الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


راية أخرى لليسار ترتفع

بدر الدين شنن

2006 / 1 / 17
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


من المؤكد أن الجلاد ، الذي كان يقوم بتعذيب المناضلة التشيلية ميشيل باشليه قبل ثلاثين عاماً ، كان على درجة متناهية من الغباء ، لأنه كان يتوهم أن النظام الدكتاتوري خالد إلى الأبد .. ولأنه كذلك .. لم يكن يخطر بعقله المسطح .. أن الكائن الذي يعبث مهووساً بجسده في طقس تعذيبي.. لينتزع منه الأجوبة المستحيلة .. .. سينتصب ذات يوم شامخاً .. ويصبح في الوضع النقيض للمعتقل السياسي .. المهان .. المثقل بالجراح .. في موقع رئاسة الدولة . حيث كان الجنرال .. الجلاد الأعظم يأمر وينهي .. الجنرال الذي كان ا سمه بينوشيت

السجينة السياسية أصبحت رئيسة الدولة .. والجنرال الديكتاتور صار سجيناً تتقاذفه الاتهامات والمحاكمات في تشيلي وأنّى رحل ، ويترحل من زنزانة إلى إقامة جبرية .. ومن مستشفى إلى سجن .. إلى غرفة يجتر فيها الذكريات مع اللعنات والحسرات .. بانتظار إلقائه في حفرة الفناء والنسيان الأبدي

كيف تحقق هذا التحول العظيم في تشيلي .. في فنزويلا .. في بوليفيا .. وقبل الجميع في كوبا .. في تلك القارة التي تعتبرها الإمبريالية الأمريكية من متاعها الخاص .. وحديقتها الخلفية . كيف ا ستطاع المناضلون اليساريون هناك وهنالك أن يفوزوا على الجبروت الإمبريالي في عقر داره ، ويعلنوها معركة متواصلة ضد الإمبريالية الأمريكية .. من أجل تعزيز ا ستقلال بلدانهم وتقدمها وحرياتها ..

كيف قرأوا وحلوا معادلة الصراع ضد الاستبداد والفقر والتخلف عدو الداخل وضد الإمبريالية عدو الخارج؟

إنها معادلة ليست من الصعوبة بشئ .. إنها أبسط من العمليات الحسابية الأربع ، عندما يكون اليسار نابعاً من الشعب .. مندمجاً بصفوف كادحيه وفقرائه ومثقفيه العضويين . . عندما يحدد اليسار الشعبي سمته وخياراته صح ، ويقيم تحالفاته صح ، ويصيغ برنامجه وفق مصالح الشعب .. خبزاً .. وحرية .. وكرامة .. وعدالة
وهي معادلة فضائية ، اي أنها من الإعجاز حلها حسب العلوم والشروط الأرضية ، عندما يكون اليسار نخبوياً .. متعالياً على الشعب .. فاقد الصلة بكادحيه وفقرائه ومثقفيه العضويين .. عندما يفقد السمت ، ويخطئ الخيارات والتحالفات ، ويكون برنامجه مجرد إنشاء حشو لقصيدة نثرية
لقد دلت الصراعات والتجارب الناجحة ، أن الشرط الأول للتوصل لحل المعادلة الصراعية في حركة اليسار هو ، القراءة الجيدة لتركيب هذه المعادلة . وهذا هو سر نجاح اليسار المتوالي .. والحبل على الجرار .. في أمريكا اللاتينية

اليسار الأمريكي اللاتيني منذ البدايات كانت معركته واضحة .. كان التناقض الأساسي واضح .. هي معركة الشعب ضد الديكتاتورية وضد الهيمنة الأمريكية الشمالية ، أي الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً .. الخبز والحرية ضد القمع والاستعمار

إن تشيلي العظيمة ، التي قدمت عبر الديمقراطية ، تجربة رائدة لتحالف وانتصار اليسار بانتخاب سيلفادور ألليندي الخالد في اوائل السبعينات ، تقدم الآن تجربة تحالفية ديمقراطية ناجحة رائدة أكثر ألقاً وروعة بانتخاب امراة عظيمة مناضلة .. طبيبة أطفال .. .. رقيقة .. باسلة .. ضد الاستبداد حتى مخ العظم .. لأنها قبل كل شئ ذاقت آلام التعذيب .. وفقدت والدها البطل تحت التعذيب
وتثبت لنا التشيلي ولكل شعوب الأرض .. أن الانتصار على الديكتاتوريات مهما طغت وا ستشرست ممكن .. أن الانتصار على الإمبريالية الأمريكية مهما امتلكت من أسلحة الدمار ممكن .. لا بل .. إن لا إنتصار .. إن لم يكن ضد الديكتاتورية والإمبريالية في آن معاً

يحق للشعب التشيلي أن يرفع كأس الرئيس الشهيد سيلفادور ألليندي .. وأن يرفع كأس شاعر الحرية بابللو نيرودا .. وأن يفخر بانتصاره بانتخاب ميشيل باشليه

رايـة أخرى لليسار ترتفع في أمريكا اللاتينية .. تعبر بحرارة عن مصداقية الوعد الثوري بانتصار الحرية .. وتحفز الشعوب المقهورة على الإنتفاض .. والإنتصار








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دمار في -مجمع سيد الشهداء- بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنان


.. انفجارات تهز بيروت مع تصاعد الغارات الإسرائيلية على الضاحية




.. عسكريا.. ماذا تحقق إسرائيل من قصف ضاحية بيروت الجنوبية؟


.. الدويري: إسرائيل تحاول فصل البقاع عن الليطاني لإجبار حزب الل




.. نيران وكرات لهب تتصاعد في السماء بعد غارات عنيفة استهدفت الض