الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فن صناعة وتسويق الإرهاب كظاهرة عالمية

كرم خليل

2017 / 3 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الإرهاب هو كالسرطان الخبيث، عندما يقوم بتوجيه، ضربات قوية ومؤذية للعديد من البلدان، رغم أن الكثير من الدول أدرجت الإرهاب على البند الأول في جدول أعمالها، إلا أنه لازال حتى الآن آخذا في التمدد والتوسع والانتشار، دون أن يتوقف عن حد بعينه.
بل لا يزال الإرهاب، يوماً بعد آخر، يكشف عن مستوى عال من الدقة، والتنظيم، وسعة الانتشار، وبدلا من أن تفلح الجهود الدولية في القضاء عليه، لا يزال الإرهاب آخذاً في النمو والتمدد.
والإرهاب كظاهرة بحثية، لا يمكن حصره أشكاله العدوانية بالأفراد، بل تعدى نطاقه في كثير من الأحيان ليشمل دولا وتنظيمات أصبحت تملأ العالم ضجيجا بإرهابها المعلن.
فعلى سبيل المثال، لا الحصر، لا يمكن حصر الإرهاب بداعش وأقرانها، لأن هناك أسئلة عريضة، من حقنا أن نطرحها على الملأ، قبل أن نعالج إرهاب تنظيم داعش، فماذا نقول مثلاً عمّن يلقي على الشعب السوري براميل متفجرة، حصدت أرواح المئات من الأبرياء بصورة عشوائية؟
ماذا نقول عمن استخدم السلاح الكيماوي، والصواريخ المدمرة؟ أليس هذا الفعل الوحشي أبشع أشكال الإرهاب، ماذا يمكن أن نقول عن موبقات الحشد الشعبي في العراق، وطريقة انتقامهم من الأبرياء والمدنيين، أليس فعلهم إرهاباً؟
ماذا يمكن أن نقول عن المليشيات الطائفية، التي جاءت إلى سوريا، لقتل الشعب السوري، ومناصرة النظام الإرهابي الأرعن؟
في أي خانة يمكن أن ندرج، إقدام النظم الدكتاتورية على تصفية المعارضين، وتنفيذ أحكام الإعدام بهم وفق محاكم مركّبة، ومسلوبة الإرادة الحرّة ؟ .
يمكن في هذا السياق، أن نعود بالذاكرة، قليلا إلى الوراء، ونستذكر المبررات التي سوقها السوفيت لاحتلال أفغانستان، والتي أدت إلى نمو القاعدة واشتداد عودها إلى أن تحولت إلى ظاهرة عالمية تجاوزت الحدود.
لا ننسى أن أطرافاً كثيرة دعمت القاعدة في بداية نشوئها، وخاصة الأمريكان، وبلدان عربية كثيرة، سوّقت آنذاك لفكرة جهاد الكفار، تحقيقاً لأهداف خارجية، ارتبطت بالحرب الباردة، والعمل على إضعاف السوفييت واستنزافهم بتلك الطريقة المؤذية
لكن القاعدة وجدت المناخات المناسبة، لدى مئات آلاف الشباب العربي والمسلم: المضطهد، والمهمّش، والمظلوم، والعاطل عن العمل، أو الممتلئ غيظاً من ممارسات الغرب، خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، وسلوكها ضد العرب وقضاياهم، ساعد في ذلك التراث المتراكم عن الاستعمار وما فعله في العالم العربي، فضلا عن اختلاط السياسة والواقع، بمفاهيم مختارة عن جهاد الكفار، ودار الحرب والسلم والعنف، والقتل، بما أدى إلى تكوين ذهنية عنيفة، مارست الترهيب والترويع بأشرس صوره، وظلت تعتقد أن جهادها هو أقصر الطرق إلى الجنة.
لقد تحولت القاعدة تحوّلت من صنيعة أو حليف إلى نقيض، ونجحت في الانتشار على مستويات كبيرة، تستهوي الشباب وحماسه، وتدفعه للقتال ضد ما يعتبره نظم الطواغيت، ومن يساندها، والمقصود به الغرب، لتصبح القاعدة الظاهرة الأكثر بروزا في أواخر القرن الماضي، وما زال فكرها، وتراثها يمثلان رصيداً كبيرا للتطرف، واستخدام العنف سبيلاً وحيداً ومبرراً في اعتقادها ضد الآخر "الظالم" وبمسميات متعددة: الكافر، الصليبي، العدو.
حين أقدمت أميركا على غزو العراق، وأقدمت على تفكيك الدولة، تنفيذا لإستراتيجيتها الشرق أوسطية، التي أدت فيما بعد إلى جعل العراق منطقة نفوذ لإيران، وتقسيمه واقعياً على أسس إثنية ومذهبية، وفرت تلك السياسة، الأرض الخصبة لنمو الفكر الداعشي الذي يعتبر نسخة معدلة لفكر القاعدة، بصورة أكثر تشدداً، وأدّق تنظيماً.
لقد كان لبعض الأطراف الدولية، أدواراً مهمة في خلق، ودعم، والترويج للعديد من المنظمات المتطرفة، لإيجاد مسوّغات تغطي نواياها الحقيقية ومشاريعها، حتى لو انقلب ذلك إلى قوة معادية لها، أو نجح في توجيه ضربات مؤذية لها.
إيران مثلاً لديها مشروعا قوميا مركباً على الأساسين الديني والمذهبي، ولها أيضاً مصلحة كبيرة في دعم التطرف، تمريراً لمشروعها القائم على التفتيت، والصراعات المذهبية، وتشرذم الساحة العربية.
أما النظام السوري، ذو الصبغة الطائفية، عدا عن موقعه المتقدم، كأكبر إرهابي في العالم، فهو أيضاً له مصلحة كبرى في تقوية التطرف لحرف الثورة، ومحاولة إغراقها في مياه ملوثة، وتحقيقاً لذلك منح نفسه مشروعية زائفة، كضحية للإرهاب ومحاربا له.
لذلك فالاتهامات التي تطال تلك الأطراف جميعها، بدعمها لقوى التطرف، ليست خيالية، يل هي واقعية وموثقة، دون أن يعني ذلك أن تلك القوى المتطرفة عميلة لها بالمعنى الحرفي، أو مرتبطة ارتباطاً كلياً بتلك الأطراف، أو أنها تنفذ حرفياً أوامر توجه إليها، فالقضايا تقاس عبر المسارات والنتائج، والكل يعرف دور النظام المجرم منذ البدايات، وكذلك النظام العراقي والإيراني في إطلاق سراح مئات المتطرفين، والتواطؤ المباشر، مع تنظيماتهم.
غير أن الحقيقة الأوضح، تتلخص باعتقادنا، أن نمو قوى الإرهاب والتطرف تتجاوز جميع تلك العوامل، التي أشرنا إليها، إلى الواقع العربي وما يحدث فيه من ظلم، واضطهاد، واحتلال، وتهميش من خلال تراكب العاملين، الداخلي الخاص بطبيعة نظم الاستبداد وما تفعله، والخارجي الموصوف بالاحتلال والهيمنة.
ضمن ذلك كله، يجب التنويه إلى ارتفاع وتيرة التركيز على " السنة العرب" وما يواجهونه اليوم من عمليات إبادة، وتطهير، وتهجير، واستهداف، ونجاح القوى المعنية، في رفع وتيرة الصراع المذهبي وتعميمه في المنطقة، وإحداث انقسامات عمودية خطيرة تفرّخ ـ كردود فعل ـ اتجاهات سنية متعددة الوتيرة العنفية والمرجعية، وسط بيئة مناسبة تُشعر" أهل السنة" أنهم مستهدفون، وأن لا ملجأ لهم، ولا سبيل لحماية حياتهم، ومستقبلهم سوى امتشاق السلاح، والانضواء في التنظيمات القادرة على فعل شيء، أو " ردّ الاعتبار" لهم، وحمايتهم، وهو ما شكل الحاضنة الأكبر والأكثر اتساعاً لداعش .
من هنا فإن أية معالجات منطقية وجذرية للإرهاب، وظاهرة انتشاره، لا بدّ أن تتجه أولاً إلى الأسباب المنتجة له، وفي مقدمتها، وأساسها، وجذرها، إنهاء نظام الإرهاب والاستبداد، خاصة في العراق وسورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة