الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثورة...ثورة...ثورة! أيتها ثورة فيهم؟؟

محمود عبد الله
أستاذ جامعي وكاتب مصري

(Dr Mahmoud Mohammad Sayed Abdallah)

2017 / 3 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


ثورة...ثورة...ثورة! أيتها ثورة فيهم؟؟

بقلم: د/ محمود محمد سيد عبدالله (أستاذ المناهج وطرق تدريس اللغة الإنجليزية المساعد بكلية التربية - جامعة أسيوط)

من يستعرض تاريخ الثورات في مصر، يسأل نفسه عن الفرق بين هذه الثورات...هل كانت كل منها ثورة بالفعل تقبلها كل الناس؟؟ وهل حدث انقسام من أي نوع بين الشعب حول أي منها؟؟ وكيف تعامل أعداؤها مع الواقع الجديد المفروض عليهم (من وجهة نظرهم)!

- ثورة 1919 (أول ثورة شعبية في أفريقيا وفي الشرق الأوسط): من يتأمل هذه الثورة ويقرأ عنها يخلص إلى أنها من أفضل الثورات، ولم ترتكب فيها مجازر من قبل قوات الإحتلال الإنجليزي ضد المتظاهرين - خاصة وأن النساء خرجن فيها لأول مرة في تاريخ مصر- بل سرعان ما اعترفوا بها وأصبحت كارتا مهما وورقة قوية لتحويل المسار السياسي في مصر بلضغط على الإنجليز في أي مفاوضات لاحقة! فقد رضخت بريطانيا بسرعة وأفرجت عن الزعيم "سعد زغلول" وألغت فورا الأحكام العرفية الجائرة (وهي ما يعرف الآن بقانون الطوارئ).. نعم "بريطانيا" - وهي المحتل الغاشم - اعترفت بالواقع ورضخت لمطالب الشعب دون إراقة فطرة دم واحدة!

- الإنقلاب العسكري في 1952 (والذي عرف اعلاميا وتاريخيا بثورة 23 يوليو 1952):
لم يكن هذا الإنقلاب له أدنى علاقة بالمجتمع المصري أو الإرادة الشعبية، إنما حاول مجلس حكماء صهيون (مجلس قيادة الثورة) اعطاء غطاء شعبي يصدر المشهد محليا وإقليميا وعالميا على أنه "ثورة شعبية كبيرة..."..فلو بحثنا سريعا في أصل الأمر نجده مجرد خلاف مؤسسي داخل نادي الضباط حول انتخابات النادي...وسرعان ما وقعت مجموعة من الأحداث الصغيرة المتواترة وغير المقصودة تلاها بعض النجاحات التي جعلت "الضباط الأحرار" يطمعون فيما هو أكثر من تحسين أوضاعهم داخل المؤسسة العسكرية: في الحكم نفسه! ولنراجع معا أول بيان أدلى به السادات والذي في معظمه يلخص الصراع داخل الجيش مع الملك والحاجة إلى التطهير والإصلاح؛ ثم ذيل البيان بعبارة "ولا بد أن الشعب المصري سيستقبل هذا الخبر بكل ترحيب" - أو ما شابه ذلك - لطلب غطاء شعبي لتأييد الجيش ضد قمع الظلم وتهيئتهم لتقبل الأمر الواقع.. ولكن ظلت الأجواء متوترة وذلك لأن قطاع كبير من المثقفين والباشاوات وأصحاب النفوذ والأموال كان رافضا لهذه الثورة ؛ بل وحاول بعضهم اسقاطها بعد حرب 1956 (العدوان الثلاثي) بعد تأميم القناة والضغط على عبد الناصر لتسليم نفسه للسفارة البريطانية؛ ولكنه سرعان ما استنجد بالروس الذين أوقفوا الحرب بالإنذار الروسي الشهير..

- ثورة 25 يناير 2011: يصف بعض الخبراء هذه الثورة التي أبهرت العالم بأنها أول ثورة مصرية حقيقية مكتملة الأركان! فجر شرارتها الشباب واحتضنها الشعب الذي خرج بالملايين في كل ميادين مصر (أبرزها ميدان التحرير)...صمد فيها الناس 18 يوما رغم عدد الشهداء الكبير الذين قتلتهم الشرطة وداستهم بالمدرعات حتى تم اسقاط النظام ثم احتفلوا وعادوا إلى بيوتهم (وليتهم ما عادوا!).. لقد قامت الثورة بسبب "خالد سعيد" الشاب السكندري الذي عذبته الشرطة وقتلته شر قتلة...فسقطت سقوطا مدويا (أخلاقيا وجماهيريا) في يوم 28 يناير
2011...وخلقت حاجزا نفسيا بينها وبين الشعب المصري لم تقدر على ازالته حتى الآن، بل دعمته ورسخته في الأذهان في عدد من المجازر التي سيقف التاريخ عندها طويلا!!

-انقلاب 3 يوليو 2013 (المسبوق بموجة ثورية ثانية في 30 يونيو) والتي كانت - باعتراف بعض الاعلاميين الذين شاركوا فيها - بمثابة "هزيمة ساحقة لثورة 25 يناير"...حتى وإن شارك فيها بعض الشرفاء والرموز الوطنية - وما يسمى بــــ"النخبة:"..وهذا ما يتفق مع رأي مؤيدي الشرعية الذين يعتبرونها "ثورة مضادة" أو "انقلاب على الشرعية" (على الرغم من صدق بعض من خرجوا فيها سعيا لتحسين الأوضاع وتصحيح المسار ومقاومة الفاشية الدينية)..فلم تعترف معظم دول العالم ببيان 3 يوليو 2013 - وما ترتب عليه من آثار - حتى وقت قريب.. مما وضعها في مأزق دبلوماسي خطير جدا! علق عليه أحمد المسلماني (المتحدث الإعلامي لمؤسسة الرئاسة حينذاك) قائلا: "مصر لا تحتاج شهادة حسن سير وسلوك من أحد"..لقد عاد بنا هذا الإنقلاب إلى عهد بعيد...الى الخمسينات والستسنات...إلى زمن الدولة البوليسية وثقافة التصفية الجسدية والرأي الواحد! وصل الحال ببعض مؤيدي السيسي أن يلقبونه ب"عبدالناصر الثاني" ولكني أرى أن عبدالناصر - مهما كانت مساوئه وسقطاته - ليس له علاقة به! إن خطاباته تعكس نموذجا عربيا فريدا يجمع فيه ما بين عبدالناصر في انتشائه بالسلطة وتمركزه حول ذاته وحبه للزعامة؛ والقذافي في العناد وانكار الواقع ؛ وجورج بوش (الابن) في تهوره وسطحية تفكيره، وشارلي شابلين في طرائفه وسقطاته اللفظية!

-السؤال المهم الآن: "هل ممكن إن الواحد فينا قبل ما يموت يشوف ثورة مصرية صح تجمعنا كلنا والشعب كله - دون استثناء - يعمل عليها ’لايك’؟؟؟" عموما أملنا كبير في ربنا! أصل لما يمر سنتين على البلد من غير ثورة دا فال وحش يا جماعة!!!
تحياتي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟