الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعيون و قضية فلسطين

غسان صمودي

2017 / 3 / 9
القضية الفلسطينية


إن كشف لينين عن طبيعة الصهيونية، و إدانتها منذ البداية كحركة رجعية و منظمة شوفينية للبرجوازية اليهودية، و أداة للإمبريالية، ارتبطت و واكبت حركة الإستعمار الكولونيالي و الإمبريالي منذ أواخر القرن التاسع عشر يبين لنا موقف الشيوعيين من الصهيونية، إذ هي بالأساس نزعة عنصرية و شوفينية. و قد أصبحت في عصرنا، واجهة الإستعمار الجديد و سلاحه المفضل في ضرب القوى الثورية، و قاعدته الرئيسية في العدوان على الشعوب العربية و في التسلل إلى الدول النامية في آسيا و إفريقيا.
لكن حقيقة المشروع الصهيوني و طبيعته الإمبريالية العدوانية أخفيت بمهارة وراء الأهداف الإنسانية و الإشتراكية الكاذبة، و باستغلال آلام اليهود و المذابح و الإضطهادات العنصرية التي تعرضوا لها ، خاصة في شرق أوروبا في القرن الثامن عشر و أوائل القرن الماضي و بصفة خاصة على أيدي النازيين.
و نجح القادة الصهيونيون و الرأسماليون اليهود المرتبطين بالإحتكارات الإمبريالية في شد قطاعات من جماهير اليهود المعدمة و الفقيرة و جلب البرجوازية الصغيرة إلى عجلة أغراضهم الإستعمارية الكولونيالية. و أضفت إيديولوجية "الرواد" الصهيونيون الأول في فلسطين على المشروع الصهيوني منذ القرن التاسع عشر طابعا تقدميا زائفا، بخيالاتها و أحلامها في الخلاص و الإشتراكية البرجوازية الصغيرة الممتزجة بمفاهيم القومية الرجعية الشوفينية.
و قد نشأ مشروع الوطن القومي اليهودي و الدولة اليهودية الصهيونية في القرن التاسع عشر في ارتباط بكل مشروعات الإستيطان الأوروبي الكولونيالي في تلك الفترة التاريخية. و "هيرتزل" لا يخفي هذه الحقيقة في كتابه "الدولة اليهودية" و في حركته السياسية قبل و بعد المؤتمر الصهيوني المنعقد في "بال" عام 1897. و قد عقد القادة الصهيونيون أوثق العلاقات بقادة الإستيطان العنصري الأوروبي من أمثال "سيسل رودس" بجنوب إفريقيا و بالدوائر الإستعمارية الألمانية و البريطانية و الفرنسية و العثمانية في أوروبا.
لفد تظافرت الجهود الصهيونية و الإمبريالية لإخفاء هذه السمة الأساسية للمشروع الصهيوني، و إضفاء طابع الحركة القومية، و التطلعات القومية المشروعة و الطابا الإنساني على الهجرة اليهودية إلى فلسطين. و لكن قيام المشروع على إجلاء السكان الأصليين الفلسطينيين و طردهم بالقوة و إغتصاب الأرض بالتعاون مع المستعمرية البريطانيين و الإقطاعيين العرب، و خلق المجتمع اليهودي المنعزل على أنقاض المجتمع الفلسطيني، كل ذلك فضح الدعاوي القومية الكاذبة، التي لم تكن تنتمي بحال إلى حركة القومية الثورية في أوروبا في القرن الماضي، بل كانت و لا تزال جزءا لا يتجزأ من القومية الشوفينية الرجعية للطبقات الإحتكارية الإمبريالية و التي تدفعها أهداف القهر و الإستعباد القومي و العنصري لشعوب الشرق.
و حاولت الصهيونية تصوير حرب 1948 على أنها حرب وطنية تحريرية، خاضها "الشعب اليهودي" ضد الوجود البريطاني و التهديد العربي، لكن حرب 1948 لم تكن حربا بين قوميتين أو أمتين، بل عدوانا إمبرياليا تم بالتواطؤ بين الإستعمار و الصهيونية و الرجعية العربية، استهدف حركة الشعب الفلسطيني الوطنية و حركة التحرر الوطني العربية عامة. أما المصالح الحقيقية للعرب و اليهود في فلسطين، فقد تمت التضحية بها على مذبح المصالح الإمبريالية الصهيونية.
و لم تكن أعمال العنف و القتال التي قامت بها العصابات الصهيونية الإرهابية ضد البريطانيين حربا وطنية أو تحريرية في حقيقتها، بل تناقضات في صفوف العدو بين الصهيونية و الإمبرياليين البريطانيين، و بين الإستعمار البريطاني و الوافد الأمريكي الجديد. كانت إرهابا يستهدف في الأساس العدوان على الشعب العربي في فلسطين و على حقوقه الوطنية المشروعة و ضرب الحركة الوطنية التحريرية. كان الهدف هو غرس المشروع الصهيوني و إقامة الدولة الصهيونية بقوة السلاح و القهر.
و السياسة التي انتهجتها الدوائر الصهيونية الحاكمة في اسرائيل منذ قيام الدولة، تكشف بوضوح عن هذه الطبيعة العدوانية الإمبريالية العنصرية للدولة. فبرغم كل مقررات هيئة الأمم و المنظمات الدولية، و كل جهود قوى التحرر و السلام، ظل العدوان على حقوق الشعب الفلسطيني، و ملاحقته و طرده و إبادته يمثل سياسة ثابتة. و ظل التوسع و العدوان على الشعوب العربية المحيطة و محاولة الإلحاق للأراضي هو السياسة الثابتة للدولة. و تلك هي خبرة اعتداءات 1955 و عدوان 1956 ثم 1967 ، و السلسلة الطويلة من أعمال "الزجر و التأديب" ضد الشعوب العربية، و أبرزها سوريا تحت دعاوي الأمن.
إن المهمة الأساسية للقوى الوطنية العربية و قوى الثورة العالمية هي التصدي لتلك الطبقة الإمبريالية العنصرية و تعريتها و النضال لإقتلاع جذور المؤسسة الصهيونية. بالنضال ضد عدوانية إسرائيل و مطامع الصهيونية جزء لا يتجزأ من النضال ضد الإستعمار العالمي. و نضال الشعب الفلسطيني العادل و المشروع هو جزء من حركة التحرر الوطني العربية و العالمية. و من حق الشعب الفلسطيني أن يستخدم مختلف وسائل النضال و المقاومة الشعبية بما في ذلك الكفاح المسلح و العمل الفدائي ضد العدو الإستعماري الصهيوني و الرجعية العربية المتحالفة معه. إن كل القوى الثورية و التقدمية مطالبة بالمشاركة في الكفاح المسلح جنبا إلى جنب مع قوات المقاومة الفلسطينية التقدمية.
إن تأييد المقاومة الفلسطينية المسلحة و دعمها ماديا و معنويا و حمايتها ضد مؤامرات التصفية هي مهمة كل القوى الثورية في البلدان العربية و على النطاق العالمي. و في طليعة هذه القوى الحركة الشيوعية العالمية و البلدان الإشتراكية.
إن وحدة القوى الثورية العربية و كل القوى المعادية للإمبريالية هو شرط ضروري للنضال الظافر ضد إسرائيل.
و النضال ضد الصهيونية يرتبط إرتباطا عضويا بالنضال ضد القوى و الأنظمة العربية الرجعية الموالية للإمبريالية.
النضال من أجل إطلاق مبادرات الجماهير الشعبية و حريات التعبير و التنظيم و كفالة الديمقراطية للجماهير الشعبية الكادحة و حقها في تشكيل اللجان الوطنية بمختلف وظائفها من الدفاع المدني و التعبئة السياسية حتى الكفاح المسلح.
و على الأحزاب الشيوعية في البلدان العربية مهمة ملحة، التكتل في جبهات ثورية من أجل الوحدة و النضال ضد أنظمة الرجعية العربية و الوصول إلى السلطة و تكريس نظام إشتراكي معادي للنظام الرأسمالي. مهمة ملحة على عاتق كافة القوى الثورية المحلية و العالمية، الإعداد للثورة. و القوة الأساسية التي ستقود بالضرورة هذه الثورة، تحالف العمال و الفلاحين. إن ضمان تحقيق هذه المرحلة تتوقف على تدعيم هذا التحالف و توطيده. و تلعب الطبقة العاملة دورا قياديا في هذا التحالف، و يقود الطبقة العاملة حزبها الطبقي المعبر الحقيقي عن مصالحها المسترشد بالتعاليم الماركسية اللينينية الخلاقة.
و في تونس، الطبقة العاملة مؤهلة تماما للإضطلاع بالدور الطليعي في النضال الثوري لإستكمال مهام الثورة الوطنية الديمقراطية باعتبارها الطريق المؤدي إلى الثورة الإشتراكية، و بذلك تعرية النظام الصهيوني و الدولة العنصرية و فضحها، من أجل محاصرة النظام الإستيطاني و دحره. هذه الإستراتيجية الثورية هي التي تخدم قضية التحرر و السلام العالمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفلسطينيون العرب
فارع الصمد ( 2017 / 3 / 9 - 21:53 )
لو قبل العرب قرار التقسيم لما كان هناك قضبة لفلسطين وجميع الفلسطييين يعيشون في فلسطين ولم يطرد فلسطيني من بيته

اخر الافلام

.. في شمال كوسوفو.. السلطات تحاول بأي ثمن إدماج السكان الصرب


.. تضرر مبنى -قلعة هاري بوتر- بهجوم روسي في أوكرانيا




.. المال مقابل الرحيل.. بريطانيا ترحل أول طالب لجوء إلى رواندا


.. ألمانيا تزود أوكرانيا بـ -درع السماء- الذي يطلق 1000 طلقة با




.. ما القنابل الإسرائيلية غير المتفجّرة؟ وما مدى خطورتها على سك