الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا البلد الطارد

ليلي عادل

2006 / 1 / 18
حقوق الانسان


سنين طوال قضيتها في محاولات يائسة فاشلة ..أقنع فيها من كانوا حولي من أقارب أبتداء" بالأشقاء .. و ليس انتهاء" بالأصدقاء و الزملاء و المعارف ...بالعدول عن فكرة تدب كالحمى منذ الحرب الأولى التي داهمت حياتنا في غفلة من أحلامنا و مشاريعنا الحياتية ...فكرة الذهاب ...فكرة اللاعودة..منذ ذلك الزمن و انا أفقد أشخاص كانوا يوما" الى جانبي و اليوم أصبحوا ذاكرة ..تبتلعهم غربة و مهاجر بعيدة و تبتلعني غربتي الداخلية ..تسربوا الواحد بعد الآخر و انا ما زلت للآن أفقدهم و ما زال لي أصدقاء يهربون ..حتى ان أحدى صديقاتي تندرت على موقفي المضاد للخروج من البلد ..بأن المفاتيح ستبقى لدي لأقفل الأبواب بعد ان يخلو علي العراق ...كلام مر عليه زمن ليس بالقصير لكن ما زال صرير المفاتيح في أذنيّ..مع أني اليوم أشجع ما تبقى من أصدقاء على النجاة بأنفسهم و تخليص عوائلهم من هذا الجحيم الأرضي الذي نعيشة يوما" بيوم...ما أثار لديّ هذه الأفكار هي زيارة من زوج من الأصدقاء... الأثنين هم من الأطباء ...يعملون في مستشفيات و مراكز تابعة لوزارة الصحة ..خدموا هذه الوزارة بأمانة منذ تخرجهم ربما لأكثر من عقدين من الزمن ...وبعد ان بنوا بيتا و عائلة و أصبح لديهم من الأولاد شبابا" يعتمد عليهم ...يفكرون اليوم بترك كل ما بنوه و البداية من جديد في بلد آخر ..بعد ان تعرضت الزوجة ,الطبيبة الى الأبتزاز و المساومة لأكمال معاملة خاصة بها من قبل مديرها المباشر ...طبعا" مدير في وزارة الصحة يعني لو حزب دعوة لو صدري ..حسب الأستحقاق الأنتخابي ...ومبدأ القسمة بالعدل ...و الجهتين تدعيان التديّن و الألتزام لكن ما خفي كان أعظم ..فساد أداري و مالي ...ويبرروه بأنهم كانوا محرومين ...و ليعوضوا ما فاتهم من لغف ...لكن مساومة و فساد أخلاقي و في مكان مهم مثل دوائر وزارة الصحة فهذا ..أتسائل بم يبرره هؤلاء أو من يتصدى لهم ...و هذه ليست بالمرة الأولى التي نسمع بها عن هكذا مساومات لكنها المرة الأولى التي أسمعها من لسان الضحية و التي قررت بعد هذا الحادث تقديم استقالتها مع زوجها و الهرب الى أقرب بلد حاضن و راع للأنسان خصوصا عندما يكون طبيبا" ذي خبرة ...
متى يتوقف هذا البلد عن طرد مواطنيه و حملهم على الهروب بجلدهم حفاظا" على الكرامات قبل الحياة ...و من أهم النخب التي أوشك البلد ان يخلو منها , العراقيين الحقيقيين الذين تحملوا و صبروا على كل المصائب التي مرت علينا من أساتذة و علماء و مثقفين ..لكن كما تقول ام كلثوم ..للصبر حدود ..كل شيء الا الشرف ...
أصدقائي في غربتكم ...حسنا" فعلتم حين أخترتم الرحيل و لتكن البلدان الحاضنة هي أوطان حقيقية لكم و أتركوني أنا في غربتي الداخلية لأقفل ابواب الوطن من خلفكم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا