الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر عواد ناصر في بغداد

حيدر نضير ابراهيم

2017 / 3 / 18
الادب والفن


ما ان حط طائر الشعر غصن الزيتون حتى تقاطرت حوله عطاشى الكلم العتيد ، الذي يخرجهم من عتمة اشباه القصيد واتباعها الى نور عال ، ذلك يترك كهربائية الجمال تترى مع كل تصفيق يرجو اعادة مقطع قرا واخر ينتظر الولادة .
في رحاب بغداد السلام " ملتقى رضا علوان الثقافي " وبحضور اؤلوا الادب والفن والاعلام ، وعدد مهيب من المتذوقين لاثر الحسن . اقيم للشاعر عواد ناصر امسية شعرية ونقدية ، اطلق ناصر فيها سراح خلجاته في " احاديث الماره " الصادر عن دار المدى . شرعت الجلسة بعرض فخم لسيرة الشاعر مرورا بالمحطات التي اثرت واثرت نصه الشعري .
ثم كانت الكلمة الاولى للكاتب جمعة الحلفي اذ قال بها " عواد ناصر وانا من بيئة واحدة كادحة وفقيرة ، من مدينة واحدة وهي مدينة الثورة ،من فكر واحد وهو الفكر اليساري ، من مقهى واحد هو مقهى الميثاق في الداخل ، ومن هواية واحدة هي الادب والشعر ، لا تفرق بيننا سوى اللغة فهو يكتب بالفصحى وانا بالعامية .
كذلك نحن من منفى واحد جمعتنا اجمل المدن :بغداد في الشباب ودمشق وبيروت في متوسط العمر ثم توزعت الكهولة على مدن متفرقة . طوال الاربعين عاما لم ننقطع .. نتراسل ونقرا لبعض البعض مانكتب ونتابع اخبارنا الشخصية والعائلية .. عدا السنوات التي سافر بها عواد من سوريا الى بلاد الافرنجة وبقيت انا في بلاد العرب اوطاني دمشق .
عواد ناصر شاعر متميز بين اقرانه له لغته الخاصة ومفرداته وموضوعاته ، في وقت مبكر حاز على الاعجاب والجوائز ويمكن القول ان شاعر مشاكس في قصائده بل وكذلك في حياته الشخصية فهو يمتلك مزاجا ساخرا وحسا نقديا لاذعا وكنت ولا ازال اتعجب كيف يمكن ان يجمع شاعر هذه الصفات معا . لذلك رفعت عليه الكثير من الدعاوى من اشخاص واحزاب وصحف ومجلات . ساذكر هنا واحدة من هذه الدعاوى : قبل عشرين عاما تقريبا كتبت مادة صحفية طويلة عنوانها سيرة رسالة : من الحمام الزاجل الى البريد الالكترونيومن فان كوخ الى عواد ناصر وفي واحدة من مقاطعها جاء ما يلي : وانا اقلب بمحتويات " الصندوق " الرسائل الذي احتفظ به وهو يشبه صندوق العرس القديمعثرت على رسائل من صديق الشاعر عواد ناصر الصامت شعريا منذ سنوات والذي كان من بين المئات من الكتاب والشعراء العراقيين الذين فروا بجلودهم من العراق نهاية عقد السبعينيات وعاشوا في بيروت ودمشق وعدن ثم في دول وعواصم اوربا .
تتميز رسائل عواد بخفة الدم ورشاقة العبارة والسخرية المريرة وهي تشبة نشرة اخبار موجزة عن الاحوال الشخصية والثقافية العامة في تلك الايام الخوالي والغريب في الامر ان عواد كان يتوقع منذ ذلك الوقت وبطريقته المازحة والساخرة طبعا ان ياتي يوم ننشر فيه رسائلنا الشخصية " كملحق في اعمالنا الادبية الكاملة .. كما يقول !) وها انا انفذ وصيته او اقتراحه .
يقول عواد ناصر في رسالة مؤرخة في 16/4/1980 مايلي ( اخي جمعة وصلتني رسالتك وفرحت باحزانك .. كان بودي ان ابعث لكم من بيروت ( كنا في عدن حينها ) بعض الاعانات الروحية ، الا انني، لحظة كتابة هذه الرسالة، لا املك فلسا واحدا.. وقد ذهبت الى مسؤول المالية في المجلة، ولكن الخزنة، هي الاخرى فارغة مثل جيبي ودماغي! .
سينشر لي موضوع في "الثقافة الجديدة " عن تجربتي في الجيش اعتقد انه موضوع طريف وقد وفقني الله لكتابته .. كما ان هناك قصيدة طويلة بعنوان "عاشوراء" ستنشر في مجلة "البديل" فيها استلهام لتجربة الامام الحسين مع محاولة لانقاذها ( التجربة ) من شخصانيتها واضفاء طابع المحنة الجماعية واالفلسفية عليها .. اعتقد ستعجبكم .
امر حاليا بفترة من فترات الاحباط العارض، اعاني منذ يقارب من اسبوعين ، من التقوقع .. ولو لا اللاتزام بالعمل لمل غادرت غرفتي .. انا غير قادر على فعل اي شيء..اعتقد ان غياب المرأة، والاظلام السياسي، والاستفلاس، وشحة الاصدقاء وقلة الزاد ووحشة الطريق (لا اقصد "طريق الشعب"طبعا..اعوذ بالله!) من بين اسباب نكوصي المؤقت .. واعظم مافي ذلك (المؤقتية).استلمت قبل فترة رسالة من فاضل الربيعي وقد ادهشتني بشجاعتها السياسية اتمنى ان لا يكون الرجل كاذبا كما عودنا دائما!..

تلى الحلفي كلمة للمخرج المسرحي فاروق صبري بين فيها ( انا مثل صديقي جمعة يجمعني مع عواد ناصر الوطن والمنفى بكل تلاوينها ، ولا فرق بين الشعر والمسرح فالشعر جزءا من المسرح . عواد شاعر شاعر متميز متمرد ساخر وبقدر سخريته يوجد كما من الحزن كما في (برناتشو) احزن رجل بالعالم . انا ساتحدث عن الشاعر من زاوية اخرى ( كثير من الشعراء تجاورت تجربتهم الكتابية مع السياسة ولنقل مع الهاجس السياسي ولم تهيمن الايدلوجية في كتاباتهم وعواد ناصر واحد من هؤلاء القلائل لم يغادره الهم السياسي فكتب عنه برؤيته الشعرية كحكايات الناس المسكونة في قصائده كما يقول ذلك فاضل السلطاني ، لذلك نلمس في قصائده بل نعيش مشهديه الحياة اليومية بلغة شعرية بعيدة عن الرتوش قريبة من الروح وهواجسنا ، انه يروي حياتنا ويروي عن وحشية الطغاة والسلطات ، نشاهد بشاعة الحروب دون ان ياخذنا الى ساحات القتال واليكم ما تحدثت عنه مما برع به الشاعر عواد
واخيرا رحلت امي
ماشيعها احد ، فالابناء رحلوا او قتلوا !!
في حرب بسوس ابدية
بينما امي ابسط من جرة ماء تحت هلال ساهر
واكثر حزنا ، من مشحوف يغرق ..
لم ترفع علما غير عبائتها السوداء
ولم تلهج بشعار غير الصلوات الخمس
وتعرف ان المنفى سيطول على الولد الشارف
قل شيئا ، تغطى يا ولدي فالمنفى بارد
وختم المشهد انه يفكر بان يخرج عمل مسرحي بالاعتماد الى نصوص عواد ناصر لما تحمل من مشهدية حوارية بين شخوصها بالاضافة الى روح السخرية الهادفة .
ضوء مسك النقاد كان مع الشاعر ماجد طوفان الذي استهل كلامه ( في مشهد مثل هذا ربما يحق لي ان اتمثل بقول المتنبي العظيم " واذا لم يكن من الموت بد ... فمن العجز ان تموت جبانا " ، الحديث عن الشعر يشبه الحديث عن الموت والحديث عن الشعر يشبه الحديث عن الحرب .
شاعر يخاف كتابة الشعر ويخاف من نشره ازاء هاتين الحساستين اللتين تؤلفان عنوانا رئيسا وعنوانا مدهشا بالوقت عينه . يقف عواد ناصر منتظرا ومنتظرا وحائرا ومحيرا ، ماسكا ومتماسكا ، هو الماشي بين الالغام عاريا ، والمرعوب من الشعر كتابة ونشرا وتفكيرا . ولا بد من توضيح امرين قبل الخوض في "احاديث المارة " ، انه في عام 1982 اصدر الشاعر مجموعته الاولى "من اجل الفرح اعلن كئابتي" عن دار الفكر الجديد في بيروت ومن ثم اصدر مجموعته الثانية 1991 "هنا الوردة ترقص هنا " وبين هاتين الفاصلتين الشعريتين والزمنيتين جاءت مختارته "احاديث المارة" لتشكل كما اراد عواد ناصر هويته الشعرية وان كان لا يقر له قرار على هوية مادام الحب هاجسه الذي ليس له فكاك او مخرج . اود ان ابين ان هذه الجلسة هي جلسة احتفائية فلا نريد ان ندخلها في النقد وتطبيقاته وكما اعتقد ان عواد ناصر لا يحتاج شهادة من شخص اخر فقد تجاوز هذه المرحلة .
اثنى الشاعر حول المداخلات الاطرائية من قبل عدد من الكتاب والنقاد ليبدا قراته المختارة من احاديثه التي لم تمر الا وامتثل لها الحس بايماءة لا ارادية ، كنا ننطقها " الله ، الله " ، مشهد نوعي يحدث لمرة واحدة فقط ، ذلك كونه عواد ناصر ، رسم موسيقي اكرمنا به ذلك الاخذ بجناحيه ليكون هو الحديث الشعري الاسمى وهو المار والمتحكم بكل قائمة الاعدادات الخاصة بافعالنا ، انه سحر الكلمة ، عمقها ، حقيقتها ، انوثتها الرحيمه ، فحولتها المنطقية .
قبل الختام الامسية الشعرية وزعت شهادات التقدير والابداع للشاعر ولعدد من الشخصيات الحاضرة بدوره شكرا المذكور اعلى قلوبنا " عواد ناصر" كل من قَدِم ليشهد هذه الامسية معبرا عن سعادته وهو يقرا شعره في بغداد خاصة ، متمنيا ان يعم الامن والسلام في ربوع وطننا الحبيب العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة أخيرة - صدقي صخر بدأ بالغناء قبل التمثيل.. يا ترى بيحب


.. كلمة أخيرة - صدقي صخر: أول مرة وقفت قدام كاميرا سنة 2002 مع




.. كلمة أخيرة - مسلسل ريفو كان نقلة كبيرة في حياة صدقي صخر.. ال


.. تفاعلكم | الفنان محمد عبده يكشف طبيعة مرضه ورحلته العلاجية




.. تفاعلكم | الحوثي يخطف ويعتقل فنانين شعبيين والتهمة: الغناء!