الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليلى على بساط الريح

رشيده الفاسي

2017 / 3 / 12
الادب والفن


ليلى على بساط الريح :
بيوم جميل جدا التقى قيس بليلى بطريق لم تعتد ليلى المرور منها ، لكن الصدفة كانت احسن من الميعاد ، تلاقت النظرات ، احس كل منهما انه يعرف الاخر منذ الازل ، تمنت ليلى ان يتقدم قيس منها بخطوات كي لا يضيع بين طرقات ليس لها بها سابق معرفة ، فعلا احسها قيس اختصر كل المسافات ، وحتى الاوقات ، جاءها بلهفة المحب من النظرة الاولى ، فتفنن في اخذ القلب والعقل معا ، وحدد لها موعدا ليصنعا معا مملكة صغيرة كلها حب وحنان ، ركبت معه الفرس الابيض الذي طالما انتظرته ، احست ان فارس احلامها كان ينتظرها بشوق ولهفة يفوق شوقها ولهفتها .
شاركا معا في بناء المملكة الصغيرة ، كانت رائعة بكل محتوياتها ، تشاركا في العطاء ليفوزا بالسعادة الابدية ، لكن اختلف العطاء بالحب لدى كل منهما ، لان قيسا كان يبحث عن حب الام بكل معانيه ، وليلى كانت تبحث عن حب العاشق الولهان بكل ما فيه .
الغرابة انهم تعايشوا معا دون ملل ولا كلل من اختلاف طلباتهما في الحب ، لان ليلى كانت تستشعر قيس وتتمنى رضاه ومرضاته ، لانه بامس حاجتها ، اما قيس فقد اتخذ ركبة ليلى كرسيا لاعترافاته ، كلما احس بضيق او تعب لجأ اليها يبكي ويشكي همومه ، تحولت ليلى الى مذكرات ليومياته ، وانقلب حب قيس لليلى الى أم تغفر جميع خطيئاته ، وتستر جميع عيوبه .
خلفت ليلى طفلا جميلا ، لكنه توفي رضيعا ، فانفرد قيس بحب ليلى ، بل وزاد عشقا لامه التي لم تنشغل بغيره .
استمرت العشرة بينهما في سلام وامان لاكثر من اثنى عشر سنة ، تعلمت خلالها ليلى ان الحب انواع واشكال ، واستقرت على انها خلقت لتكون ام قيس .
وفي يوم جميل جدا كيوم بدايتهما تفاجأت ليلى بقيس ياخذها من يدها ويقبلها بكل حفاوة وتقدير طالبا منها السماح عن سوء التعبير ، عن حبه الذي عاش عيشة الضرير ، اعترف لها انها تستحق ان تكون كل نساءات الكون ، اعلمها انها كانت له الام والاخت والابنة والصديقة والعشيقة والحبيبة والزوجة ، لكنه قصر قبل ان يتبصر .
سامحته ليلى ، وتشابكت الايادي لتجديد العهد بميلاد حياة كلها حب وحنان قيسي وليلي طول العمر ، مشمولا بكل السعادة والفرح .
تعانقا بكيا من الفرح ، تسامرا تلك الليلة ، تمنيا ان لا تغفو العين ، لان القلب سعيد جدا لانه تلمس الحب الحقيقي الذي هو حب الاحبة .
فجاة احست ليلى ان وجه قيس اصفر ، وان صوته بالكاد يسمع ، طلبت منه ان ينام ، لان التعب باد على وجهه .
لم يستطع قيس ان يتكلم بصوت بل بحشرجة ، احست معها ليلى ان شيئا ما سيحدث ، خافت على قيس ، اسرعت به الى اقرب مصحة .
كان بطريقه يودعها بنظرات ، لم تعهدها من قبل ، اول ما نزل على سرير المستشفى ، اخذ يدها اليه وقبلها قبلته الاخيرة وسقط على فراشه مستسلما لاخر لحظاته .
نزل ستار اسود على عيني ليلى ، جعلها لا ترى سوى ظلام دامس تسلل لكل ما حولها ، عشقت الظلام لانها لا تريد ان تفتح عينيها على حقيقة ان الحياة قصيرة مهما طالت ، وان اللحظات السعيدة تنتهي بسرعة البرق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??