الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صدمة اليمين الاسرائيلي

جهاد الرنتيسي

2006 / 1 / 17
القضية الفلسطينية


تكاد السلطة الوطنية الفلسطينية ان تقطع شوطا من محاولة تاثيث لحظات التحول التي تمر بها المنطقة بالحد الادني من الايقاع الذي داهمته حالة الفلتان والفوضي الامنية في الضفة والقطاع ، وتراكمات السياسة الاسرائيلية ، واختلال المعادلات الدولية ، وهي تتجه بثبات نحو اجراء الانتخابات التشريعية .
ففي المنعطف الراهن تتجاوز ضرورات التوجه لصناديق الاقتراع ترتيب البيت الفلسطيني.
وقد ينطوي هذا التجاوز علي بحث عن اجابات للاسئلة الصعبة التي لازمت القضية الفلسطينية منذ نشوئها ـ وزاد الحاحها علي مدي السنوات الخمس الماضية ـ وفي مقدمتها سؤال الشطب السياسي الذي يضخمه وصول عملية السلام الي طريق مسدود .
فمن خلال فرض الامر الواقع علي الارض لانهاء حلم قيام الدولة المستقلة ، وتقويض السلطة الوطنية باعتبارها المنجز التاريخي للنضال الوطني ، وتهميش القيادة الفلسطينية بالاجراءات احادية الجانب وفر ارييل شارون خلال وجوده علي سدة الحكم المدخل الملائم لتفكيك الكيانية السياسية الفلسطينية ،واعادة الفلسطينيين الي ما دون المربع الاول .
وترك غض الطرف الاميركي عن الممارسات الاسرائيلية انطباعا بقبول القطب الكوني الوحيد للسياسة التي اتبعها شارون .
وبذلك بدت الانتخابات اقرب الي محاولة للافلات من الزمن الاسرائيلي ، واعادة الاعتبار للعامل الدولي ، اضافة الي توفير المناخ الملائم لاستعادة الاجماع الوطني اللازم للتعاطي مع صعوبات المرحلة .
ويعطي الشوط الذي قطعه الفلسطينيون بتثبيت موعد الاستحقاق النيابي ، وانتزاع حق التصويت في القدس الشرقية هامشا اوسع للمناورة ، وتحديد اتجاه البوصلة ، ولكنه لا يعني باي حال من الاحوال الخروج من دائرة ترتيبات الحل النهائي التي حددها شارون ، واضفي عليها رحيله المفاجئ عن الساحة السياسية مزيدا من الغموض .
والوصول الي وضع فلسطيني متماسك للحد الذي يتيح اداء سياسيا مختلفا لا يعني تقريب التصور الاسرائيلي للحل النهائي من تصورات الحد الادني في الخيال السياسي الفلسطيني .
فهناك قناعة راسخة لدي الاطراف الاكثر اعتدالا في القيادة الفلسطينية بان شارون لم يكن في يوم من الايام الزعيم الاسرائيلي الذي يحقق السلام حتي لو استمر في رئاسة الحكومة الانتقالية ، وتمكن من تشكيل حكومة اخري.
ولا يوجد ما يوحي بخروج السياسة الاسرائيلية خلال الاعوام المقبلة عن المسارات التي حددها شارون .
فالشواهد المثيرة للاهتمام عند الولوج الي الوضع الداخلي الاسرائيلي ترجح التفسيرات التي تضع انقسام اليمين في سياق الارتباك الذي اصاب القراءات التقليدية للمشروع الصهيوني لدي اصطدامها مع الواقع الذي اهملته
وعبر عن نفسه بما بات يعرف بالمشكلة الديموغرافية .
والحلول المطروحة اسرائيليا لحل هذه المشكلة تدور في فلك الحفاظ على دولة الاغلبية اليهودية واكبر مساحة ممكنة من الاراضي الفلسطينية .
ويقود تلازم ادراك المشكلة مع غياب الاستعداد لتقديم الحد الادني للجانب الفلسطيني الي استغلال القوة لفرض الاملاءات .
وبالتالي ستبقي الضفة الغربية وقطاع غزة في تفكير اليمين الاسرائيلي خلال المرحلة المقبلة الساحة الخلفية لاسرائيل وان اطلق عليها اسم الدولة .
ولانه دون الحد الادني الفلسطيني ، ولعجزه عن توفير الامن للاسرائيليين لن يتجاوز مشروع "الحل المؤقت" غائم الملامح الذي يخلفه شارون لورثته السياسيين المحطة التي تتيح لقوي اليمين الاسرائيلي اعادة النظر في جدوى المشروع.
وفي المقابل اظهرت الظروف التي رافقت مغادرة شارون الحلبة السياسية خطا نظرية " الزمن الدائري " التي تتعامل مع المشهد الاسرائيلي باعتباره كتله جامدة تتماثل رموزها وان ظهر بعض التباين في طروحاتها.
فقد فشلت محاولات توحيد اليمين من خلال اعادة اللحمة بين تكتل الليكود وحزب كاديما حاضنة مشروع شارون .
ويكرس هذا الفشل حقيقة ان التكتل والحزب اللذين شكلهما شارون في ظروف تاريخية مختلفة لا يلتقيان في اللحظة التي تملي تقديم تنازلات صعبة للخروج من حالة التيه السياسي وان اقتصرت نظرة المحللين السياسيين العرب علي البعد العدواني في شخصية المؤسس .
ولم يخل الامر من سباق بين الليكود والعمل لاقتسام تركة شارون من خلال استقطاب كوادر كاديما الممكن استقطابها .
ومؤشرات استطلاعات الراي التي رجحت كاديما بعد سلسلة العمليات الجراحية التي اجريت لشارون تؤكد ثبات رغبة الشارع الاسرائيلي في التوصل الى حل مع الفلسطينيين .
واثبت تناوب الليكود والعمل علي الحكم عبثية الاحتفاظ بالخطاب الايديولوجي الفضفاض لدي الوصول الي السلطة .
فالخطاب السياسي الذي يمكن استخدامه في المعارضة لا يصلح للحكم الذي يحتاج الي خطاب براغماتي يتناسب مع المعطيات الدولية والاقليمية .
وتتضارب مؤشرات قدرة حزب وسطي علي البقاء في الخارطة السياسية الاسرائيلية مع تراجع حصة شينوي في الكنيست والخلافات المتاججة في صفوفه.
وفي احيان كثيرة تتهرب احزاب اليمين الاسرائيلي من التعاطي مع المسالة الفلسطينية برفع شعارات ذات طابع اجتماعي .
وعلاوة علي وضع هذه التفاصيل في عين الاعتبار يتطلب تجنب صدمات المرحلة المقبلة توقع المفاجآت التي يمكن ان تاتي بها شخصية مثل اولمرت الذي تصاعد مؤشر يمينيته الي حدوده القصوي عندما كان رئيسا لبلدية القدس واتخذ مواقف اكثر ليونة فيما بعد .
ولن تكون الساحة الاسرائيلية خالية لاولمرت الذي يعتقد بانه كان صاحب تاثير علي شارون في السنوات الاخيرة .
فهناك ثلاثة اقطاب تتجاذب التاثير في المشهد السياسي الاسرائيلي وسيكون لتجاذبها حضوره في لدي التعاطي مع الملف الفلسطيني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل