الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كش مات، جواب أسئلتي-

فلورنس غزلان

2017 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



هل ينصفنا التاريخ يوماً ؟
وهل حاولنا أن نفتح نافذة نحو تاريخنا لنفهمه ونتعرف على تفاصيله؟
إن لم نفهم تفاصيل ماضينا ، فلن نستطيع بناء حياة قابلة للعيش في النور، إن لم ندرك أخطاءنا ونعرف أسبابها فلن نصحح مسارنا ولن نشفى من أمراضنا وآثارها على حياتنا وحياة مجتمعنا ، مما يترك ندوباً واضحة تعلو أعمالنا ومسلكنا وتشير إلى انحرافه ، أو عدم استقامته.
حين نتفحص ماضينا بعدسة مجهر نتمكن من رسم حاضرنا دون أخطاء وهفوات ...لكنا نراه اليوم مشبعاً بالكبوات والهزائم والنكوص والتراجع، ومع هذا نجد أن بعضنا يحاول إيجاد المبررات وتعليق الكبوات والأخطاء على الآخر، بل يصل به الحد إلى غسل أيدي الإجرام من دماء بريئة كانت ضحية إجرامه ، أو تطهير الأيدي المحملة بقاذورات العفن الفكري ، وممارسة نفس الخطاء وإعادة تدويرها وإن اختلفت الصورة والنوع أو الشكل ، لكنه يدعي ويبرر أن مافعله أقل نسبيا بخطره!، وأنه قام بالفعل للانتقام أو للرد بالمثل!!!، إذن ماذا تعلمنا من التاريخ القريب ومن الماضي البعيد؟ وكيف قرأناه ..؟ وهل خرجنا من كوابيسه وأمراضه أم كررناها بشكل حداثي مغرق بالعنف؟
هل تجاوزنا في مسلكنا الخطأ وتداركناه؟ هل تخلصنا من لغة السيف والبندقية كوسيلة حوار ؟ هل تخلصنا من الرعونة السياسية والسطحية الفكرية ، او الثقافية ؟هل حددنا مواطن الألم والوجع والعجز؟ هل بدأنا أو بادرنا بمحاولة الخروج من شرنقة الظلامية الفكرية ، كي نبني وطناً يصل لقامة تضحيات وحلم شعبنا بالحرية والديمقراطية المنشودة ، التي تساوي بين مكوناته دون إسفاف أو تمييز ؟ أم خرجنا من سجننا لنُدخِل أنفسنا في سجون أخرى ؟ أتركنا دمنا يُسفَح كي يرتفع منسوب حقدنا على بعضنا؟
هل خُنَّا الوطن؟ أم خُنَّا أنفسنا ، وأهدافنا وقناعاتنا على طريق الحرية؟ هل انحرفنا عن السوية الإنسانية ؟
ألم نترك الآخر يبيع ويشتري بنا وبأولادنا ومصيرهم وبالوطن ككل؟
مدننا لم تخنا ، لكنا خناها ، تركناها تُسلب وتُنهَب وتباد ، لأنا سلمنا قرارنا للآخر وتركنا رؤوسنا تردد مايريده الآخر، وأجندات الاخر تختلف عن أجنداتنا ...فكيف نساوي ونساوم ؟ وماهي نتيجة المساومة ، التي أوصلتنا لقاع البحر وتركتنا نغرق بكل حمولتنا بينما بقي الآخر على الشاطي ..يصرخ دون أن يمدنا بوسيلة إنقاذ؟ لماذا تركنا بندقيتنا مشروطة ومربوطة ، ورفعنا رايات الفجيعة والضغينة، رايات التفرقة والتذرير، ودفعنا ومازلنا ندفع دون الوصول لمخرج مشرف؟ ..وهاهو الآخر يحتفل بموتنا ..لأننا نَقتُل ونٌقتَل بالوكالة عنه بينما يتبادل الأنخاب فوق جثثنا.
أتساءل أيضا ،هل نسير ، نركض ، أم تركلنا الأقدام؟، بينما نتبارى في عملية القتل مشروعاً كان أم غير مشروع ، نمارس العنف ونحن ضحاياه ...فتحولنا لوحوش يكبر توحشها مع مرور ستة أعوام من الألم والحزن والضيق والموت، لماذا نتغير أخلاقياً ونتراجع إنسانياً ووطنياً إذن؟ ، والملاحظ أن منسوب التَدَيُن عندنا يرتفع طرداً كلما انخفض منسوب الأخلاق والتطرف، فلم هذا الانحدار نحو الحيوانية والسطحية الفكرية والابتعاد عن قيمنا الأصيلة وتسامحنا ؟
حلمنا بالتغيير منذ أعوام عديدة ، وتركنا بحر العدم يأخذنا وبحر الألم والدم يجرفنا بكل مافيه من بشاعات مررنا فيها ولم نعرف كيف نتخطاها بسوية وعقلانية، نحمل خرائط رسمها غيرنا وتبنيناها على أنها تمثل أحلامنا ! ، لم نبحث في دواخلنا مواطن الخلل ، ولم نرفع صورة حلمنا وحلم أولادنا، بل رحنا وبكل حماس نهرع نحو مجابهة الضواري التي سحبت منا الحياة ، لكنا في الوقت نفسه انسلخنا عن تراث المحبة المتوفرة في ثقافتنا، وتركنا الحقد يصعد ويتمدد ، بل يطفو على سطح لغتنا اليومية ويكرس ثقافة هجينة غريبة على مجتمعنا ، وفسحنا المجال للغة الحقد الطائفي تبني أعشاشها فوق أغصان ثورتنا، فوق حقولنا وبيادرنا ، تركنا أغاني المحبة والأخوة وتبنينا أغاني تفوح منها رائحة العفن المكدس من أحقاد الماضي ..نبشه الآخر وحشره في خياشيمنا ... فاعتقدنا أنه خط الحقيقة ودرب الخلاص، ولم ندرك حتى اليوم مقدار المسافة ، التي تبعدنا عن الوطن ، عن الحلم ، عن الحب ، عن الأمل ، عن الحياة ، عن المستقبل المشترك والمتقاسم مع أبناء وطننا وإن اختلفت الوان ايمانهم وصلواتهم، وبالطبع هناك من يبعدهم عنا كذلك ...، فهل منحنا أنفسنا فرصة البحث عن الروابط الأهم ، عن وطنية تجمعنا ونبني بها الوطن السليم المعافى ؟
أرى أننا نقف اليوم فوق رمال متحركة ، هجرنا طريقنا الأولى وكل يسير وحده وعلى هواه أو هوى لاعبي الشطرنج في رقعة المنطقة، كلهم يرمي بنا بيادقاً يكسب من خلالها فرصته ، ويقول لنا: كش مات.
فلورنس غزلان ــ باريس 9/3/2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أطفال يروون تفاصيل قصف مدرسة نزحوا إليها في دير البلح بقطاع


.. كاميرا الجزيرة ترصد غارات إسرائيلية عنيفة على الضاحية الجنوب




.. كيف استعدت إسرائيل للقضاء على حزب الله؟


.. شهداء وجرحى بغارة إسرائيلية على مسجد يؤوي نازحين في دير البل




.. مظاهرات في مدن ألمانية عدة تأييدا لفلسطين ولبنان