الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


درسٌ من -إسرائيل-

الهيموت عبدالسلام

2017 / 3 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


سيكون صادماً أننا في هذه الأوطان أصبحنا مرشَّحين لشيءٍ واحد ألا وهو الانقراض أو الاختفاء من هذا الكون ، وسيكون مؤلماً أننا في أوطان يكتشف فيها المواطنُ قد قضى حياتَه في أبواب الإدارات والمستشفيات والسجون ،وانتظار سقوط المطر والحافلة وتشكيل الحكومات والانتخابات والقطار ونشرات الحالة الجوية بتلفازاتنا التي لا تنقُص سهراتِها سوى قنينات الجعة لتكتمل الفرجة ،دون أن ننسى غطّنا في النوم العميق مع احتساب الزمن التي نقضي فيه حاجاتنا بدورات المياه ووضع مؤخراتنا على كراسي المقاهي لافتراس المارَّة.

ولأنه لم يعد يوجَد ما نقارِن به أنفسَنا فوق هذا الكوكب الذي تحوّلنا فيه لعالة بشريّة بامتياز ،فإن المرء يضطر أن يأخد الدرس هذه المرة ليس من دول القارات الخمس بل من الكيان الصهيوني الغاصب للأرض والمشرِّد للشعب الفلسطيني الذي يعيش الشتات عبر المعمور ، هذا الكيان العنصري الاستيطاني العنصري أفلح في محاكمة رئيس وزراءه بشبهة حصول على رشاوي من رجال أعمال، إنه "بنيامين نتانياهو" الذي يخضع لإجراء تحقيق معه في مقر سكنِه بالقدس المحتلة لتوفُّر ما يكفي من القرائن ، أليس خضوع رئيس وزراء هذا الكيان الغاصب للتحقيق من طرف مرؤسيه وممن عينهم بنفسه تعبيرا حقيقيا للفصل بين السلطات واستقلالية القضاء ؟ هل رفض رئيس الوزارء التملص والتذرع بانشغالاته كرئيس وزراء وتأجيل الحضور واحتقار شرطة التحقيق بعدم حضوره كما يفعل فقط المقدمون والشيوخ ورؤساء الجماعات القرورية فأحراك بالبرلمانيين والوزراء كما هو الشأن في وطننا؟

شرطة التحقيق التي تحقق مع رئيس الوزراء لم يخضعوا لتهديد ولا لتضييق بل يشتغلون في تحقيقهم هذا باتصال مباشر وعبر بثّ حيّ مباشر مع لجنة التحقيق قصد الاطلاع على مجريات التحقيق وتزويد المحققين بأسئلة إذا اقتضى الأمر.
و"نتانياهو" يخضع للتحقيق في أفق محاكمته أمام القضاء لم تطلع صحافة الرصيف للتلويح بالمؤامرة الخارجية والطابور الخامس وتهديد الوطن لأن الصحافة لا تحصل على رواتبها من السلطة التنفيذية ولا يستطيع لا الجهاز التنفيذي ولا الأمني ألاستخباراتي أن يهدّدَ أو يعتقلَ صحافيا أو يغلقَ صحيفةً فالقضاءُ هو الوحيد والأوحد من يستطيع وبقرار قضائي الأمر بعدم النشر أو جرّ الصحافة للقضاء.

"نتانياهو" لم يستطع تسخير الأجهزة التنفيذية والأمنية والقضائية لأنه مجرد مواطن أمام القانون ،ولأن الأجهزة الأمنية مهمتها أن تحمي المواطن وتنفذ القانون وليس حماية المسؤولين الكبار.
سبق للكيان الصهيوني أن حاكم "إيهود أولمرت" رئيس الوزراء السابق الذي تمت إقالتُه ومحاكمته بتهمة الرشوة ولازال يقبع بالسجن، كما سبق لهذا الكيان أن حاكم رئيس الدولة الصهيونية "موتشي كتساب" الذي أمضى خمسة سنوات سجنا نافذا من أصل سبع سنوات كان قد حوكم بها بتهمة الاغتصاب ولم يستطع أحد الضغطَ على المتهمة وتخويفها وابتزازها للتنازل للمغتصِب.

الكيان الصهيوني الذي هزم الدول العربية 22 في كل الحروب التي خاضها باستثناء الانتصارات الباهرة التي حققها حزب الله اللبناني الذي طرد هذا الكيان من الجنوب اللبناني وكسَّر أسطورة تفوق الجيش الإسرائيلي الذي لا يُقهر، هزم الكيان الصهيوني وسيهزم هذه الأنظمة مجتمعة لأنه كيان يحاكم مسؤوليه ويفصل سلطه فصلا حقيقيا ويحترم استقلالية قضائه وصحافته ويتصدر مجال البحث العلمي وينتصر لحرية الرأي والتعبير...

ليس للأمر علاقةً كما قد يتبادر للذهن لا بالتطبيع ولا بالانبهار بهذا الكيان الاستيطاني العنصري الذي كما يقول عنه "ألبرت إنشتاين" أبرز علماء هذا العصر والذي عرضت عليه إسرائيل رئاسةَ الدولة الصهيونية فكان جوابه "إن دولة تقوم على الأُسُس التي قامت عليها إسرائيل فهي دولة جديرة بالفناء"ّ
العنصرية والاستيطان والمجازر وقضم الأراضي وتشريد لشعب بأكمله لا يجب أن تعمينا عن أن هذا الكيان يحقق لشعبه متطلبات العيش الكريم والحرية والصناعة والبحث والتقدم وإن هذه المتطلبات هو ما يجعل هذا الكيان العنصري من يهزم الأنظمة العربية التي تنام على محيطات النفط والغاز والثروات السمكية والمعدنية والبشرية وغيرها ولكن يعشش فيها بالمقابل النهب والفساد الاقتصادي وتعجز عن تعليم وعلاج وتشغيل أبنائها وشراء ذمم نخبها وقمع أقلامها وأصواتها الحرة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تطبيق يتيح خدمة -أبناء بديلون- لكبار السن الوحيدين ! | كليك


.. تزايد الحديث عن النووي الإيراني بعد التصعيد الإسرائيلي-الإير




.. منظمة -فاو-: الحرب تهدد الموسم الزراعي في السودان و توسع رقع


.. أ ف ب: حماس ستسلم الإثنين في القاهرة ردها على مقترح الهدنة ا




.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يلاحقون ضيوف حفل عشاء مراسلي البيت ا