الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هيأة الانصاف والمصالحة وقانون ساكسونيا

عبدالاله سطي

2006 / 1 / 20
حقوق الانسان


قبل بضعة أيام خلت رفع رئيس هيأة الانصاف والمصالحة "إدريس بن زكري" التقرير الختامي الدي أعدته الهيأة والدي بموجبه تكون هده الأخيرة قد إستوفت مهامها وهدف إنشائها، حيث قامت الهيأة طيلة 23 شهرا من التحري في الكشف عن ماضي الانتهاكات الجسيمة ومواصلة البحث عن شأن الاختفاء القصري للعديد بل المئات من المجهولي المصير، كما عملت على تسوية ملفات كافت المتضررين من هده السنوات الأليمة التي تعري عن مدى فضاعة الأساليب الهمجية التي كانت تستعملها بعض عصابات الدولة في التنكيل والتجريح والتبريح بفلدات أكباد هدا الوطن التليد ، عاملتا على كسر شوكة أحلامهم و مطاميحهم في بناء مغرب كانوا يتمنونه قمة في التنمية والتطور والازدهار، لكن الآلة المخزنية آن داك ما فتئت أن حالت بكل ما أوتيت من سلطان للحلول دون دلك .
لكن هل يمكن الاعتداد بالنتائج التي توصلت إليها هيأة الانصاف والمصالحة؟ هل تعتبر هده النتائج حقا ردا مقنعا للاعتبار لكافة المواطنين الشرفاء في هدا البلد ؟ إلى أي حد يمكن التكهن بأننا قطعنا مع دابر السياسات القمعية الماضية و مئات من نخبنا المتعلمة لازالت عصي الشرطة "السيمي " تفتك برؤوسها التي لم تقترف سوى جريمة ـ في أحسن وصف لزمن الفضيحة هدا ـ الدراسة والتفوق واكتساب ناصية العلم ؟
إن المتتبع للنتائج التي توصلت إليها هده الهيأة سيتوقف عن مدى سيطرت النتائج السلبية على غريمتها الايجابية فقط لشيء واحد هو أن الهيأة كانت تبحث في عملها على حجب أو التقليل من فضح دور الدولة ومسؤوليتها الرئيسية في ارتكاب الجرائم ضد المواطنين، وهدا ما يفسره عدم ذكر ولو اسم واحد من المسؤولين السابقين في ارتكاب تلك الجرائم، تكهنا بكون الدولة لا تريد نهج أسلوب الانتقام ونشر الضغينة والفتنة بين أفراد البلد الواحد، فكان الجزاء ـ على شدة ما يستفز و ما يضحك ـ لهؤلاء هو إقامة محاكمات صورية لهم و نبد جرائمهم والله على كل شيء عليم.
وكما قلت على شدة غرابة هدا المنطق و على شدة استفزازه و استخفافه بعقول ملايين المغاربة وتاريخهم الذي لا ولن ينسى، أتذكر نظام قانوني كان سائدا في إحدى المقاطعات الأوربية في عهود ظلامها ومظالمها اسمه قانون "ساكصونيا" هدا القانون القريب جدا من قانون هيأة الإنصاف والمصالحة يقضي بأن المقترف لجريمة معينة لا يحاكم هو شخصيا ولكن ظله هو الذي يتحمل الجزاء ، وبالتالي إدا اقترف شخص جريمة قتل ضد شخص آخر يؤتى برأس ظل الجاني ويوضع على قوس المقصلة وينفد الحكم بحكم القانون ، فيأخذ الناس العبر ويجبر ضرر المتضرر (وكان الله في عون المتضررين) ثم يذهب كل واحد إلى حال سبيله .
ما أعدلك يا قانون وما أغربك يا منطق .
وهدا ماحصل بالضبط مع هيأة الانصاف والمصالحة التي تعتقد بأنها بفضل نيف دراهم قادرة على رد الاعتبار ورد الأحلام التي تحولت إلى كوابيس مرعبة و البسمة التي سارت نكبة ، في الوقت الدي لازال فيه العديد من مرتكبي الأعمال الشنيعة يقبعون وينعمون على سدة المناصب العليا ، فأي اعتبار هدا والجلاد لا زال منتصبا أمام وجه المجلود كصنم مرهب ، أي اعتبار هدا ولا زالت لم تقدم الضمانات الكافية على عدم تكرار ما جرى، أي اعتبار هدا ولازالت الثقافة المخزنية السابقة هي السائدة كمبدأ راسخ لدى بضعة المسؤولين، أي اعتبار هدا...إلخ.
نحن لا نقول هدا تهجما أو افتراءا، ف والله لا الله و غيرتنا على هدا الوطن ورجاله وراء القصد، نحن نفتخر ونعتزـ وهدا لا نقوله مجاملة ـ بالخطوة التي أقدمت على تأسيس هيأة الانصاف والمصالحة ، خصوصا و أنها سابقة عن أي تجربة على المستوى العربي .لكن هل كنا صادقين في إنشاء هده الهيأة ؟ خصوصا بعد النتائج التي خلصت إليها؟ وهل كنا محقين في سياسة معالجة الملف الحقوقي في بلادنا؟...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين