الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العادة الشهرية

جعفر كمال
شاعر وقاص وناقد

(تôôèô‏ ؤôéôم)

2017 / 3 / 18
الادب والفن


قصة قصيرة بمعنى غَضَاضَةٌ:
لم ينم حسن ليلة الأول من كانون الثاني عام 2016 كان يشتكى من مغص شديد في بطنه، بعد أن أخذ يتلوى كقرصات أفعى تمتص رحيق صيدها، تَمَددَ على بطنه لعلة يهدأ قليلا، لكنه لم يزل يلوب من الوجع المشبه بلحظات سوط الجلاد، خاصة بعد أن شاركت أمعاؤه معدته بمغص شديد. حاول جاهداً أن يتغلب على تلك الصعوبة التي تنهش عصارته الهضمية، وبين هذا الألم الشديد كان يحاوره سؤال تداول في نفسه لماذا أنا؟ يصطادني وحش يمزق راحتي، بينما ينهشني الألم أكثر فأكثر قسوة. سؤال قد يبدو للقارئ سخيفا إذا حددنا مفهوم: لماذا أنا"؟ وكأنه يحاكي تلميحات وإشارات ووعظيات، ولكن كما يبدو أن الطعام الذي تناوله حسن في تلك الليلة وصل لفمه مسموما "عروگ دجاج، و كيكة موز، و گليچه" من يد هاشميه العاشقة بمقدار لا يوصف، بل هي مغرمة به حد الهذيان، فهي تبكي بكاءً مراً لمجرد إن لم يرد على مخابرة له منها، وهي لا تتردد لحظة تذكره بغرامها به، وعشقها له الذي لا يؤمن بتحكيم العقل، بل هو مجموعة بديهيات تكون وصفا لمعاني الهيام البدوي.
في اللحظات المحسوبة تلك فز إيعاز في نفسه وهو يردد...
- لالالا مستحيل أن تكون هاشميه من فعلت هذا بي، ليس لي أن أظنها تخطط لشر تريده أن يتأبطني، لكن ربما زُقَت شهوة الموت هذه لي في الطعام من شخص آخر.
وبينما هو في حيرة من أمرهِ تَجدهُ تارة يتفق مع النيات السوداء، وتارة أخرى يكون موضوعياً يحاول التأكيد على مصداقية تعففه، لكن شيئا ما لاح في ذاكرته أن طبخة "العروگ" تلك التي تناولها كان لونها أسود، بينما لون الدجاج المستخدم في ذلك النوع من الطعام حتى في طبخه يكون أبيض، ترى كيف اتفق وتغير اللون.
مرت ساعات الليل على حسن وهو يعيش حالة احتضار سريري كموتٍ يطل بأنفه من بوابة الآخرة ربما بعد حين قريب، بينما هو يغرق في مغص شديد وإسهال تصاحبه قطرات دم تقول له احذر من مودات العاشقات، في هذه الأثناء تسلقت خيوط الشمس غرفته الكائنة في الطابق الثاني في فندق على هامش المكان، دق تلفونه وهو يعلن عن اتصال من هاشميه، فرح وامتعض بآن، جاء سؤالها عنه مرتبكاً وكأنها تبحث عن نتيجة تجعل الضد إلى جنب ضده..
هاشميه: هلو شلونك حبيبي حسن مشتاقه دوم، الليل ما نمته بس أفكر بيك، أنتَ صحتك زينه؟
حسن: اهلا..
وصلت اهلا إلى أذنها متقطعة، فقالت محتسبة وكأنها تبحث عن نتيجة فعلها هل نجح مفعوله.
هاشميه: سخام وجهي شبيك حبيبي؟
حسن: لم أنم الليل مغص واسهال يحرق احشائي.
لم تتركه يكمل حتى أخذ بكاؤها يعلو ويتكسر بشهقات سادية.
هاشميه: شنهو أكلت يا عمري؟
حسن: من طبخك.
هاشميه: طبخي نظيف.. شنهو قابل آني أريد آذيك لا سمح الله؟
تنبه حسن إلى كلماتها تتكسر في صوتها وكأنها تهرب من فعل أو ذنب ما.
حسن: لكنك يوم أمس لم تشاركيني الطعام مع إنك كنت جائعة كما قلتِ في حينها!
هاشميه: ها ها ها ها ها لا لا لا لا گلت خاف الطعام ما يكفيك حبيبي!!
اجتهدت هاشميه بالبكاء واللوم المصطنع ثم تواصلت.
- ليتني مت ، إن شاء الله الوجع بي ولا بيك، سأكون عندك بعد دقائق.
وفعلا وصلت هاشميه على جناح السرعة ودموعها تملأ وجهها،
ارتمت في حضنه وهي تساءله:
- ماذا حدث حبيبي يا عمري يا روحي يا يا يا.
حسن- كما ترين.
كان حسن نحيلا بدليل الصفار الذي يعلو وجهه.
هاشميه: أنت طبيب خلي نروح للصيدلية .
تنبه حسن إلى أمرٍ، ان هاشميه لم تقل نذهب إلى المستشفى، كأنها تخاف التحليلات المختبرية، وهي في حالة ارباك شديد وعينها على الوقت، والوقت كان يمر ثقيلا على حسن وهي تعلم بذلك لأن هيأته الحزينة واضحة، بينما تمثيلها المحتال دال على ارتباكها، وبعد قالت..
- حبيبي، عمري، روحي، گلبي، سعادتي، حان وقت الدوام يجب أن أذهب.
لم يشأ حسن بقاءها، ذهبت، كان مندهشا من سؤال دار في ذاته "
- هل يوجد عاشق جديد في حياتها حتى تروم التخلص مني؟ ربما هكذا كأنني بها أصبحت تستحسن الأنقصُ من الناس.
وبينما هو يشغله الوسواس في تساؤلاته التي تزيده ألما، ظهرت حالة جديدة تنهشه عبارة عن بقع حمراء تنتشر على جلده كانت تلك الحبات كأنها تحرق جسده.
وجد حسن نفسه في مستشفى ابن زايد، سألته الطبيبة- ماذا أكلت؟
وبعد حين كان يحمل الطعام الذي تناوله، وهو يقف أمام طبيب اختصاص في مستشفى حيفا، طلب الطبيب فحص الغذاء، كانت قطرات دم تمتزج بالغذاء في " العروگ ، والكيك، والكليچة ".
بعد حين وصل ممرض المختبر ليقف أمام الطبيب المختص وهو يضحك، تنبه الطبيب إلى الدهشة على وجه الممرض، بعد أن عرض له نتيجة الفحص، وجدوا دم العادة الشهرية ممزوجا بالطعام، فغر فاه الطبيب وضحك قائلا:
- يا ولدي الحبيبة التي جهزت لك هذا الطعام تريد منك أن تغرم بها أكثر..
فلا تتراجع عن حبها لأنها ستقتلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية


.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال




.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي


.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا




.. ياحلاوة شعرها تسلم عيون اللي خطب?? يا أبو اللبايش ياقصب من ف