الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقفون أحفاد الزرقاء: تحية متأخرة الى الحوار المتمدن

صائب خليل

2006 / 1 / 18
الملف التقييمي - بمناسبة الذكرى الرابعة لانطلاق موقع الحوار المتمدن


حين رفضت "كساندرا", أميرة طروادة الزواج من "زيوس", كبير الهة اليونان, اراد هذا الأخير لها عقاباً مميزاً, فأعطاها القدرة على "التنبؤ بالكوارث" مشفوعة بعدم تصديق الناس لها. وهكذا حذرت كساندرا اهلها من الحصان الخشبي فلم يصدقوها حتى كان الأوان قد فات.

المثقفون في العالم هم احفاد أميرة طروادة الأسطورية كساندرا و قريبتها زرقاء اليمامة. وهم ليسوا بافضل حظاً من جدتيهم, حيث يرون ابعد من غيرهم كما فعلتا, ويعتصرهم الألم في حيرتهم في كيفية ايصال ما رأوه الى شعوبهم المشغولة عن المستقبل بحياتها اليومية, كما إعتصرهما.

صرخ مثقفوا الهند يحذرون من الطائفية. دون جدوى, فقد تقسمت الهند الى هند وباكستان وأخرى وأخرى. وصرخ المان وفرنسيين وبريطانيين : أوقفوا هتلر, لكنه "سار طويلاً قبل ان تقتفي العدالة اثره مترددة متعارجة". وصرخ احفاد كساندرا في اندونيسيا, لكنهم لم يتمكنوا من منع المذبحة التي جاءهم بها سوهارتو, وصرخ المثقفون في العراق بعدها وأشاروا الى مذابح اندونيسيا لكنهم كانوا اضعف من لعنة كبير الهة اليونان فلم يتمكنوا من منع كارثة 1963 وما تلاها, وصرخ المثقفون السوفيات أن الدكتاتورية ستمزقنا كما صرخ ايطاليون ويونانيون ان الفاشية ستحطم البلاد وصرخ اسبان ان الحرب الأهلية قادمة.

هكذا شعر المزيد والمزيد بالألم الذي شعرت به الزرقاء حين قال لها قائد الجيش الفاتح انه خدع عينيها, فأجابته "بل ان قومي خذلوني".

لكن, الكثير من المثقفون الشجعان نجحوا في إيصال الكلمة الى شعوبهم وتجنيبها الكارثة. إلا انهم جنود مجهولون يراهم الناس عند الفشل ولايروهم ان هم نجحوا. فإنتصاراتهم احداث يصعب رؤيتها لأنها احتفالات صامتة ليس لها لمعان الألعاب النارية التي تملكها الكوارث ولافرقعتها. مع ذلك نعرف بعض الأمثلة: في تيمور صرخوا حتى لم يعد يمكن تجاهلهم فأوقفت اندونيسيا عند حدها, ومثقفون شجعان صرخوا في أميركا الوسطى حتى فضحوا جرائم نيكروبونتي في بلادهم, وأخرون تنادوا لينقذوا رئيسهم من براثن المتآمرين في فنزويلا, وصرخ عرب في بلجيكا حتى عرف العالم بجرائم مجرم الحرب شارون وكادوا يسوقوه الى المحكمة, وصرخ مثقفون شجعان اكراد ليضعوا بائع الموت الهولندي خلف القبضان وغيرهم كثير.

وما يعزي احفاد كساندرا والزرقاء انهم اليوم مجموعة كبيرة وليسوا افراداً معزولين كما كان حظ جدتيهم. مجموعة تتحاور وتناقش وتتجادل للوصول الى الحقيقة البعيدة وتتعاون لإيصالها الى بقية الناس. البعض يكتب, والبعض يقرأ ويرسل ما يراه مفيداً لينشره في كل مكان وبعض اخر قليل يجهد في الظل لتوفير خطوط الإتصال بين الكتابة والقراءة والنشر, فلا تكاد تعرف له اسماً ولا يضغط عليك برأيه, وهؤلاء اليوم هم صانعوا مواقع الأنترنيت, الجنود المجهولون في فريق اليمامة الحديث. فريق يقوم كل عضو فيه بعمل مختلف لكن الجميع يفكر ويجتهد ويفرح حيناً ويتألم احياناً. فالمثقفون اليوم, وإن كانوا كثرما يصابوا بنفس خيبة أمل كساندرا والزرقاء, لكنهم لايشعرون مثلهما بالوحدة والضعف, ولعل لعنة زيوس قد قاربت نهايتها.

تحية لكم يا احبتي واصدقائي وأقربائي من قراء وكتاب, وتحية خاصة وإنحناءة لأصحاب المواقع , ولنكن مخلصين لما ورثناه من جدتينا الزرقاء وكساندرا ولنسعد ونفخر بهذا الموروث المتميز رغم ما يحويه من كثرة في الألم وبعض الفرح, ولنعمل فكرنا وجهدنا في ان نزيد النجاح لنكثر الفرح ونقلل الفشل والألم. ولكن قبل كل شيء لنعتز بنجاحاتنا وبدورنا ولنعمل على ادامة الحركة فيه بالدعم المادي للمواقع والمعنوي لكل من يقدم لنا ما نشعر انه قدم لنا فائدة, جعلنا نرى العالم اوضح, وللنشر فائدته قدر ما نستطيع.

أخفضوا اصواتكم ولا تقولوا لأحد لكي لايزعلوا...ولكن السنا فريقاً متميزاً؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكبتاغون والكوكايين: سوريا -تهدد- الخليج وأمريكا اللاتينية


.. جانتي شعبان.. لقاء حصري لا يخلو من الطرافة والمعلومات المهمة




.. روسيا تعرض غنائم الحرب الغربية من أوكرانيا تزامنا مع احتفالا


.. غزة.. هل تستطيع إسرائيل الاستمرار في الحرب دون الأسلحة الأمر




.. احتجاجات في مالمو السويدية على مشاركة إسرائيل في مسابقة (يور