انكشافُ عيب" بنانا التحتية مرتبط هو الآخر بها. والمشكل هنا ليس في الأمطار، بل في سياسة رد الفعل والانصياع للقدر بكل تواكل ورضوخ، دون إعداد عُدة واستعداد لإمكانية اختلال اليومي والمُعتاد.
لكن ليس هذا ما أبغي الحديث عنه اليوم، فمشكل البنية التحتية أَعوَصُ وأََعمَقُ من الانتقاد العابر دون أدوات تمكن من ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ما أريد الحديث عنه هو ما بدا لي جليا وأنا متوقف لساعتين بمحطة طرامواي مدينة العرفان، منذ الواحدة وخمسين دقيقة بعد ظهر يومه الخميس 23 فبراير، وهو أن تفشي مشكل عدم الاهتمام وسياسة رد الفعل، لم يتوقف عند المغربي في حياته اليومية ومؤسساته الرسمية بل تعداه للشركات الخاصة وشركات التدبير المفوض. فبعد أزيد من ثلاثة أرباع الساعة لم يسمع ركاب الطرام إلا تنبيها واحدا بالتوقف، مُذَيلا باعتذار بارد. ولم نعرف، نحن ركاب الطرام، ما المشكل إلا بعد ساعة ونصف، صُدفَة بعد حديث جمع أحد مسؤولي المُراقبة براكب من الركاب!
هذا المشكل التواصلي، لا تقف أضراره عند تضييع مصالح مُرتادي الطرام بل تتعداه لإظهار أن الجانب الربحي هو الطاغي عند الشركة، دون تفكير في الخدمة التي يجب عليها أن تقدمها. فَمُرتادوا الطرام لمدة ساعتين التي بقيت فيها داخله، علما أنه بقي متوقفا لمدة تزيد عن الست ساعات، ظلوا يشترون تذاكر السفر ويُؤشرونها دون تنبيه من الشركة إلى أن هناك توقفا كليا لخدمات الطرام لمدة غير مُحددة.
هذا المشكل يُظهر غياب سياسة تواصلية للأزمة عند مسؤولي شركة الطرامواي، وبالتالي يُظهر غياب استعدادهم لإمكانية اختلال "اليومي"، وبالتالي غياب اهتمام بالإنسان المستفيد من هذه الخدمة ولو اختلت مصالحه بشكل كبير خصوصا وأن الأمر يتعلق بوسيلة النقل (الرسمية) بين مدينتي الرباط وسلا.
ولا يقف هذا الغياب في تواصل الأزمة عند شركة الطرامواي بل يتعداه، طبعا :)، للمكتب الوطني للسكك الحديدية.
ففي نفس اليوم، وبعد وصولي لمسكني بمدينة سلا بعد سبع ساعات من التأخر! ذهبت لمحطة قطار (سلا المدينة) في التاسعة وعشرين دقيقة مساء، متوقعا أن يكون هناك تأخير خارج عن إرادة المكتب الوطني للسكك الحديدية، وكذلك كان. وبينما أنا جالس في المقهى الموجود بنفس المحطة حضر القطار المتوجه لمدينة سيدي سليمان، والذي لا يأتي إلا مرة في كل ساعتين، وذهب دون تنبيه صوتي رغم أنه جاء متأخرا عن وقته بثلاث ساعات أي أنه وصل مع العاشرة والنصف رغم أنه القطار المُبرمج للساعة السابعة وعشرين دقيقة.
الشاهد عندي أن القطار فاتني بسبب غياب تنبيه صوتي، وعدم اشتغال لوحة مواقيت القطارات، وتأخراتها :)، فإذا لم يكن التواصل حاضرا حتى مع الموجودين داخل مبنى المحطة، فكيف يكون مع من هم خارجها من المُستفسرين عن مواقيت القطارات ونقل الأمتعة والتأخرات!؟

2

ذكرني هذا الغياب المؤسف للتواصل في هذين المثالين، بحديث مع عم لي عن مدى هشاشة حياتنا المعاصرة، قال فيه إنه كلما تقدم الإنسان وزاد ارتباطه بالتقنية والآلة كلما زادت قابليته للرجوع إلى بدائيته عند فقدانها، فالتقنية الآن عَصَبُ الحياة ويكفي أن يغيب الكهرباء لتتوقف هذه الحياة، على الأقل كما نعرفها الآن.
لكن ورغم كل ما قيل، يبقى لكل لحظة سَيئُهَا وجَمِيلُهَا، وتبقى لكل لحظة سيئة فَلَتَاتُها التي نقترب فيها من أنفسنا، وكانت فَلتَة ذلك اليوم المشهود، في جمال منظر اختزنته ذاكرتي اختزانا للسلاويين وهم يَقطَعُونَ قنطرة أبي رقراق مشيا على أقدامهم جماعات جماعات وأفواجا أفواجا، يسألون بعضهم البعض عن المشكل ويتواطؤون جميعا في تلويحهم برؤوسهم موافقة على أحاديث ضُعف البنية التحتية وسوء التدبير المفوض وجبرية القضاء والقدر..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم