الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا لا أدلع نفسي؟ لماذا لا أكتب مقالا عني؟

نائل الطوخي

2006 / 1 / 19
الادب والفن


حقا, لماذا لا أدلع نفسي و أكتب مقالا كاملا عني؟ عني أنا بالتحديد بمناسبة العيد الكبير الذي أمر به, فاليوم تصدر أول رواية لي, و عندما يتم نشر هذه المقالة سأكون في دار نشر ميريت أتسلم نسخي من محمد هاشم مديرها. الرواية بعنوان "ليلى أنطون", "سيسألني بعض الشوفينيين: لماذا شخصية مسيحية؟ على هؤلاء لا رد لي إلا لي الشفتين و مطالبتهم بسؤال أكثر ذكاء". ليلى أنطون شخصية نمت كما تنمو الشخصيات العظيمة, أقولها ساخرا, فبطلة قصة قديمة لي كانت بعنوان ليلى أنطون و لما وجدت القصة تلقى استحسانا "لا يأخذنكم الوهم. هذا الاستحسان هو استحسان أصدقائي الذين لا يقرأ غيرهم قصصي, مشكورين على كل حال" قررت الزج ببطلتها في عمل روائي لي.
قبل النشر مباشرة دفعت بمخطوطة روايتي إلى كثير من الكتاب و الأصدقاء, و لم أندهش حينما لم يحبها أحد, فروايتي لا أصعب من حبها إلا الحديث عنها وفق مصطلحات ك "الحساسية", و "الطزاجة" و بالتأكيد "الهم الإنساني" مشتركا كان أم غير ذلك. ها أنت تقرأ ليلى أنطون, هاأنت تصل لمنطقة يصعب العودة عنها, و يصعب أكثر منها التماهي معها, أن تجد نفسك فيها حقا, هاأنت تكرهها بكل قواك. هنيئا يا عزيزي.
تحدثت في روايتي عن فكرة المجاز, و بالأخص عن مجازين مهيمنين, مجاز القلم/ القضيب, و مجاز غشاء البكارة/ غلاف السلعة و من ثم غلاف الرواية, لم أفكك هذان المجازان, و بالتأكيد لم أؤكدهما, بل لعبت بهما, و هو ما يمكن أن يكون عنوانا لعدد كبير من أعمالي من الآن فصاعدا. شيئا فشيئا أتحول إلى هازل كبير, لسوء الحظ أو لسوئه.
بالإضافة إلى هذا كانت لعبتي الأساسية, لعبة الذات و الموضوع, و التي تحظى بحديث مباشر عنها في أكثر من فقرة في الرواية, غير أنها تهيمن كذلك من خلف كواليس الرواية و بشكل غير ملحوظ كذلك. تعرفون؟ ثم إنجاز مهم لهذه الرواية, و هو ينتمي إلى الجيل السابق علي, إلى تنظيرات جيل التسعينيات. عندما سيقرأها أحد ما لن يكون مهتما بمعرفة ما الذي سيحدث بعد ذلك, أو كيف ستتطور الشخصية الفلانية في الاتجاه الفلاني. كل هذا يشكل صفرا في المائة من اهتمامات الرواية "حتى و إن اتخذت عنوانا هو اسم الشخصية المحورية, إن أردتم, لها". اهتمام الرواية الأساسي هو في كيفية الكتابة, التي أتمنى أن تكون جديدة تماما, يعني سيكون السؤال الرئيسي للقارئ, إن وجد: كيف كتب هذا, أي نوع هذا من الأدب؟ و الأهم, لماذا هذا شيء جميل أو قبيح, أو مهم. هي رواية حاولت جعلها قلعة مشيدة, أتحدى بها أي قارئ أن يلم بها من مرات متتالية يدور فيها, محتذيا في ذلك خطى كونديرا في روايته العمدة "الخلود", و التي قرأتها بعد انتهائي الأخير من ليلى أنطون. حاولت في روايتي الابتعاد عن كل مفاهيم الصدق و الحساسية و النقاء التي تميز كتابات ساذجة بعدد أفراد العالم. هي رواية تميزها وحشيتها و تركيبيتها و عنفها المدوي, قبالة القارئ كما هو بين أبطالها و بعضهم البعض. سيقول بعض الرومانسيين: و ماله يا حبيبي؟ الوحشية هي أكثر صدقا من أي شيء. على هؤلاء لا رد لي إلا متابعة ما كنت أفعله قبل سؤالهم. أنا محتال يا إخواني.
لست ساذجا إلى درجة أني لا أدرك مدى الوقاحة في كتابة مقال عني, كما أني لست وقحا لكي أفعل هذا, أنا باختصار إنسان سعيد بصدور روايتي, لذا قررت أن أكتب شيئا, لا هو مقالة و لا قصة و لا تحقيقا و لا أي شيء يتسم بعمق نسبي, إنما هو كما نقول بالمصرية: افتكاسة, و التي هي بلوف بالإنجليزية, و التي تعني الخديعة و المقلب, و العظمة الذي تنكشف عن خواء رهيب. و قد يكون مقالي هذا هو افتكاستي الوحيدة بعد عشرات المواضيع الرصينة و الوقورة التي دفعت بها إلى الحوار المتمدن, و نشرتها لي هيئة الصحيفة مشكورة على صبرها و تسامحها تجاه ما أكتبه, و استغلالا لصبر و تسامح كهذا أدفع بهذا المقال أيضا إليها, بعد تشجيع مؤثر تلقيته من القاص الموهوب أحمد شعبان توفيق "سلام لك يا أحمد", و لا يخلو الأمر من تقدير لتقدير الحوار المتمدن للجنون, ذلك الذي لن يقدره أي مكان آخر, الجنون الذي يدفعني لكتابة مقال عني. و هو جنون بسيط, هين على كل حال, هو ابن الاعتقاد الجازم أن أحدا لن يكتب عن الرواية. هو محاولة لاستباق الملل الشاسع الذي سأقضيه أياما باحثا في جوجول عن اسم "ليلى أنطون", و لا أجد إلا مقالتي اليتيمة تلك في الحوار المتمدن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فايز الدويري: فيديو الأسير يثبت زيف الرواية الإسرائيلية


.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي




.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز