الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبد الإله بن كيران و الرسالة المشفرة

محمد جيك
فنان تشكيلي

(Jik Mohamed)

2017 / 3 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


بعد خمسة أشهر من تعيين بنكيران و إزاحته من المشهد السياسي سأعيد مجددا،نشر مقال كتيته سابقا ، ليس تشفيا في "الزعيم" لكن لفتح نقاش معمق حول أخونة الدولة و دور اليسار و كل القوى التقدمية في حلحلت موازين القوى بين الحركة الاسلامية و باقي المكونات السياسية التقدمية.
أخونة الدولة و سيناريوهات ما بعد انتخابات 7 اكتوبر
سيبقى يوم الأحد 18 شتنبر 2016 أكثر الايام التي جعلتني أحس أن هناك مستقبلا مجهولا ينتظرونا جميعا، في الأفق القريب، مسيرة الدار البيضاء. احتشد في ذلك اليوم آلاف الأشخاص، أغلبهم لا يعرف لماذا تم احضاره، شباب كثر عبروا عن استيائهم من مشاركتهم في أمر لا يدركون مغزاه، حتى أغلب المعلقين على الحدث، انصاعوا لشكاوي أولائك الشباب. و اعتبروا الشكل الاحتجاجي، مشكوك في أمره، و لا يرقى الى مستوى الحدث نفسه و الظرفية السياسية لا تسمح بذلك. لكن الخطوة على المستوى الشكلي توحي بذلك أما الأهداف فلم تنبلور بعد.
إنها الدار البيضاء، التي كانت دائما قاطرة الاحتجاجات التاريخية الكبرى بالمغرب، 1965/1981/1984 ، كان يوم 18 شتنبر 2016 صورة ميكروسكوبية لتلك الاحتجاجات التاريخية، حمل المشاركون فيها لافتات تحمل من الرمزية الشيء الخطير: بن كيران ارحل، عبارة حملت بين يدي شباب ،لا يستطيعون الجواب على السؤال الرئيسي، لماذا كل هذه الضجة؟
أقدم عبد الالاه بن كيران، منذ توليه رئاسة الحكومة، على التحايل، فتارة يمثل دور الضحية و تارة أخرى دور البطل، انها سمفونية ضبط ايقاعها جيدا، لم يخسر قاعدته الانتخابية كلية و لا ارتكب اخطاء قاتلة. بدأ يكسب بنهجه المتبع أتباعا جددا من الحركة الاسلامية بالمغرب، بدأ يقترب أكثر الى القسم المتشدد منها، و دعمه من طرف المغراوي بمراكش، خلال انتخابات 4 شتنبر 2015 و ترشيح السلفي حماد القباج خير دليل على ذلك.
انسحبت جماعة العدل و الاحسان من حركة 20 فبراير، بعد تولي بن كيران رئاسة الحكومة ، و يعتبر ذلك دعما غير مباشر لحزب العدالة و التنمية. كما صوت منتسيبن للجماعة لصالح مرشحين في الانتخابات الجماعية الأخيرة و من المحتمل جدا، أن تشارك بكثافة لدعم الحزب في الانتخابات البرلمانية المقبلة، كأهون الشرور، لقطع الطريق على حزب الأصالة و المعاصرة بقيادة إلياس العماري لرئاسة الحكومة. إنه تعاظم لدور الحركة الاسلامية و يعتبر حزب العدالة و التنمية حليفا استراتيجيا لباقي مكوناتها بالمغرب. و يسير الحزب، حاليا، تسعة عشرة جماعة ترابية بالمغرب، مدن كبرى يفوق سكان كل منها مائة ألف نسمة، ميزانياتها تبلغ ملايير من الدراهم. انها، بالفعل، كعكة تثير شهية الاسلاميين، خاصة جماعة العدل و الاحسان.
عقدت لقاءات و تنسيقات عديدة، جمعت بين ممثلي التنظيمات الاسلامية بالمغرب، كل على حدى، بموظفين من السفارة الامريكية، سرية و علنية، اجتماعات لم تكن غاياتها الا ما يخدم مصالح الامبريالية بالمنطقة، كما أشاد صندوق النقد الدولي و البنك العالمي ، الذي زاد خط ائتمان منح الديون للمغرب، بأداء بن كيران، تنويه و تشجيع لم تحظى به من قبل الحكومات السابقة - جطو و عباس الفاسي- نفذ بن كيران توصيات مراكز القرار الامبريالي بكل جدية، دون ان يأخذ بعين الاعتبار، مثل الحكومات السابقة، تبعات قرارات قاسية تهدد القدرة الشرائية للكادحين.
خلقت الامبريالية، بمنطقة الشرق الاوسط و شمال افريقيا، الظروف المناسبة اقتصاديا و اجتماعيا ... لانطلاق ما يسمى بالربيع العربي، و مهدت الطريق لصعود التيارات الاسلامية، كل منطقة على حدى حسب خصوصيتها. كان محمد مرسي و راشد الغنوشي شخصيات اسلامية مهمة جدا بالنسبة للغرب و دعموها بشتى الأشكال، و وكلت دولة قطر في تنفيذ المهام على أحسن ما يرام. تمكن مرسي و الغنوشي من حصد المقاعد البرلمانية، بكل سهولة، و استعملت الديموقراطية، التي يعتبرونها دخيلة على المجتمعات الاسلامية، لتحقيق أهداف كانت بالامس القريب من المستحيلات.
انسحب الغنوشي لأن مجتمع تونس أكثر انفتاحا و ما تركه بورقيبة، سنوات خلت، له أثره على بنية المجتمع، اما مرسي فقد اعتبر المناسبة مواتية و لن تتكرر ثانية، و عمد الى تغيير محافظي جل محافظات مصر مع تغييرات موازية للجهاز القضائي و بنك مصر المركزي و غيرها من سياسة الاتغراس في دواليب الدولة، و هذا ما لم تستسيغه القوات المسلحة المصرية و باقي مكونات القوات التابعة لها، و اعتبرت أن ما بناه الضباط الاحرار سينهار امام مد اسلامي لا يبشر خيرا بمستقبل مصر و جيرانها الحيويين.
لقد تدخل الجيش، حسب تقديره، لوقف ما يمكن ايقافه، فكما يفكر الاخوان المسلمون بالسيطرة على دواليب الدولة بمصر، واجهته القوات المسلحة المصرية بنفس المنطق : صراع حول الدولة و مؤسساتها أو ما يسمى ب" الانقلاب على الشرعية".
لقد أبانت تجربة تركيا، مع الحركة الاسلامية –اردوغان- أن هناك مخططا لتهشيم رأس "الدولة العميقة": العسكر، و ساهم النمو الاقتصادي الاسثتنائي ،الذي حققته تركيا في عشر سنوات الاخيرة، عبر تدفق الاستثمارات الأجنبية بكثافة، كدعم للتجربة، من قناعة البرجوازية التركية بأهمية تعايشها مع حزب اسلامي، نظرا لما حققته من طفرة اقتصادية كبيرة، و لم تعد يهمها مستقبل الدولة العلمانية التي بناها اتاتورك على أنقاض الدولة العثمانية.
إن تاريخ الحركة الاسلامية بتركيا، لم يكن مرتبطا بفترة حكم أردوغان، و لكن له امتداد تاريخي، كجماعة الاخوان المسلمين بمصر. و قد فصل الروائي التركي أورهان باموك، الحائز على جائزة نوبل للآداب، في روايته المشهورة "ثلج" عن تلك المرحلة من تاريخ تركيا، و التعاطف الكبير الذي حضي به الاسلاميين، من طرف قسم واسع من الشعب التركي، باستعمالها لخطاب مناهض للعلمانية، و تعرض مثقفون للاغنيال، و توج هذا المسلسل آنداك بانقلاب عسكري خلال الثمانينات، كرد فعل على ذلك التغلغل. و لم يقدم بديلا اجتماعيا و اقتصاديا بعده للشعب التركي.
إن المرحلة التاريخية المهمة التي تحدثت عنها الرواية، هو امتداد لما تعرفه تركيا حاليا، قسم من تلك الحركة: حزب العدالة و التنمية التركي، يحكم بقوة. لقد اختلفت الظروف و الأحداث و لم تعد هناك ظروف ناجعة للجيش التركي لانجاح انقلاب 15 يوليوز 2016، الذي جاء في سياق محلي و دولي مختلفين. لم يدرك زعماء الانقلاب مدى تعاظم دور أردوغان مع الطفرة الاقتصادية التي أسعدت الغالبية العظمى من الشعب التركي، و تعاظم الطبقة المتوسطة، و توسعها الكبير. إن جزءا من جنرالات الجيش أصبح يحضى بدور كبير في تعزيز مكانة اردوغان السياسية نظرا للمصالح الاقتصادية المتشابكة بين الطبقة البرجوازية التركية، الحديثة الوجود. إن النموالاقتصادي و التشغيل الذي واكبه، حقق الاستقرار والرفاه الاجتماعي، يستحيل معه، مع مثل هكذا ظروف، الاطاحة بمثل هكذا حكومات. لقد كان سوء التقدير، المبني على تعرض تركيا لنكسات دبلوماسية في علاقتها مع روسيا و اسرئيل و تبعاته الاقتصادية، و قضية اللاجئين ستعجل بنجاح الانقلاب، لكن الظروف التي أسس لها أردوغان كانت أقوى من تلك الهزات كما أصبح تشابك مصالح الغرب مع الحكومة التركية أقوى و أفضل حالا مع وضع غير مستقر.
إن خروج 18 شتنبر 2016 الى شوارع الدارالبيضاء، مقدمة للسناريوهات المحتملة و رسائل مشفرة الى المعنيين بالأمر. ففي حالة فوز العدالة و التنمية بالانتخابات البرلمانية المقبلة و ترأس الحكومة و محاولات كسب الرهان اسوة برفاقهم بتركيا سيعجل برد فعل قوي، احتجاجات ستنطلق من العاصمة الاقتصادية: الدار البيضاء التي فتحت مؤخرا مقبرة شهداء الكميرة، شهداء اصرابات 1981 و لا ندري متى ستظهر مقبرة أخرى لشهداء سيكونون أكثر بعد انتخابات 7 اكتوبر، لست متشائما و لكن الصراع سيحتد أكثر من ذي قبل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قوة العدالة والتنمية المغربي مقابل ضعف اليسار
عبد الله اغونان ( 2017 / 3 / 17 - 19:13 )

قوة اللاسلاميين ظاهرة ابتداء من الجبهة الاسلامية بالجزائر وحماس بفلسطين والعدالة والتنمية
بالمغرب وحزب الحرية والعدالة بمصر فضلا عن قوة التيار الاسلامي بالخليج خاصة الكويت مع الاشارة الى حزب الله اللبناني كحزب طلائعي دون نسيان ثوار ليبيا وسوريا مع اشارة طبعا الى الثورة الايرانية والتجربة التركية الرائدة
انها ظاهرة تحتاج للدراسة والفهم والتفهم والحوار والمشاركة وليس البكاء على أطلال نضالات فقد صلاحياتها
جماعة العدل والاحسان لو تحالفت مع العدالة والتنمية لتواريتم خجلا
منع القباج السلفي من الترشح مع العدالة فنجح بديلا عشرين فبراير كانوا شذاذ افاق ليس لهم قيادة ولاانضباط مخترقونهم بمعزل عن أحزاب ونقابات جلهم شباب عاطل لايريد الا التصعيد استغلهم حزب يساري راديكالي صغير تترس بالعدل والاحسان وأراد وعامة وهمية وانتهت الى ماانتهى اليه شباب تمرد المصري ورقة استعملت
البلوكاج في المغرب معناه تجمع أحزاب صغيرة ورفض تشكيل حكومة الا بشروط الحصول على حقائب واشتراط من يشارك ومن لايشارك
نقول عندنا --- الحمية كتغلب السبع
وهاهو الملك اليوم قد عين سعد الدين العثماني من نفس الحزب
فمازالحزب يمسك التليكومند

اخر الافلام

.. مفاوضات القاهرة بين الموقف الاسرائيلي وضغط الشارع؟


.. محادثات القاهرة .. حديث عن ضمانات أميركية وتفاصيل عن مقترح ا




.. استمرار التصعيد على حدود لبنان رغم الحديث عن تقدم في المبادر


.. الحوثيون يوسعون رقعة أهدافهم لتطال سفنا متوجهة لموانئ إسرائي




.. تقرير: ارتفاع عوائد النفط الإيرانية يغذي الفوضى في الشرق الأ