الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد وواشنطن..بين إدارتين مناقشة شراكة إثني عشر عاماً ، ومستقبلها

واثق الجابري

2017 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


لم تأتِ القوة العسكرية بثمار طوال عمرها ما لم ترافقها أو تسابقها الدبلوماسية، والحال هكذا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية والعراق، فالأولى لم تستطع فرض ديموقراطيتها العريقة بالجيوش والتحالفات والترسانات العسكرية، والثاني لم يستطيع بناء دولة وحماية نظامها السياسي بالإعتماد على إنتصاراته العسكرية على الإرهاب وحسب.
الآن العبادي في البيت الأبيض لمناقشة قضايا عديدة لإعادة بناء علاقات بعيدة عن توترات سابقة بوجود رئيس للإدارة الأمريكة الجديدة مثل ترامب، ومراجعة إتفاقية الإطار الإستراتيجي بين البلدين.
شكلت إنتصارات العراق على داعش فرض واقع على طبيعة الشراكة مع الولايات المتحدة في ظل وجود شريك خليجي ثقيل لا تكفي أمواله لإثبات ركائز السياسة الأمركية في المنطقة والعالم، وأثبتت قدرة العراقيين في التصدي للإرهاب ـ رغم وجود الدعم اللوجستي والسياسي ـ على أن العراق صنع إنعطافة في حسابات الدوائر العالمية، وإستطاع مواجهة جيش متطرف متعدد الجنسيات وهائل الإمكانات، واجهه بقوة شعبه وتضحياته الجسيمة، وأمريكا بدأت تنظر الى جيشه بأنه الأقوى في المنطقة، ولولاه لكانت هي لا تزال تقاتل ويُقتل منها بالفلوجة وغيرها العدد الكبير من الجنود.
أثبت العراق أنه شريك قوي تفوق على الشراكة الأمريكية لجيوش الخليج الورقية، التي لم تعطِ شيئاً ملموساً في واقع اليمن الفقير، وشكلت إنتصارات العراق منطلق قوة ، يبحث الطرفان على إيجاد ترصين ركائزها، والبناء على جعل العراق ممراً للتقاربات الدولية، ولكن الحاجة قائمة على إيجاد إنتصار إقتصادي يوازي التقدم العسكري، وكلاهما يبحث عن ذلك في ضوء نزوع الرئيس ترامب الباحث عن الربح، في حين أن العراق الذي يخوض حرباً شرسة لايملك سوى خزينة خاوية. تساؤلات تطرحها دوائر القرار الأمريكي، هل أن الولايات المتحدة فشلت في فرض الديموقراطية بعد إثني عشر عاماً من إجتياح العراق؟..في وقت تأتي هذه الزيارة متزامنة مع ذكراها، والواقع العراقي مضغوط تحت وطأة المتغيرات والتحديات والمعرقلات وبناه التحتية متهاكلة، والمحيط الإقليمي متوجس، وتركيبة سياسية متناقضة بعضها مع بعض ، وعملية سياسية مصحوبة بالعلل والمؤاخذات.
إن دعوة العبادي للقاء الرئيس ترامب إشارة واضحة الى أن واشنطن تسعى لتطبيع العلاقات مع بغداد، وتبحث عن طمأنة وهي ترى القطار الروسي الصيني الإيراني يجوب المنطقة، وتحاول إستثمار العراق لتحقيق مصالحها، والعراق هو الآخر يبحث عن مصالحه ما بعد داعش بالإستناد إلى قوة عالمية تستطيع مساعدته وتتخذ منه حليفاً قوياً، ومن خلال هذه الشراكة يستطيع تسديد ديونه، وفرض سلطته الحكومية وسيادة الدولة على اراضيها، بإفتراضها بناء علاقات مع دولة ممسوكة من قوى عراقية داخلية لا تتأثر بمحيطها الإقليمي.
ذهب العراق بمنطق المنتصر والساعي لتبني علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة الأمريكية وهي تسعى لإخضاعه والبناء عليه وقد يرتضي القبول ببعض الإملاءات إذا كانت تستجلب المصلحة الستراتيجية للطرفين.
الجديد في هذه الزيارة وجود شيء من التوتر بعد قرارات ترامب، والطرفان يسعيان لإعادة العلاقات والإتفاقية الإستراتيجية، وإستكمال الخطوط المرسومة سابقاً بوجود ترامب وإنتصارات العراق، ومناقشة المصالح القومية الأمريكية، وعلى العراق طمأنتها وإقناعها أنه ليس طرفاً في محاور إقليمية أو دولية، وبذلك يضمن الدعم والمساعدة الأمريكية سياسياً وإقتصادياً، بشرطها وشروطها و أن لا يكون مرتمياً بالأحضان الإيرانية، وتنصحه للمصالحة مع محيطه العربي في وقت تستخدم فيه ضغطاً على بعض الأطراف العربية للتقارب مع العراق لتخفيف التأثير الإيراني، والعراق جاء بقوة الإنتصار وإستراتيجية إمتلاكه علاقات مع كل الأضداد؛ وبذلك يسعى أن يكون ممراً للتقارب الدولي، وهذا ما يحقق لأمريكا بعد إثني عشر عاماً قدرة على التأثير في المنطقة من خلال شريكها القوي، وتسعى لإنجاح التعضيد الدبلوماسي، ورئيس مجلس الوزراء العراقي حيدر العبادي الآن في البيت الأبيض لرسم مستقبل صنعت ملامحه تجربة المرحلة السابقة التي تخللتها منغصات كثيرة، والتفكير الجدي بعلاقات متوازنة تضمن إستقرار العراق ما بعد داعش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم تحذيرات الحكومة من تلوث مياهها... شواطئ مغربية تعج بالمص


.. كأس أمم أوروبا: فرنسا تسعى لتأكيد تفوقها أمام بلجيكا في ثمن




.. بوليتيكو: ماكرون قد يدفع ثمن رهاناته على الانتخابات التشريعي


.. ردود الفعل على قرار الإفراج عن مدير مجمع الشفاء الدكتور محمد




.. موقع ناشونال إنترست: السيناريوهات المطروحة بين حزب الله وإسر