الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة في بؤر الصراع

فوزي بن يونس بن حديد

2017 / 3 / 1
ملف 8 آذار / مارس يوم المرأة العالمي 2017 - أثر النزاعات المسلحة والحروب على المرأة


لا شك أن المرأة تعاني من ويلات الحروب والنزاعات وربما وجدت فرصة للتعبير عن أنها قوية وقادرة على تحمّل الصعاب، وباعتبارها الحلقة الأضعف في المجتمع حسب تقاليده وأعرافه أفرزت هذه المشاكل التي تحدث في العالم اليوم واقعا جديدا للمرأة، قد تكون هي الأقوى في وجه هذه الخطوب، وقد أثبتت التجارب الحالية مدى تمسكها بالحياة وتحمّلها المشاق من أجل أن تعيش هي وأولادها وتبقى على قيد الحياة حتى في ظروف بائسة، وقد طالعتنا الصحف والقنوات حالات كثيرة لنساء جازفن بحياتهن من أجل البقاء على الحياة دون أن تتوفر لديهن أدنى مقومات الحياة، وفي ذلك دليل على أن المرأة ليست ضعيفة بالمعنى الذي يخامر أذهان الرجال، بل أثبتت أنها قادرة على قهر الصعاب وأنها يمكن أن تساهم في بعث حياة جديدة مستخدمة في ذلك كل أسلحتها التي كانت تخبئها يوما.
وأمام هذا التحدي نرى امرأة لا تترك أبناءها وتحتويهم في حضنها وهي خائفة ترتجف من الخوف والجوع، تبحث في أديم الأرض عن فتات تُسكِت آلام الجوع وتؤْثر أبناءها على نفسها متحدية الطبيعة القاسية والبرد الشديد البرودة، يكاد شارباها ينفجران من شدة الانتفاخ وعيناها محمرّتان من قلة النوم والتعب والإرهاق والتفكير المستمر وعوامل الطبيعة، ويداها ترتجفان وعليهما خطوط زرقاء من برد الماء الذي تتوضأ به وتغتسل به وقد تستمر معها أيام وربما شهور وهي لا تحتمل الغسل وتظل بثيابها الرثة وجسمها الذي تعلوه آثار الغبار والحاجة إلى التنظيف، ربما هي مجبرة على ذلك لأنها لم تجد المكان الآمن والدفء اللازم والماء الساخن لتجفيف شعرها والتدثّر بلباس الغسل أيام كانت آمنة في بيتها، كل ذلك صار فجأة من باب الذكرى، وما تعيشه اليوم أصبح من الخيال الواقع، صراع مع النفس ومع الطبيعة ومع الواقع المؤلم، ليس مع الأعراف والتقاليد هذه المرة بل مع عالم مجنون لم يفقه إلا لغة الرصاص والتدمير بدل الحوار والنقاش والأخذ والرد في إطار من المسامحة والجدال الصريح.
وهناك امرأة جميلة، وجهها يحمل كل معاني الجمال والنقاء والطهر والعفاف وقوامها يخطف أنظار الشباب والكهول والشيوخ، هي في حاجة إلى الاستمتاع بالحياة مثل قريناتها، وفجأة تواجه واقعا مشؤوما ما كانت تعمل له حسابا، تتجول في طرقات بلاد لا تعرفها ولم تكن يوما تدري أنها ستكون هناك، ترقبها العيون المتسوّلة، التي تبحث عن اللذة والمتعة مهما كان طريقها، تلوّح لها السيارات الفارهة بالركوب فجأة لتنقلها إلى عالم آخر لم تختره، بل إن كل من يراها حتى عامل النظافة في الطريق يتمنى المبيت معها لليلة واحدة، ذلك هو قدرها، لأنها جميلة ولأنها غير قادرة على العمل ولأنها في حالة صعبة جدا لم تجد من يساعدها إلا بمقابل، وهذا المقابل غال جدا بالنسبة لها، ولا حل لها إلا الرضوخ أو التيه في شوارع لا تحفظ أسماءها، وقد تقع عيناها على مكان آمن وقد يرفق بها أحد من المارة ليوم أو يومين ثم سرعان ما تلتهب الغريزة في جسمه، وإذا لم يكن لديه وازع أو ضابط سيلتهمها ولا يبالي بصرخاتها وأنّاتها، وإذا حملت فلا تدري من كان معها ومن كان السبب في حملها.
وهناك من النساء من سافرن مبكرا عندما تحدث الأزمات فيتفوّقن في أدائهن ويستغللن الفرص لإثبات وجودهن ويعبّرن عن عمق الأزمة في وسائل الإعلام المختلفة، بعد أن وجدن العمل في بعض القنوات الإعلامية في مختلف الدول الأوروبية أو كانت لديهن نشاطات مجتمعية فائقة، يعبّرن عن ثقافتهن ويحفظن عروضهنّ وأطفالهن من غياهب اللذة العابرة والمعاملة المارقة، تعفّفن فلطف الله عز وجل بهنّ، وأردن أن يكن عناصر فعالة في المجتمع، دافعن عن القضية بكل قوة، ولم يرضين بالهوان والضعف حتى في ظل الأزمات. ولعل المرأة اليمنية التي فازت بجائزة نوبل للسلام في اليمن أبرز مثال، إنها توكل كرمان التي بنضالها حصلت على هذه الجائزة المرموقة عالميا رغم أنها لم تشتهر قبل الثورة اليمنية، لكن جرأتها وعدم ركونها في البيت وعدم خضوعها للظلم والاستبداد جعلها تبحث عن الجديد وتصارع القديم الذي بدأ يندثر ولم يعد قادرا على تلبية المتطلبات. كل ذلك دفعها إلى عدم الاستسلام وإن أدى الأمر إلى حتفها ونهايتها، كُتب عليها أن تفوز بجائزة عالمية وأن تصبح رمزا للنضال في اليمن إلى جانب أسماء مشهورة في العالم كانت لها دور كبير في النضال. ولم تمنعها الأعراف ولا التقاليد ولا القوانين من أن تعبّر عن رأيها وتفرض نفسها كلاعب أساسي في السياسة اليمنية الجديدة، وقد ترشّح نفسها يوما للمنافسة على الرئاسة في اليمن وينتخبها الشعب اليمني لتصبح أول امرأة في الوطن العربي تمسك بتلابيب الرئاسة.
وكثير من هؤلاء النساء يمتن غيظا وكمدا واغتصابا وإهانة في كل البلاد التي حدثت بها نزاعات، وما يصوره الإعلام إلا نزر بسيط لما تعانيه النساء في كل البلدان العربية التي أصابها مرض الحرية والديمقراطية، وغرقت في براثن الإرهاب الأعمى الذي سبى النساء باسم الدين، وتاجر بهنّ في الأسواق جاريات وخادمات وعبث بأعراضهن أمام منظمات حقوق الإنسان، واعتدى على شرفهن بالقوة والقسوة والإكراه، ولم تتحرك دولة ولا منظمة ولا إنسان، كل ذلك يحدث في عالمنا العربي والإسلامي على السواء، وعندما يقرأ الإنسان ما يدور في هذه البلدان يقول، يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسْيًا منسيًّا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا