الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإنهيار الإقتصادي في الأرجنتين (مقال مترجم)

دليلة سي العربي

2017 / 2 / 27
الادارة و الاقتصاد


الإنهيار اإقتصادي في الأرجنتين



لقد دمرت الرأسمالية الأرجنتين. فإن تفكيك الخدمات العامة وتراجع السياسات الاجتماعية التي أملاها صندوق النقد الدولي، وبدل تحسين الوضع، أغرقت البلاد في أزمة إقتصادية و اجتماعية و سياسية خانقة.
في ديسمبر، و في محاولة يائسة لتحقيق استقرار البيصو (العملة الأرجنتينية) ، اتخذت الحكومة تدابير للحد من السحب من البنوك. فكان لهذه الإجراءات تأثيرا خطيرا على الطبقة الوسطى التي كان قد تدهور مستوى معيشتها بشكل حاد في السنوات الأخيرة، كما تأثر سلبيا الاقتصاد "غير الرسمي" (غير منظور /الخفي) الذي تتم معاملاته نقدا في معظمها ، و الذي يشكل ما يقرب من 40٪ من النشاط الاقتصادي في البلاد.
وقد تم بالفعل ضرب الأجراء بشدة من جراء الركود التي استمر 4 سنوات، مع معدل البطالة الرسمي بما يقارب 20٪ ناهيك عن عدم تقاضي الموظفين و الأجراء ، عموما، رواتبهم لأشهر عديدة. أما المتقاعدين و العديد من الموظفين لا يتقاضون رواتبهم نقدا بل على نحو "سندات" تصدرها الدولة . من ناحية أخرى ، تشير الأرقام الرسمية إلى أن هناك 15 مليون من الفقراء من 36 مليون نسمة.
الأرجنتين ليست حالة معزولة فجميع بلدان أمريكا اللاتينية في أزمة. فخلال العامين الماضيين، تم طرد العديد من الحكومات من خلال التعبئة الشعبية (في الإكوادور ، و بيرو ، و بوليفيا) ، أما المتمردين في كولومبيا فلقد هيمنوا على أكثر من نصف البلاد، مما دفع الولايات المتحدة إلى التدخل عسكريا أكثر و بطريقة مباشرة.
منذ عام 1999، شهدت الأرجنتين ثمانية إضرابات عامة. حركة "العاطلين عن العمل" ("البيكيتيروس" ) (piqueteros) أغلقوا الطرق بانتظام منذ عام 1997. يومي 19 و 20 ديسمبر 2001، شملت الانتفاضة جميع الطبقات الشعبية. و بينما يقوم الفقراء بنهب المحلات، كانت الطبقات الوسطى تحتج بشكل جماعي أمام البرلمانات في بوينس آيرس وفي المحافظات. و لقد بث التليفيزيون الإشتباكات مع الشرطة، التي خلفت أكثر من 30 قتيلا، و تابعها مباشرة المواطنون في جميع أنحاء البلاد. أما الرئيس " دي لا رووا" فقد هرب بطائرة هليكوبتر بعد استقالته. ولقد فرضت الحكومة " الحصار العسكري" الذي و الذي اظطرت إلى رفعه في أعقاب الإضراب العام.
في الوقت الراهن، يهيمن الحزب البيروني على مجلسي الكونغرس الأرجنتيني وهو حزب مؤيد للرأسمالية، و إن كان - بسبب تاريخ معين للأرجنتين - لديه علاقات ومؤيدين مهمين في الأوساط الشعبية. فبعد الحرب العالمية الثانية، اضطر نظام "بيرون" إلى استيعاب و إلى التعاطي مع للطبقة العاملة الأرجنتينية و مع المكاسب الاجتماعية التي حققتها في ذلك الوقت ما يفسر القاعدة الإجتماعية الكبيرة نسبيا و الشعبية التي حظيت بها "البيرونية".
ولكن فقد اليوم الحزب البيروني الكثير من هيبته و منزلته عند الناس. فبتواجده في السلطة بين عامي 1989 و 1999، طبق سياسة معادية للمجتمع، يرافقها أحيانا القمع الدموي. و كان يأمل الرأسماليون الإتكاء عليه لاحتواء و كبح الحركة الإجتماعية ( أو / الحراك الإجتماعي).
في الماضي، حاول الرأسماليون ترسيخ هيمنتهم بارتكازهم على الديكتاتوريات العسكرية. فالدكتاتورية الأخيرة (1976-1983) قامت باغتيال أكثر من 30.000 من مناضلي المعارضة، قبل أن تطيح بها انتفاضة شعبية. كان غزو جزر فوكلاند (المالوين) آخر محاولة يائسة من الجنرالات لإفشال الحركة الاجتماعية العامة التي كانت على وشك الإطاحة بهم. حاليا، فإن أية محاولة من جانب الرأسماليين استخدام ديكتاتورية عسكرية جديدة تؤدي إلى وضع أكثر انفجارا وخطورة بالنسبة لهم.
من ناحية أخرى ، لم يعد للتيار البيروني نفس التأثير الذي كان يتمتع به في الماضي. فرغم فوزه في الإنتخابات التشريعية ، في أكتوبر 2001، إلأ انه فقد مليون صوت. فلقد كشفت نسبة الإمتناع الهائلة عن التصويت (40٪)، على الرغم من أن التصويت إلزامي، الفجوة بين الشعب و الأحزاب السياسية.
زيادة على ذلك فإن حجم الحركات الاجتماعية في ديسمبر كانون الاول ويناير كانون الثاني من سنة 2001، يشير إلى بداية حراك ثوري. و الشعار الأكثر شيوعا هو الإضراب العام و اللا محدود. ولكن مثل هذا الإضراب يتطلب إعدادا جادا وبرنامجا متماسكا يلبي فعلا احتياجات المواطنين. فتاريخ الأرجنتين قد أظهر بوضوح مدى إفلاس كل من "الكينزية" و "الليبرالية" الاقتصادية على السواء ؛ فأساس المشكلة هي أن البنوك والصناعات والأراضي والموارد الطبيعية في أيدي زمرة من الرأسماليين الرجعيين. بينما من المفترض أن تكون ملكية جماعية للشعب، أي أن تأمم وتخضع للرقابة الشعبية الديمقراطية.
الركود الاقتصادي الذي غرقت فيه الأرجنتين لا حل له على أساس الرأسمالية (من خلال الرأسمالية). فانخفاض قيمة البيزو سيؤدي إلى إفقار الشعب و إغراق العديد من الأسر والشركات (المؤسسات) الصغيرة في المديونية. إن الرأسماليين الأرجنتينيين، و المستثمرين الأجانب وصندوق النقد الدولي يطالبون بإجراءات أكثر تشددا لحماية مصالحهم. ولكن تلك الإجراءات ستصطدم حتما بمقاومة الحركة العمالية الأرجنتينية التي أثبتت ، مرارا وتكرارا خلال تاريخها، روح قتالية عالية.

LA RIPOSTE/ (الرد الحاسم)
10 أكتوبر 2001
http://www.lariposte.org/2001/10/effondrement-economique-en-argentine/
ترجمة : دليلة سي العربي
- عمرو جمال








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر العربية: احتراق أكبر بئر لإنتاج النفط في حقل زرقة شرقي


.. نشرة الرابعة | -النقد الدولي-: هجمات الحوثيين تسببت في انخفا




.. المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض: ما الإنجازات التي حققته


.. انخفاض طفيف في عيار 21.. سعر الذهب اليوم الإثنين 06 مايو 202




.. صباح العربية | حمام الذهب في تونس.. أسرار غامضة وحكايات مرعب