الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القنوات الفضائية وعمليات تفكيك البنى الثقافية

اسماعيل جاسم

2017 / 2 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


القنوات الفضائية وعمليات تفكيك البنى الثقافية / اسماعيل جاسم
اغرقتنا القنوات الفضائية التي تعيش في محيطنا العراقي والعربي والعالمي خاصة الناطقة باللغة العربية بكثير من الرؤى والافكار التي تنقل وجهة نظر سياسة لأجندة واحزاب ودول وتطلعاتها وفق برامج تثقيفية معدة سلفاً ،
نبذة مختصرة :
" في مطلع العام الجاري، رفعت مواطنة من مدينة مونتريال الكندية دعوى ضد وكالة "سي آي ايه" "المخابرات المركزية الأميركية" للمطالبة بتعويض عن تعريضها لبرنامج"غسل دماغ" Brain wash قادة التابع للاختصاصي يوان كاميران في "Allen Memorial Institute"معهد"آلن ميموريال إنستيتيوت" جامعة"ماكغيل"بين عامي 1950 و 1965. وأشارت تلك الكندية إلى أن الوكالة الاستخباراتيه ادرجت تلك التجارب في برنامج حملَ اسم"أم كاي الترا"Project MKULTRA واستخدمت فيه مادة"أل اس دي"LSD المُسبّبة للهلوسة، ما عرّضها للإصابة بتلف في المخ مع أعراض نفسية مزمنة، استمرت بعد توقف البرنامج. والمعلوم أن صحيفة"نيويورك تايمز"كشفت ذلك البرنامج للعلن، للمرة الأولى، قبيل ختام ولاية الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون. وحينها، انطلقت حملة سياسية واسعة للمطالبة بالكشف عن البرامج السرية للأجهزة الأمنية، التي تطال مواطنين أميركيين في شكل مباشر. وساعدت أجواء فضيحة"ووترغيت"، التي تجسست فيها أجهزة الاستخبارات الأميركية على الحزب الديموقراطي لمصلحة الرئيس نيكسون الجمهوري، في تعبئة الرأي العام الأميركي ضد الأنشطة"الملتبسة"لتلك الأجهزة. وفي صيف العام 1975، شُكّلت هيئة تحقيق رئاسية عرفت باسم"لجنة روكفلر"للتدقيق بأمر برنامج"أم كي ألترا"وأشباهه. وفي العام 1976، أصدر الرئيس الراحل جيرالد فورد توجيهاً رئاسياً أول يمنع أجهزة الاستخبارات الأميركية من استخدام عقاقير ذات تأثير نفسي على البشر، من دون موافقتهم المسبقة./ منقول
هذه مقدمة بسيطة لتسليط الضوء على وكالة المخابرات المركزية الامريكية ودورها في عمليات غسل المخ
ان جميع القنوات الفضائية كما اشرت لها برامجها ومشاريعها السياسية والايديولوجية في عملية تفكيك العقل الثقافي وتحويله الى اسطوانة فارغة لملأ هذه المشاريع وفق رؤية سياسية وخارطة تسير عليها ، ففي العراق ، الامر لا يختلف الا من حيث الاليات والطرق المتبعة والاشخاص الذين يمارسون عمليات غسل الدماغ ، حزب البعث وصدام كرَّسَ العداء لإيران منذ اعتلاءه السلطة بدعم امريكي خليجي وعالمي ولكن قبيل صعود صدام بدأت مرحلة تكييف الاجواء اعلامياً واعداده لقبوله شعبياً ومن خلال المنظمات الحزبية والتنظيمات الطلابية والنسوية والشبابية ، ظهرت مصطلحات جديدة ومقولات وصور مختلفة تارة بالزي العسكري واخرى بالكردي والعربي وبروز ضحكاته وابتساماته ووضعت على كتفيه رتبة مهيب ركن حتى وصل الامر به الى زياراته للعوائل وللدوائر والمدارس وهكذا حتى تم تمجيده ، وفي عهده ظهرت مفردات القومية العربية وقضية فلسطين والصحف يكتب كتابها والشعراء يتغزلون بشخصيته واقواله وعطاياه ، بعد سقوط نظامه في العام 2003 بواسطة الدبابة الامريكة بدأت مرحلة جديدة تسمى مرحلة ما بعد صدام والنظام الجديد والديمقراطي والبرلماني ، اعتلت المشهد السياسي العراقي احزاب دينية وسياسية وكتل وتيارات حتى بات الوضع طائفياً بأمتياز خاصة بعد اقرار الدستور والبرلمان وتشكيل حكومة الشراكة وحكومة الوحدة الوطنية وحكومة التحالفات وغيرها من هنا بدأ العراق دخوله مرحلة جديدة من المصطلحات والاناشيد والفتاوى وشيوخ المنابر وشيوخ العشائر وظهرت مصطلحات تختلف تماما ما كان يتداوله العراقيون ابان حكم النظام البعثي في العراق ، ظهرت احزاب وشخصيات سياسية تنادي بالابتعاد عن المحيط العربي حتى سميت بعض الاحزاب " حزب الامة العراقية " والامة العراقية والدولة العراقية الجديدة والجيش العراقي الجديد والنظام الديمقراطي الجديد وحملت اغلب احزاب السلطة الجديدة الفساد ومافياتها وميليشيات وفصائل مسلحة وظهرت في المناطق السنية جيوش من الميليشيات والفصائل والتيارات وبرز معها الذبح والقتل والخطف وهكذا حتى تعلَّمَ العراقيون مفردات القتل والخطف و " الصك " وسيارة البطة والاوبل وعاش العراق في فوضى الخلافات الطائفية وكل فصيل لديه من الشباب والعشائر وهم يمتهنون مهنة نصب السيطرات الوهمية وهي عبارة عن شباك فخاخ لقتل الابرياء وفي هذه الاثناء دخلت القاعدة في المناطق السنية وبعدها الدواعش ، فصار العراق مسرحا للموت والتصفيات الجسدية والعرقية والاثنية والقومية ومازال العراقيون يحاربون الدواعش الذين سيطروا على محافظات سنية وهذه المحافظات قد ذاقت الامرين من الدواعش او ما يسمى " الدولة الاسلامية في العراق والشام " عمليات غسل الدماغ استمرت تمارس على العراقيين طيلة اربعة عشر عاما فزرعت العداوة والبغضاء وانتشر السطو المسلح وتخللت هذه الاعوام حربا طائفية ضروس راح ضحيتها مئات الالاف من العراقيين وكل حزب لا يقبل الاخر وكل قبيلة لا تقبل القبلة الاخرى وصارت لغة السلاح هي الحَكم في حل الخلافات والخطف لغة المساومات والتفجيرات والاحزمة الناسفة والعبوات الناسفة والكاتم لغات للموت ولحصاد الابرياء ، كل حزب له فضائية واحيانا اكثر من فضائية وبعض الاسماء لديها ايضا فضائيات وكل يعمل وفق سياسته وهي تمارس سياسة غسل الدماغ وهي تقنية ترتكز على مجموعة مركبة من المؤثرات النفسية ودغدغة المشاعر الدينية والطائفية والعشائرية وكان لشيوخ المنابر العراقية والعربية دورا كبيرا وفاعلاً في اذكاء نار الفتن لابناء الوطن الواحد ، الفضائية تعتمد على انهاك الاخر وقواه النفسية والعقلية على مستوى الفرد وتسمى علمياً " التفكيك النفسي " فقد انفصل العراق عن العالم منذ حرب الخليج الاولى والثانية وليومنا ، فقد تراكمت الاعوام على الانسان العراقي وتراكم الهم بل الهموم ، هموم التفجيرات وهموم الجوع والبطالة والامية وخراب البنى التحتية والقلق من القادم ومن تردي الوضع الامني .
اضطرتنا السياسة بشكلها العام ان نكون جزءاً منها بلا مناص وجعلتنا ندور في احداثها وتأويلاتها وابداء الاراء في كثير من جوانبها المثيرة التي تجبرك على الالتفات اليها وتحليل المواقف وفقاً لما تحمله من ترسبات الماضي السياسي وانتماءاتها الايديولوجية حتى وصل بنا ان نقع في شراك وحبائل عمليات التفكيك العقلي جراء العزلة المطبقة والتواجد في محيط متصارع صراعاً دموياً في أغلب احيانه ، جالس ليل نهار اما ان تستمع لنشرات اخبار الفضائيات المتناقضة التي تكيل بمكاييل الانتماءات تارة ولمن يدفع الثمن ، تسخر هذه الفضائيات ، شئت أم ابيت فأنت محكوم في اجواء مشحونة ينتابها الدس والفبركات والنقل الكاذب اضافة الى الشحن الطائفي الذي دمر الذائقة السمعية ووضعها في خدمة من يروم ، فهذه المنظومات القيمية والاخلاقية اصابها العطب بعد دخول التكفير وتضليله حتى اصبح المواطن في اغلب الاحيان منقاداً اليها رغم نبذه لكثير من الاحزاب الايديولوجية ذات الطابع الديني المتخلف الذي استغل جهل الانسان وابتعاده عن مراكز العلم والثقافة والمدنية ومقاعد الدراسة وتفشي الجهل حتى صارت لدينا جيوش من الاميين يتبعون كل سيد ومعتم بعمامة قال " فلان " من دون النظر الى مدى الضرر الذي سيلحق بهم يقول " جورج اوريل " ( الولاء يعني انعدام التفكير بل انعدام الحاجة للتفكير .. الولاء هو انعدام التفكير ) اي كما يقول المثل الشائع عند عموم العراقيين " ذبها براس عالم واطلع منها سالم " الى هنا قد اوصل الاعلام المضلل الى انتفاء الحاجة الى ابداء الرأي وحرية الاختيار وصنع القرار والموقف ولم يشعر المواطن بأنه مستقلاً بكل شخصيته وكيانه ، ولكن مع الاسف كل الفضائيات لها خطة غسل ادمغة اجيالنا ولها تاثير على عوائلنا .
أخيراً بعدما وصل العراقيون " شعب " الى قناعة تامة وهم غير راضين من البداية بكل الحروب مهما كان لونها وطعمها فهي المأساة الكبرى والمقبرة التي لا تنتهي حدودها جاءت مبادرة السعودية بالرغم من انها جاءت متأخرة وربما بـ "فرمان" امريكي بزيارة وزير خارجيتها " عادل جبير " للعراق لأقامة او تجديد العلاقة مع العراق التي انقطعت منذ 25 عاما وهو يبدي رأي السعودية بمساعدة العراق لمكافحة الارهاب ومساعدة العراق لبناء مدنه التي دمرها الدواعش والحرب ، نعتبر هذه الزيارة بوابة جديدة لبناء العراق شعبا ومدنا .ان شاء الله .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العراق: السجن 15 عاما للمثليين والمتحولين جنسيا بموجب قانون


.. هدنة غزة تسابق اجتياح رفح.. هل تنهي مفاوضات تل أبيب ما عجزت




.. رئيس إقليم كردستان يصل بغداد لبحث ملفات عدة شائكة مع الحكومة


.. ما أبرز المشكلات التي يعاني منها المواطنون في شمال قطاع غزة؟




.. كيف تحولت الضربات في البحر الأحمر لأزمة وضغط على التجارة بال