الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة المغدورة

تيار اليسار الثوري في سوريا

2017 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية



ها قد مرت الذكرى السادسة لإنطلاق الثورة الشعبية في بلادنا٬ وقد دخل كفاح شعبنا من أجل تحرره ، وأيضا تاريخ بلادنا، في طور جديد.

كانت كل الشروط الموضوعية السياسية والاقتصادية والاجتماعية اكثر من ناضجة لإنفجار الغضب الجماهيري على سلطة طغمة برجوازية مستبدة وغاشمة وفاسدة. وكان هذا الغضب الشعبي الملتهب ينتظر الشعلة التي ستفجره.

جاءت ثورة الجماهير الشعبية السورية في آذار 2011 في سياق ما أسمي بالربيع العربي الذي اجتاح المنطقة والبلدان العربية٬ وعلى أرضية احتدام أزمة النظام الرأسمالي العالمي منذ عام 2008 التي ترافقت بنهوض النضالات المناهضة لهذا النظام البشع والمأزوم على الصعيد العالمي. ولم تكن الثورات في منطقتنا سوى مآل متوقع وضروري في مواجهة انظمة تتشارك، رغم اختلاف تسمياتها، بانها مستبدة ومعادية للجماهير وتحتكر الثروات لصالح طغم ضيقة وتمارس قمعا شرسا لكل حراك شعبي او عمالي او سياسي بل وحتى ثقافي معارض. انظمة متكلسة فات زمانها ولا بد من تحطيمها من اجل تقدم مجتمعاتنا وتحررها.

لقد فعلت الانظمة الحاكمة كل ما في وسعها لتحطيم موجة الثورات في منطقتنا٬ ونجحت في ذلك الى حد كبير٬ على حساب شلالات من الدمار والدماء ولا سيما في سوريا. فقد قام النظام في سوريا، وباستراتيجية مدروسة، بسحق كل القوى الديمقراطية التي كانت في مقدمة النضال الجماهيري عبر اعتقالها او اغتيالها او اجبارها على الهجرة٬ كما قام بممارسة سياسة الارض المحروقة في المناطق الجماهيرية الثائرة حيث دمر المدن والبلدات والبنى التحتية محولا السكان الى لاجئين ونازحين٬ وفتح في المجال لتتصدر القوى التكفيرية المشهد العام٬ من خلال اطلاق سراح جهادييه المعتقلين في سجونه٬ وتركهم ينمون كمجموعات مسلحة كان عدوها الرئيس والاول ليس النظام بل قوى الثورة الشعبية. وبدورها، لم تفعل الدول التي تدعي «دعم الشعب السوري» شيئا اخرا مختلفا عن النظام. فقد دعمت هذه الدول الاقليمية (تركيا والسعودية وقطر..) القوى الرجعية فحسب. فالذعر الذي انتابها من امكانية انتصار ثورة شعبية جذرية واصيلة في سوريا لا يقل عن ذعر نظام الاسد نفسه. وبذلك ساد السواد والتكفير في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام على حساب الحراك الشعبي ورايات الثورة. واستطاع النظام والقوى الامبريالية و الاقليمية ،تلك المتحالفة معه او تلك التي تدعي عدائها له، الى تحقيق نبوءته الذاتية٬ اليس النظام من اطلق منذ الشهر الاول على المتظاهرين السلميين صفة مندسين ثم مخربين ثم سلفيين ثم مسلحين فإرهابيين فأصوليين فتكفيريين?!....

لا ريب بأن محاولة تصوير الثائر السوري على أنه إرهابي، وإستدراج البعض لذلك، إنما هي صنعة النظام وتخطيطه . وللأسف نعيش اليوم ما خطط له النظام بالأمس، فقد روج النظام على أن «الثورة» ليست سوى «أحداث» و«أزمة» في سوريا، ووصفها بـ«المؤامرة» وهو نفسه الذي استدعى دعم ايران وروسيا والعديد من الميليشيات الطائفية من افغانستان والعراق ولبنان٬ فتحولت بلادنا مرتعا لاحتلال قوى امبريالية واقليمية عديدة: روسيا وامريكا وايران وتركيا، ولقوى طائفية ورجعية وفاشية. وساهم النظام، والقوى المذكورة، بتأجيج التحشيد الطائفي٬ بما يسهل عليهم حرف الثورة او اجهاضها ان تمكنوا من ذلك. في حين ان القوى المعارضة البرجوازية المكرسة والمنفصمة عن الواقع انشطرت الى قسمين متشابهين رغم اختلافهما الشكلي; شطر يولي امره لما يسمى بدول "دعم الشعب السوري". والشطر الاخر يولي امره ورهانه على روسيا وحلفاء النظام…

فان ما يجعل الوضع السوري يبدو معقدا هو ان الثورة المضادة في سوريا ليست برأسين٬ بل لها رؤوس عديدة تتوافق وتتصارع فيما بينها على النفوذ والسيطرة على حساب مصالح الشعب السوري.

لقد شكل تكالب القوى المتعددة للثورة المضادة على شعبنا وبلادنا٬ مع فقدان الثورة الشعبية لقيادة سياسية ثورية وجماهيرية٬ ومع هول الدمار والتهجير والقتل الهائل٬ الاسباب الاساسية لانحسار الحراك الثوري والشعبي وتراجعه، بل وهزيمته. وان بقيت جذوته حية تنهض في كل حين.

لذلك٬ فان المؤتمرات التي تعقدها الدول الامبريالية والاقليمية لرسم تفاهماتها حول سوريا٬ كجنيف والاستانة٬ انما تقتصر حصرا على المجموعات السورية التابعة لها والتي لا تمتلك استقلالية قرارها من الهيئات السياسية كالائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات او الفصائل العسكرية التي تشارك في هكذا مفاوضات والمعروف تبعيتها. وليس النظام الحاكم لآل الاسد نفسه في حال افضل في هذا المجال لانه لم تعد تبعيته، هو الاخر، لروسيا وايران تترك له ولو مجالا ضيقا للاستقلالية.

والحال٬ فان وقف القصف والدمار والحصار واطلاق سراح المعتقلين والمخطوفين وعودة المهجرين٫ تبقى مطالب ملحة ومدخل اساسي لكي تستعيد الجماهير التقاط انفاسها وتعيد تنظيم نفسها وحراكها الشعبي من اجل تحررها من كل استبداد واستغلال٬ ومن اجل انهاء نظام الطغمة الحاكم واجلاء كل القوى العسكرية الاجنبية والطائفية من بلادنا وبناء سوريا الحرية والديمقراطية والمساواة والعدالة الاجتماعية لكل ابنائها مهما كان انتمائهم العرقي او الجنسي او الديني.

ومن اجل ذلك، لا بد للقوى الثورية الشعبية الديمقراطية واليسارية من ان تحشد قواها في جبهة متحدة لتحقيق اهداف الثورة المذكورة اعلاه٬ ولاعادة رسم موازين للقوى يميل لصالح الشعب السوري بعد التضحيات الجسام التي قدمها من اجل حريته.

فالثورة لم تنته بعد٬ ولكننا في طور من اطوارها يتسم بتقدم ملحوظ للقوى المضادة للثورة المتعددة الاطراف٬ وغياب بديل ثوري وجماهيري ديمقراطي واجتماعي٬ ان استمراره انما سيعني ان مستقبل بلادنا٬ ولزمن طويل٬ ستحدده هذه القوى المعادية للثورة.

ان مهمات الاشتراكيين الثوريين في بلادنا تشمل بناء الحزب العمالي الاشتراكي بالمشاركة في كل ساحات النضال ، وحشد قوانا وبناء جبهة متحدة٬ والانخراط في نضالات الجماهير لتنظيم نفسها من جديد٬ ومتابعة الكفاح من اجل اسقاط نظام الطغمة وكل اشكال الاستبداد والاستغلال٬ ومن اجل استقلالية ارادة شعبنا من كل وصاية للقوى الاقليمية والامبريالية. انه كفاح سياسي وديمقراطي واجتماعي وتحرر وطني.

لا موسكو ولا واشنطن

ولا طهران ولا الرياض ولا انقرة

لا داعش ولا النصرة وامثالها ولا الأسد

كل السلطة والثروة للشعب

تيار اليسار الثوري في سوريا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا