الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أستحقاق وطني أم أنتخابي ؟

جاسم هداد

2006 / 1 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


" فرق تسد " سياسة استعمارية قديمة لا يجهلها رجال السياسة العراقيين الذين عرفتهم شاشات الفضائيات اكثر مما عرفهم شعبنا العراقي ، ومن خلال هذه السياسة تحاول الولايات المتحدة الأمريكية تنفيذ مخططاتها سواء في العراق او في منطقة الشرق الأوسط .

وبعد ان أدى الطاغية صدام حسين خدماته لأسياده وأولياء نعمته الأمريكان سواء في ضرب القوى السياسية الوطنية التقدمية العراقية وخصوصا قوى اليسار العراقي ، او بحربه المجنونة مع الجارة إيران ولثمان سنوات انهكت اكبر واغنى بلدين في المنطقة ، اصبح ورقة محروقة يجب التخلص منها ، واصبحت المرحلة الجديدة تتطلب مواصفات جديدة تنسجم وطروحات القرن الواحد والعشرين من الديمقراطية وحقوق الأنسان وغيرها .

وتنفيذا لهذه الأستراتيجية تم تشريع قانون " تحرير العراق" عام 1996 وتحت حكم الحزب الديمقراطي وتم رصد ميزانية بمبلغ " مائة مليون دولار " لتغطية ذلك ، وتسابق رجال السياسة في الحج الى واشنطن للتبرك بالجالس في البيت الأبيض الأمريكي وفي مقدمتهم الرافعين الصوت عاليا بـ " الأستحقاق الأنتخابي " وذلك لفوزهم " الساحق " في الأنتخابات الأخيرة .

في المؤتمرات التي عقدت في لندن وصلاح الدين والتي مهدت للغزو الأمريكي لبلادنا ، كان عراب هذه المؤتمرات السفير الحالي للولايات المتحدة الأمريكية في بغداد ، واقطاب هذه المؤتمرات هم أنفسهم فريق " السبعة " . من هذه المؤتمرات بدأ الترويج لتقسيم العراق من خلال بث سموم النعرات الطائفية والقومية ( شيعي ، سني ، كردي ) ، والحديث عن مكونات الشعب العراقي بمفاهيم الطائفية والعرقية ، وليس عن التيارات السياسية والفكرية ( الأسلام السياسي ، الليبرالية ، اليسارية ، الديمقراطية ......الخ ) .

ثم جاء مجلس الحكم ، فعزز ذلك ، ودق اسفينه عميقا من خلال تشكيلة الحكومة الأنتقالية ، وفي الأنتخابات الأولى تجسد الشرخ الكبير من خلال ما قامت به الأحزاب الطائفية والقومية من دعايات وممارسات عمقت من النزعة الطائفية والقومية واضعفت بشكل كبير الشعور بالمواطنة العراقية ، وساهمت حكومة القوائم الفائزة التي تشكلت بعد انتخابات 30 كانون الثاني 2005 بشكل كبير في التخندق الطائفي وحالة الفلتان الأمني بسبب سياستها الطائفية .

وجاءت انتخابات 15 كانون الأول 2005 الأخيرة لتزيد الجرح إيلاما والطين بلة ، فسياسيو مؤتمر لندن وصلاح الدين وزوار البيت الأبيض ، عادوا ليؤكدوا على طائفيتهم من خلال طروحات ان " هناك مكونات يتألف منها الشعب العراقي " والقصد واضح بهذه المكونات ، أي انهم يريدون تقسيم الشعب العراقي من خلال ترسيخ مفاهيمهم الطائفية " سني ، شيعي ، كردي" ، فلذلك لم ترد في تصريحاتهم مفاهيم " التيارات الفكرية والسياسية " ، والتوافق الذي تحتاجه المرحلة الصعبة التي يمر بها وطننا في نظرهم " قراءة سورة الفاتحة على الديمقراطية " ولذلك فهم يؤكدون على "حكم الأغلبية " ، وانطلاقا من طائفيتهم المقيتة فهم ينظرون الى مفهوم " الأستحقاق الوطني " بأنه " شعارا مزورا منافقا كاذبا " .

ان المرحلة الصعبة المعقدة التي يمر بها وطننا ، والمآسي التي تعرض لها شعبنا طيلة حكم البعث الفاشي، ورغم مرور اكثر من عامين ونصف من سقوط الصنم ولغاية الآن ولا تزال معاناة شعبنا متواصلة ، لابل تزداد تعقيدا ، وتزداد معها نهب خيرات بلادنا وينخر الفساد كل مفاصل الدولة العراقية ، ويستهتر الأرهابيون اكثر بحياة ابناء شعبنا ، وازمات الكهرباء والماء والوقود تتفاقم ، والفلتان الأمني يتعاظم رغم زيادة اعداد الشرطة والجيش ، واعداد الخطط الأمنية التي يصعب على المتابع عدها ، حتى غدا شعور المواطن بالأمن حلما.

كل هذا يدعو القوى السياسية العراقية الفائزة والخاسرة في الأنتخابات ، ان تجعل مصلحة العراق اولا واخيرا ، وان العراق للعراقيين ، وتتخلى عن انانيتها الحزبية ، وتبادر القائمة الفائزة بالأغلبية الأنتخابية لتشكيل حكومة وحدة وطنية فعلية حقيقية تضم كافة التيارات الفكرية والسياسية الأساسية في المجتمع العراقي ،أي لا حكومة طائفية اثنية " شيعية ، سنية ، كردية " ، حكومة تتمتع بالكفاءة والنزاهة وحب العراق ، حكومة قوية تستمدد قوتها من وقوف الشعب العراقي خلفها ، حكومة يكون هدفها الأول اشاعة الأمن والأستقرار ، واعادة هيبة الدولة ، وارساء قواعد دولة القانون ، والقضاء على الأرهاب المتأتي من المجرمين التكفيريين ومن عصابات الميليشيات الحزبية ، وايجاد المعالجات لمشكلة البطالة المتفشية والتي هي أس المشاكل والمولدة للكثير منها ، وليس آخرا توفير الخدمات والمتطلبات الأساسية لشعبنا .

فالتاريخ لا يرحم ، وهذا الطاغية صدام القابع في سجنه والمنتظر لحكم الشعب العادل بحقه ، خير عظة ومثال لمن لا يضع العراق وشعبه في المقام الأول ، ويغريه ما تراه عيونه ، فالزمن كفيل بفضح كل من يمارس الدجل والخداع بحق الشعب العراقي ، ومن فاز ولم يوظف هذا الفوز لخدمة العراق وشعبه فسوف يتحول سخطا عليه ، ولعل مظاهرات الناصرية درسا يستفاد منه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ