الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة العربية تحت الاحتلال والنزاعات المسلحة

رانية عبد الرحيم المدهون

2017 / 2 / 26
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة


تحرّرت المرأة الغربية ، في مارس/آذار من عبودية القرون الوسطى في الغرب، في الوقت الذي قبعت فيه المرأة العربية تُناهض قهر المجتمع الذكوري ، من ناحية ، وعبودية الاحتلال والنزاعات المسلّحة ، من ناحية أخرى.

لقد غدت المرأة العربية - كعضو رئيسي في الأسر العربية - ضحية للحروب والنزاعات المسلّحة ، لا سيما في فلسطين ، والعراق ، والجولان، و مزارع شبعا . بالإضافة إلى ما تعانيه النساء في بعض البلدان التي تعاني من الانقسامات، مثل السودان والصومال ، إلى جانب ما تعانيه تلك المرأة العربية ، بعد رياح الخماسين التي هبّت على الربيع العربي ، ولا سيما الصراع داخل ليبيا ، والتدخل الأجنبي المُحتَمل ، والأحوال الغامضة داخل اليمن ، والبحرين ، وأكثر من منطقة عربية أخرى .

عانت المرأة العربية تحت وطأة الحروب والاضطرابات والنزاعات المسلّحة ، من عمليات اغتصاب واختطاف واعتقال ، إلى جانب الإبعاد والتهجير والتشريد ، إلى ذلك معاناتها من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعاني منها بلدانها.

لقد باتت المرأة أهم ضحايا النزاعات المسلحة ، تتحمّل مسؤولية طموح وأهواء لم تُشارِك فيها ، ولم ترنو في غالبية الأحيان إليها . ففي كل الحالات تعتبر المرأة هي المتضرِّر الأول من نتائج الحروب والنزاعات المسلّحة ، حتى لو لم تُشارِك بتلك النزاعات ، فهي أرملة أو أم لشهيد ، وهي زوجة أو أم لأسير ؛ هي العائلة للأسرة معنويًا ، وفي الكثير من الأحيان ماديًا .

كما حاصرت المرأة العربية الكثير من الحواجز والعراقيل ، والتي بات أهمها عدم تمكينها من الاستفادة من مواد القانون الدولي الإنساني، إلى جانب تهميش دور منظماتها النسوية العربية .



وتحت وطأة تلك المسؤولية، التي تنسج تفاصيلها المرأة العربية ، اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وسياسيًا، تبحث تلك المرأة عن موقع يحمل قدر من تكافؤ الفرص بينها وبين مثيلها الرجل .

ناهضت اتفاقيات جينيف الأربع ، في العام 1949 ، والبروتوكولين الإضافيين لها عام 1977 م - بشكل نظري ، ومنقوش على خريطة غربية ، تلهث وراء تكريس فكرة استخدام المرأة في دعم فكرة الاستقرار ، والسلام داخل مجتمعاتها - العنف ضد المرأة ، بما فيهم من يقعن تحت نزاعات مسلّحة ،

كما لاحت مؤخرًا في البلدان العربية الفعاليات والمؤتمرات، التي تتباحث وضع المرأة في الحروب والنزاعات المسلحة، ومحاولة تفعيل النصوص التي تقضي بحماية المرأة في حالة الحرب ، أوالنزاع المسلح، لا سيما في ظل قرار مجلس الأمن رقم 1325 ، للعام 2000 م ، والذي يتحدث عن حماية المرأة من آثار الصراعات المسلحة ، والعمل على زيادة تمثيلها في العمل السياسي.

وتتقدّم المنظمات الغير حكومية المرأة العربية ، كل أربع سنوات ، إلى المؤسّسة الدولية ، حاملة عدد من التقارير الموازية (تقارير الظل) ، لتناقش تحت رعاية العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية ، بالتفصيل ، كل الانتهاكات التي تتعرّض لها تلك المرأة ، حيث تواجه تقارير حكومية ، زائفة ومتواطئة في غالبيتها .

وعلى خلفية المقاومة ، ومجابهة الاحتلال ، والصراعات المسلّحة ، نحّت المرأة العربية تناقضات مجتمعها الذكوري الداخلية - فيما بينها وبين الرجل - جانبًا ، مواجهةً لظروفها الاستثنائية ، وتحمّلت مسؤولية النضال ، الذي لم يُعارضه الرجل في أوقات الأزمات ، في حين يُقصي ذلك الرجل العربي مرأتهُ عن المجال الاجتماعي والسياسي ، بعد تخطِّي أزمات الوطن الطارئة ، فيعيدها للمنزل ، أو بحد أدنى يُرجِعها إلى الصفوف الخلفية للعمل العام أو الوطني ، وكأنه يرتاب من مساواتها له ، في حين أن ما وصلت إليه المرأة العربية تحديدًا من مركز مميّز ، لم تهدُف من وراءه سوى صالح بلادها ، ومجتمعاتها .

تتعرّض النساء تحت نير الحروب والنزاعات المسلّحة لكثير من المعاناة ، التي لا تتلخّص في المداهمة ، والاعتقال ، والإبعاد ، أو التشريد ، واللجوء ، وعدم الاستقرار، أو حتى الإصابة ، والتعوُّق ، والاستشهاد ، إلى جانب المعاناة اليومية تحت وطأة تبادل النيران ، واجتياز الحواجز ، وما ينتج عنه من مشاكل ، بالإضافة إلى المشاكل الاقتصادية التابعة لتلك النزاعات ، والمشاكل الاجتماعية ، جراء عدم الاستقرار ، والمشاكل الصحية التي تنتج عن نقص ، أو انعدام الرعاية الصحية ، تحت ظروف الصراعات القاسية ، وما ينتج عنها من بيئة غير مُؤهّلة للحياة الطبيعية ، مُصابة بالكثير من المواد السامة ، التي تتسبّب في الإصابة بالأمراض غير الحميدة ، والتشوهات ، إلى الأعباء الثقافية ، من تحمل صعاب التعليم ، تحت حِدّة ظروف المجتمعات التي تعاني من المشاكل السياسية والعسكرية ، والمسؤوليات العاداتية ، التي تبثُّها المرأة العربية في أجيال مجتمعاتها ، والتي تقع بكاملها على المرأة ، إلى المسؤوليات السياسية والنضالية ، التي تهرول إليها المرأة ، خدمةً وفداءً لأوطانها ، وأخيرًا الآثار النفسية والاجتماعية التي تُبلى بها تلك المرأة ، بشكل أكبر من الرجل ، نتيجة تكوينها السيكولوجي والفسيولوجي الدقيق ، إلى جانب ضغط العادات العربية على المرأة ، والذي يدفعها إلى عدم إيجاد مخرج لمعالجة آثار ما عانته ، مثلها في ذلك مثل الرجل ، في مجتمعها نفسه .

ولو تطرّقنا إلى التفرقة بين وضعية المرأة تحت نير الحروب والنزاعات المسلحة الداخلية والخارجية ، فنجد المرأة قد قامت بأدوار مختلفة في الحروب والصراعات عبر التاريخ ، بدايةً من كونها مُقاتِلة ، وعبورًا بكونها عضوة في شبكة أعمال استخباراتية ، وصولاً إلى وضعيتها كضحية لتلك الصراعات .

وفي خضم الحروب والصراعات ، والذي يوقع على المرأة عبء مساوٍ للرجل ، نجد معاناة المرأة أكبر، من حيث التهميش ، واستفشاء ثقافة التمييز ضدها، حيث تنخفض المؤشرات الخاصة بأوضاعها ، فيما يخص التعليم، والصحة، والتغذية، كما تنخفض معدلات المشاركة الاقتصادية أو السياسية للمرأة العربية ، تحت وطأة ظروف الاحتلال والنزاعات ، بخلاف أوقات الطواريء والاضطرابات.

ولو اجتهدنا في محاولة وضع أولويات مرحلية للعمل ، ليس النسوي فقط ، بل العمل الداعم للمرأة ، سواء كان داعميه من النساء ، أو الرجال المناهضين لفكرة العنف ضد المرأة ، لا سيما تحت ضغط النزاعات المسلّحة ، لوجدناها تتلخّص في عدة نقاط ، يتم طرحها ، بشكل نظري ، من الحين للآخر ، مؤدّاها هو مكافحة الإفلات من العقاب لمُمارسي العنف ضد المرأة ، سواء العنف المجتمعي ، أو ما يمارسه أطراف متصارعة، وذلك عن طريق توثيق ذلك العنف، إلى جانب دعوة هيئات المجتمع المدني الحكومات العربية ، والمؤسسات العربية والدولية إلى اتخاذ خطوات جادة في القضاء على العنف ضد المرأة ، بجدِّية تطبيق القوانين الدولية الموقّع عليها ، وعدم تجاوز الحكومات العربية لها ، للإفلات من مجرّد التدخُّل الخارجي ، إلى جانب دعوة تلك الحكومات العربية ، والمؤسسات العربية والدولية إلى دعم وإتاحة الفرصة إلى المشاركة السياسية للمرأة العربية ، سواء بشكل إقليمي ، أو في المحافل الدولية الخاصة بتباحُث قضايا المرأة .

كما يجب دفع الإعلام لإبراز دور المرأة العربية في التعاطي مع النزاعات المسلحة ، إلى جانب المحافظة على الثقافة القومية للمجتمعات العربية . بالإضافة إلى دعوة المنظمات العربية والدولية لوضع قاعدة بيانات، ودراسات إحصائية وتحليلية عن وضعية المرأة العربية ، تحت حِدِّة النزاعات المسلحة .

وعليه ، فحقل العمل النسوي ، رغم بلوغه مراحل ليست بالبسيطة ، إلا أنه ما زال أمامه مفارق وطرق ، يجب اجتيازها ، بتدارس ومُثابَرة ، فما أضاع الله حق لمُطالب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب