الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحية رزكار محمد أمين كاريزما العدالة.. والقانون

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2006 / 1 / 20
حقوق الانسان


قبل البدء بمحاكمة صدام وأعوانه في قضية (الدجيل) انصب اهتمام المراقبين على شخصية صدام حسين وكان الفضول دافعاً قوياً عند الكثيرين لرؤية الديكتاتور السابق وراء القضبان، هذا الرجل الذي شغل العالم طيلة عقدين من الزمن وشكل دراما عالمية تفوقت كثيراً على الدراما المكتوبة والمتخيلة في (هوليوود) وغيرها.. نظرة الظفر والزهو التي لم تفارقه منذ بداياته في أواخر الخمسينيات.. وحتى يومنا.
وكان السؤال: ما الذي حل بتلك النظرة.. بعد الاعتقال والتعذيب.. في سجون الاحتلال؟!
ثم ظهر صدام على العالم.. وعلى الشعب العراقي في محاكمة علنية تابعتها مئات الملايين من البشر لحظة بلحظة.. وبالطبع كانت العيون ترصد حركات صدام وردود أفعاله ونظراته.. التي تستقر هنا وهناك بتعال وسخرية.. غالبية العراقيين والعرب في بلدانهم المختلفة كانوا يتابعون تلك الجلسات يدفعهم ذلك الإحساس العميق بالاضطهاد والخوف من السلطة التي أذلتهم طويلاً.
والسلطة في عالمنا العربي تحولت منذ زمن بعيد إلى أقنوم بمقدار ما يرمز إلى القوة، فإنه يرمز إلى (رهاب) نفسي عميق يرتعش المرء إزاءه لأنه أقنوم .. (لا رب له)!!
إلا أنه لم يمض وقت طويل على تلك الجلسات حتى بدأ يبزغ نجم آخر في تلك المحكمة لا يقل بريقاً وجاذبية عن صدام حسين.. بهدوئه وردود أفعاله الحضارية أخذ يستقطب عيون الناس التي كانت تحاصرالديكتاتور الجاثم داخل قفصه دون أن يرف له جفن ، ثم تحولت نحو هذا الرجل الذي يملك بين يديه مصير صدام وأعوانه، إنه القاضي رزكار محمد أمين ، الذي أعلن بصمته وسعة صدره أكثر مما يفصح عنه الكلام مهما بلغ من قوة التعبير وأثر البيان.
مئات الملايين التي كانت تتابع نجومية المتهم وكاريزما الجبروت والقوة أخذت تتابع (نجومية) القاضي وكاريزما العدالة والقانون.. تلك الكاريزما التي حاولت أن تقدم صورة طيبة عن عراق الطموح والمستقبل.. عراق حرية الكلمة وحرية الرأي والتعبير.. عراق حق الاختلاف والصراع تحت سقف القانون.
كاريزما رزكار لم تعطِ أملاً للشعب العراقي فقط بمستقبل ديمقراطي وإنما أعطت هذا الأمل لكافة الشعوب العربية التي ابتلاها الله بمحنة الاستبداد ومحنة الأجهزة الأمنية التي اقتلعت الحق والقانون من جذورهما وداست الإرادة الشعبية بالحذاء العسكري.
ورغم أن البعض كان قد رأى في تلك المحاكمة، فيلماً أميركياً أُخرج بدقة عالية في سبيل الدعاية للعصر الأميركي في العراق، وآخرون رأوا في شخصية رزكار رجلاً ضعيفاً وخائفاً أكثر من أن يكون رجلاً قانونياً وقاضياً (يتقي الله) فيما يفعل.. كذلك تحدّث البعض عن مؤامرة يقصد منها إشغال الشعب العراقي بمحاكمة صدام في سبيل تمرير مصالح معينة ورزكار ضالع بهذه المؤامرة من خلال المماطلة والتأجيل.
إلا أن هذه الآراء ذهبت أدراج الرياح حين أعلن رزكار استقالته من هذه المحكمة.
والسؤال الكبير: لماذا يتنحى قاضٍ أعطى صورة ناصعة للعدالة والقضاء عن محاكمة في مثل هذه الخطورة.. ومثل هذا الوزن؟!
إن جلسات المحكمة كما شاهدها العالم أجمع كانت تسير نحو تبرئة صدام حسين ومعاونيه من التهم الموجهة إليهم... أو كحد أدنى قد يحكم عليهم بالسجن لفترات لا تتجاوز عدة سنوات.. وهو الأمر الذي كان يخشاه الأميركان والحكومة العراقية معاً، ونحن لا نتحدث عن صحة هذه البراءة أو عدمها ..وإنما نتحدّث عن صحة القانون وسلطته ليس إلا .
والحديث عن الضغوط التي مورست على القاضي لم يعد سراً خافياً على أحد إلا أن رزكار أمين ظل مترفعاً عن أن تكون المشكلة بينه وبين صدام حسين، كما أراد الاحتلال وأرادت الحكومة، وبقي يرى في المتهمين أبرياء حتى تثبت إدانتهم.. والأهم ظل مخلصاً لقيم الحق والقانون والعدالة..
واستقالته أتت لتؤكد أصالته وشجاعته معاً.. ورغم أن هذه الاستقالة هي من المواقف التي تسجل للفرد في التاريخ الإنساني.. إلا أنها تقول للشعب العراقي والشعوب العربية أجمع: لا تسرفوا في الحلم.. فما أفسده الدهر لا يصلحه العطار!!..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لم يتضمن عقوبة الإعدام.. قانون جديد في العراق يجرّم المثلية


.. غانتس: لا تفويض لاستمرار عمل الحكومة إذا منع وزراء فيها صفقة




.. شبكات | الأمم المتحدة تغلق قضية وتعلق 3 في الاتهامات الإسرائ


.. هيئة البث الإسرائيلية: الحكومة تدرس بقلق احتمال إصدار -العدل




.. الأمم المتحدة: هجوم -الدعم السريع- على الفاشر يهدد حياة 800