الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمسيس الثاني .. الجد الأعظم الذي جار عليه الزمن وقلّب علينا المواجع

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2017 / 3 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لا يغادر مشهد اخراج تمثال الملك رمسيس الثاني مذلولا مكسورا من بين الوحل خيالي، فهو مشهد يصف الحال الذي تعيشه مصر في عصر الانكسار والانحلال حيث تغرق ثروات الوطن وقيمه ومقدراته في الوحل، ويتحكم الجهل والغباء ويُعلى من قيمة القبح ويُهدر الفن والجمال، حيث لا يُعترف بالخطأ ولا يُحاسب مخطيء او مقصر.

لم يكن الملك رمسيس الثاني الجد الأعظم والقائد والفاتح، والذي انتهى به الحال تحت اسنان الحفار يغسل بالجردل وفرشة البلاط من الوحل المحيط به الا صورة لما نال آثار مصر وثرواتها في السنوات القليلة الماضية من خراب ونهب وهو امر لم تراه مصر في تاريخها المكتوب، فمن اعمدة المعابد الآثرية التي تم ترميمها بالأسمنت، لمآساة هرم سقارة، لذقن توت عنخ امون، لالاف القطع المسروقة والمهربة من كل العصور، تضيع ثروة مصر الآثرية، ومن ذهب وغاز ومعادن وثروات يتم نهبها ولا يصل خزائن الدولة منها شئ حتى وصلت قيمة الذهب المستخرج من منجم السكري وحده 83 طنا في سنوات قليلة تخرج بلا عودة يكون لدينا صورة واضحة عن حجم ما تتعرض له البلاد من نهب وعندما يصل الدين العام الى اكثر من ثلاثة تريليون جنيه، يتضح لنا ان القائمين على البلد لا يهدفون لصالحها بأي حال من الأحوال..

ترافق الاعلان عن هذا الكشف – او فلنقل هذه المآساة – بالتزامن مع الاعلان عن سرقة قطع آثرية من ضريح الامام الشافعي تتضمن القطع المسروقة مقصورة السلطان الكامل الأيوبي، والباب الخشبي المزخرف وقطع اخرى، ليزيد المشهد قتامة وسوءا.

يتحدث العالم عن همجية داعش وتخريبهم للآثار السورية والعراقية العريقة، فماذا عن همجية القائمين على الأمر في مصر، فالتطرف والجهل وجهان لنفس العملة القبيحة كلاهما لا يعترف الا بقانونه، وكلاهما لا يعرف قيمة للفن والجمال، كلاهما يحتكر الحق المطلق، مهما بلغ جهله ومهما كانت نتيجة الخراب الناجمة عن اعماله.

ان التشابه بين حكم داعش وحكم العسكر لافت للنظر بدرجة مذهلة هذا يحتكر الدين، وهذا يحتكر الوطن، هذا يكفر معارضيه، وهذا يخون معارضيه، هذا لا يقبل المراجعة ويرى لنفسه الحق في الاستيلاء على الثروات وتطويع البشر، وهذا يستولي ايضا على الثروات ولا يقبل اي مراجعة او رقابة.

لا يوجد في مصر اي نوع من الرقابة او المحاسبة، يكتفي الجميع حتى في جرائم الاهمال المنقولة بالصوت والصورة مثل جريمة اخراج تمثال الجد الأعظم بالحفار، باطلاق الأكاذيب، حيث تقول وزارة الآثار انه خرج تحت اشراف مختصين وعلماء آثار!

راجع الصور والتسجيلات وقل لي اين هم علماء الآثار والخبراء؟ في المعتاد في مثل هذه الأحوال حين يكون هناك كشف اثري بهذا الحجم، يتم شفط ما حوله من طين، ثم يتم ازالة التراب من حوله يدويا ، وتوضع له دعائم ويرفع بحرص شديد، لا ان يتم سحبه وتكسيره وغسيله بالجردل وفرشة البلاط!!!

لا اعرف ما هو الاعتذار الذي يليق بك ايها الجد الأعظم، ولا عن عدد الأمور التي علينا ان نعتذر لك عنها، عن التراجع والتخلف الذي وصل اليه احفادك، ام عن مصر التي تركتها جميلة راقية رائدة تطعم العالم من ارضها ثم وصل بها الحال للاستدانة من كل دول العالم، واستيراد خبزها.

لم يعد بين الأقزام مكان لتمثالك العملاق فكان عليهم تفتيت اجزاءك، لتصل الى حجمهم، فهذا ما يجيدونه، التقزيم والتجهيل والقمع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 10 سنوات من الحرب.. أطفال اليمن، أجيال مهددة بالضياع!


.. ماكرون يقامر بانتخابات مبكرة... هل يتكرر سيناريو ديغول أم شي




.. فرنسا: متى حُلّت الجمعية الوطنية في تاريخ الجمهورية الخامسة


.. مجلس الحرب الإسرائيلي.. دوره ومهماته | #الظهيرة




.. هزة داخلية إسرائيلية.. وحراك أميركي لتحقيق الهدنة | #الظهيرة