الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التشكيلية العراقية الخزافة سمية البغدادي ... جمرة الطين المتأجج

اسامة كامل كيوركيس

2017 / 3 / 22
الادب والفن


مع الانفتاح الاقتصادي و الثقافي السريع على العالم و ما يشهده من تغيرات كذلك في الأنماط الإجتماعية ، تبدو الحاجة ملحة الى الاهتمام بالفنون عامة ، باعتبارها حاملة لابعاد دلالية عميقة ، و لأن الفن التشكيلي ليس ترفا و هو الى جانب الفنون الأخرى ، التي يشترك معها في مهمة واحدة رسالتها هي المساهمة في تطور المجتمعات البشرية و الارتقاء بواقع الانسان عبر بث قيم الحق و الحرية و الجمال ، و كعادتي في الكتابة التي استهدف منها شريحة واسعة من القراء و المثقفين غير المتخصصين بالإبتعاد عن وعورة الاسلوب و تجنب استخدام المصطلحات ، هادفا لتقريب الجمهور من الفنون التشكيلية قدر الإمكان ، سأقدم اليوم لتجربة إبداعية تشكيلية هي ظاهرة بحق في مشهد الإبداع التشكيلي العراقي المعاصر ، شاركت بقوة و ندية تجربة الفنان التشكيلي/الرجل ، في سعيها للبحث عن نماذج و أفكار مبتكرة ، إنها الخزافة القديرة سمية البغدادي .
في منجزها الإبداعي حرصت سمية البغدادي على إنجاز خزفيات ذات موضوعات إنسانية و اجتماعية تتصل بهموم الوطن و الإنسان و تجسد امانيه و رغباته ، هي عاشقة الطين ابنة جنوب العراق ، مدينة البصرة استلهمت مضامين اعمالها من عناصر الطبيعة و من الإرث الحضاري و التاريخي و الثقافي العريق و ما لهذا الإرث من مكانة و اهمية ، ليست بالمحلية ، و لست اقصد هنا الهوية بمفهومها الضيق بل بوصفها كثافة شاسعة ممتدة مما تنطوي عليه هذه المدينة من اهمية كبرى في قاموس الحياة الإنسانية ، و من ثيمتي الحرية و الاحتجاج كموضوعتين تحكمت فيهما مجموعة من الرؤى ، توجه خطابها في التعامل مع الخزف نحو بلورة جملة من القناعات الفكرية سعت سمية البغدادي المرأة/المبدعة تضمينها في هذه الاعمال ، هذا الخطاب هو العلامة المميزة لمن يمتلك القدرة على رؤية العالم رؤية فاحصة واعية بواقعها ، يحمل موقفا ايجابيا من واقع سلبي ، لجعله العالم واقعا افضل للعيش ،
المرأة هي الأكثر حظوة ، لدى سمية البغدادي التي وجدت في الإنسان المعنى المتجسد للوجود فاتخذت من المرأة مجالا للتعبير عن معاني الخصوبة و الأمومة و قيمة العطاء و هبة استمراية الحياة بل هو تعبير عن حبها للأرض و كائناتها ، سمية البغدادي عاشقة الطين و التي وجدت فيه وسيطا تعبيريا يلائم رؤيتها الفنية ، و تجدر الإشارة هنا الى إن التعامل مع هذه الخامة يتطلب قدرات فائقة و مميزات تكنيكية خاصة ، فمادة الطين قبل ادخالها الفرن تخضع الى تحويرات كيميائية معقدة ، مما يجعل الكثير من الفنانين يعزفون عن التعامل مع هذا الفن ، وهي التي استطاعت بأستاذية و اقتدار متكئة على خبرتها الاكاديمية و صدق موقفها من الفن و الحياة و بحثها المستمر و تمكنها الثقافي العميق ان تجمع بين ماهو ذاتي و ما هو اجتماعي ، فالتكوين لدى سمية البغدادي يسافر في محيط الشكل الدائري يرمز الى عدة قضايا إنسانية و يحيلنا الى دلالات تشكيلية / روحية / فلسفية / ميتافيزيقية / وجودية ، فشكل الدائرة متجذر في الحضارات القديمة (دائرة السماء) و هي تمثيل لنواميس كونية في دورة الليل و النهار و الميلاد و الموت و يشير. الى الاكتمال و التكامل معا ، ان نساء سمية البغدادي ، القى بهن ابداعها كوحيدات فوق اسطح خزفياتها في مواجهة الزمن الماضي القادم في نفس اللحظة ، لتتمكن و يكون لها مساحة عريضة من الغوص الى ما يعتمل في نفوسهن ، من مرارة و أسى و آلام و ان المتلقي ليشعر إنهن لسن سلبيات و مستسلمات ، بل كأنهن شامخات بوجه التحديات ، في لحظات طافحة بالحياة و طاقة الوجود وحقيقته ، تتجلى صوره بشكل بطولي عبر تحطيم سلاسل القيود ، في فضاء معلنا عن الضوء الساطع الذي يكشف الظلمات و ينير الفراغ .
بقي ان نذكر ان التشكيلية الخزافة سمية هاشم جاسم البغدادي من العراق - البصرة مواليد 1965 متزوجة و أم لبنت و ولدين - حاصلة على شهادة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة تعمل حاليا كأستاذة في معهد الفنون الجميلة للبنات في مدينة البصرة وهي عضو في نقابة الفنانين - نقابة المعلمين - جمعية الفنانين التشكيليين - جمعية الفنانين التشكيليين في بريطانيا لها العديد من الدورات التدريبية للمعاقين و الصم و البكم من النساء في الأعمال اليدوية بالمشاركة مع منظمات المجتمع المدني
لها العديد من المشاركات في معارض عديدة داخل و خارج العراق منها
- المعرض الخزفي الشخصي الثالث ، القصر الثقافي للفنون
- معرض شخصي لاعمال السيراميك في كلية الفنون الجميلة ، 2012
- شاركت في مهرجان الوان ، في لبنان ، 2016
نالت العديد من الشهادات التقديرية منها للمشاركة في المعرض التشكيلي الاول لتجمع جماليات عربية لنخبة من الفنانين العرب على قاعة المركز الثقافي العراقي ، بيروت - لبنان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة -وقفة-.. زلة لسان جديدة لبايدن على المسرح


.. شارك فى فيلم عن الفروسية فى مصر حكايات الفارس أحمد السقا 1




.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال