الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


موقف الاتحاد الافريقي من الحق في تقرير المصير في علاقته بمبدأ احترام الحدود الاستعمارية

جلال مجاهدي

2017 / 3 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


يعد الحق في تقرير المصير من المبادئ الأساسية التي أقرها القانون الدولي , هذا الحق أخذ بعده التطبيقي بامتيازمع مرحلة ما بعد الاستعمار الأمبريالي و بصيغة اخرى في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفياتي , هذا مع وجود حالات متفردة أخرى خارج ذلك, إلا أن تطبيق مبدأ تقرير المصير في القارة الافريقية يختلف عن باقي دول المعمور بالنظر للموقف الذي اتخذته منظمة الوحدة الافريقية سابقا حين أصدرت قرارها الشهير في مؤتمر القاهرة في يوليو 1964 و الذي نص على مبدأ قدسية الحدود كما خلفها الاستعمار و هو نفس المبدأ الذي تم تضمينه من بين بنود النظام الأساسي للاتحاد الافريقي الذي حل محلها في 26 ماي 2001 ,

هذا الموقف المتشدد من الاتحاد الافريقي و من قبله من طرف المنظمة الافريقية , له اعتبارات خاصة و أهمها ,هو سد الباب أمام إنشاء حدود جديدة بعلة تقرير المصير والذي حسب فلسفته سيؤدي إلى صراعات لا تنتهي بين الدول الافريقية , هذا الموقف من طرف المنظمة القارية له أمثلة شاهدة , فقد رفضت منظمة الوحدة الافريقية سابقا , إعلان منطقة بيافرا استقلالها عن نيجيريا سنة 1967 , كما رفضت انفصال اقليم كاتنغا عن الكونغو سنة 1960 و التي قوبلت حركة الانفصال فيها بقمع القوات الأممية بقرار من مجلس الأمن , مما أدى إلى إسقاطها بعد سنتين من إعلان الانفصال , كما لا زال الاتحاد الافريقي و إلى يومنا هذا, يعارض انفصال إقليم كابيندا عن أنغولا و ذلك مند اندلاع حركة الانفصال المسلحة في بداية 1963 , كما سبق أن عارض محاولة انفصال جزيرة أنجوان عن جزر القمر سنة 2008 , حيث قامت القوات القمرية و قوات الاتحاد الافريقي بوضع حد لتمرد الانفصاليين , كما رفض انفصال منطقة الأزواد عن مالي سنة 2012 و تدخلت القوات الفرنسية و الافريقية لإفشال حركة التمرد و الانفصال فيها , كما عارض و لا زال يعارض أيضا حركة الانفصال في أروميا و أوجداين بإثيوبيا و حركة الانفصال في دارفور بالسودان و حركة مومباسا في كينيا .

أما بخصوص إحدى الحالات التي عرفتها القارة الافريقية و التي يمكن أن تحدث لبسا بخصوص عدم احترامها لقدسية الحدود الاستعمارية , فينبغي وضعها في سياقها التاريخي لرفع اللبس بشأنها , فالاستفتاء الذي جرى في اريتريا عام 1993 وإعلان استقلالها إثره , يعد بمثابة انسحاب من الاتحاد الفيدرالي الذي فرضته الامم المتحدة بين اثيوبيا واريتريا عام 1952 وهو لا يشكل خرقا لمبدأ احترام الحدود الاستعمارية , لكون إيريتيريا خرجت من الاستعمار الايطالي و أصبحت محمية بريطانية سنة 1951 بينما إثيوبيا لم تعرف سوى الاستعمار الايطالي و بالتالي فالحالة لا تشكل استثناء .

لذلك يبقى الاستثناء الوحيد الذي عرف مباركة الاتحاد الافريقي لتقرير المصير وللانفصال خرقا لمبدأ احترام الحدود الاستعمارية , هو الذي يتمثل في حالة جنوب السودان ,هذه المباركة لم تكن في حقيقتها , سوى إذعانا لأمريكا قبل أن تكون مباركة لتقرير المصير , فالولايات المتحدة الأمريكية مارست ضغوطاتها على السودان و على رئيسه بعد اكتشاف البترول بجنوب البلد , ليخضع تحت الضغط و التهديد لإملاءاتها و يقبل مرغما بحق شعب جنوب السودان في تقرير مصيره بإبرام اتفاقية نيفاشا للسلام الشامل سنة 2005 ,هذا الاستثناء يبقى هو الاستثناء الوحيد الذي عرفته القارة الإفريقية و باركه الاتحاد الافريقي و الذي يؤكد أنه لن يتكرر مرة أخرى.

وبخصوص موقفه من مشكل الصحراء الغربية , فالاتحاد الافريقي يؤكد على احترام الحدود التي خلفها الاستعمار الاسباني و يقر بحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره و يضم من بين أعضائه الجمهورية الصحراوية و هو ما يجعل من وضع المغرب وضعا غير مريح بالمرة , هذا الوضع المنتقد يزيد من تأزمه , كون المغرب صادق و بدون تحفظات على النظام الأساسي للاتحاد الافريقي الذي يؤكد على مبدأ احترام الحدود كما خلفها الاستعمار و بما أن هذا المبدأ ظل و لازال ثابتا ما عدا الاستثناء الذي عرفته حالة جنوب السودان , فإن وضع الصحراء المغربية الجنوبية لن يخرج عنه , ليبقى مبدأ احترام الحدود الاستعمارية وعدم المساس بها مهما كانت طبيعتها المصطنعة مبدأ إفريقيا مقدسا غير خاضع للنقاش .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -