الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معشوقتي أمي ينبوع حنان سرمدي

سارة طالب السهيل
سارة طالب السهيل

(Sarah Taleb Alsouhail)

2017 / 3 / 21
الادب والفن





لكي مني كل الاحترام والتقدير لتفانيك في احتضاني بكل اخلاص، ودون انتظار اي مقابل سوي ان اكون سعيدة وناجحة وراضية .
أما الوداد بقلبي لك فهو وصال دائم بعبق الازهار والرياحين التي زرعتيها طوال السنين بعطفك وحنانك الابدي، فحنانك يا جوهرة القلب يروي قلوب العطاشي ويضمد جروح المجروحين ويسعد قلوب المتأوهين.
نعم يا معشوقتي أحبك وأحترمك معا، فالحب والاحترام متلازمان حتي يقنع العقل والفؤاد معا وتتحقق بهما سرمدية نشوة الحب المخلص .
حبيبتي .. أمي .. سندي كم اتكأت عليك باللاوعي في رحلة حياتي حتي صرت يافعة نابضة بالعقل والعلم والانسانية، بينما حوتني اضلعك الحانية في صغري لتطمئن قلبي الصغير في حياة لم أجد فيها أبي الشهيد.
كم نظرتني عيون قلبك بالأمان لتمحو لحظة خوف من غدر الزمان؟ وكم امتدت يديك لتربط علي كتفي بالثبات النفسي بينما تعانقني نبضات قلبك حتي اليوم أينما ذهبت وارتحلت في رحلة الحياة لتؤازرني وتقوي اراداتي وعزيمتي .
ما أجمل أمومتك يا ست الحبايب عطاء بغير حساب ونور يضيئ لي الدروب، فدفء مشاعرك يمنحني قوة لا تضاهيها قوة، تشعرني وكأني فرخ عصفور صغير ظلت أمه تطعمه وتحنو عليه وتحميه من الطيور الجوارح، وما ان يشتد عوده تعلمه الطير في البرية بجناحي سلام متوازنين حتي لا يسقط فريسة وتظل تشمله برعايتها حتي آخر رمق في حياتها .
كل يوم يمر من عمري أدرك كم انا اشبهك، ولي كل الشرف ان أشبهك، بل أن كثيرا من الاصدقاء يرون ان عواطفي الجياشة ومشاعري تشبه مشاعر زمن الأفلام الأبيض والأسود، حيث الحب الصافي الرائق الذي لا يعكر صفوه شيئ من تقلبات الدهور .
,, اليوم مشهد حدث أعاد لي ذكريات الطفولة، واستعدت قول ( سقراط )" لم أطمئن قط، إلا وأنا في حجر أمي"
ها هو ... وجه أمي الباكي يودعني وأنا أركب السيارة متوجهة للمطار في رحلة للقاهرة، بينما سارعت أمي بخفة لتسحب شالها من عنقها وتضعه على عنقي لتدفئني من البرد بل لتدفئ مشاعري وتوقظ قلبي بنبضاتها المتسارعة، فهل يا تري كانت عيونها تدمع لفراقي أم قلبها؟
سرت في ردهات المطار تلفعني رائحة أمي الذكية الطيبة وتسرقني نظراتها في وداع يعتصر فؤادها، ووسط عدة مواقف مضحكة في ردهات المطار حيث ظن بعض الركاب انني سويدية الجنسية ، خلت وكأن أمي تلف وسطي بذراعيها وتفوح منهما رائحة الحنان الابدي مثلما كانت تفعل معي وأنا طفلة صغيرة واذا بدموعي تنهمر كالمطر طوال الطريق، ولكنها دموع لها مذاق اخر وخصوصية الاحتواء والاحتضان ونشوتهما من قلب مخلص يعطي من ينبوع الهي لا ينفذ .
عندما كنت طفله كانت أمي تحوطني بذراعيها وتضمني الي صدرها، فأخالني في الجنة ونعيمها من سلام وأمان وطمأنينية، ولما كبرت صادقتني واحاطتني بعنايتها الفكرية والقلبية، لكني كعادة مرحلة التكوين الفكري الاول حاولت الانفلات من قبضة تحنانك لكي اكون شخصيتي، سعيت للتحرر والتمرد لاثبت لكي اني كبرت وان لي كيان ناضج، واذا بلمسة من يديكي تمحو كل تمردي وتعيدني إلى المهد فأنت حبلي السري الذي يربطني بالوجود شئت أم أبيت ويعينني علي تحمل مشقاته ويحكي اسرار نجومه ويسرد حكايات لياليه .
عرفت أنني اشبهك بحبك للجميع وعطائك وكرمك وانتمائك للطبيعة ورعايتك حتى للحيوان، وعرفت لماذا سلكت نفس الطريق الذي سلكتيه قبلي في الاخلاص مع مخلوقات رب العالمين من انسان وطير وشجر ومنحتيهم قلبا يفيض بالرحمة والتحنان .
حبيبتي معشوقتي أنا منك وفيك أحيا انصهر فيك وبك لاضمد جروح المجروحين واربت علي قلب مسكين وأزف البشري الهانئة للمحظوظين وامسح دمعة من عين حزين . حبيبتي أحن اليك في وقت وحين خاصة عندما يجافيني النوم فألتمس في الغربة يدك تمسح علي شعري، وتصنع لي كوبا دافئا يسقيني حنانك فيأخذني النوم علي نبضات قبلك . دمتي لي دوام الزرع للماء، والهواء لكل مخلوق
واليوم أهديك رائعة الشاعر العظيم محمود درويش
أحن إلى خبز أمي
وقهوة أمي
ولمسة أمي
وتكبر في الطفولة
يوما على صدر أمي
وأعشق عمري لأني
إذا متّ،
أخجل من دمع أمي!
ضعيني، إذا ما رجعت
وقودا بتنور نارك..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدت الوقوف
بدون صلاة نهارك
هرمت، فردّي نجوم الطفولة
حتى أشارك
صغار العصافير
درب الرجوع..
لعشّ انتظارك !
سارة السهيل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب