الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاشية قضاة تركيا وديمقراطية القاضي ريزكار الكردي، أوجلان أنموذجاً

شيار محمد صالح

2006 / 1 / 20
حقوق الانسان


ضربت رياح التغيير منطقة الشرق الأوسط منذ إعلان الولايات المتحدة الامريكية مشروعها الشرق أوسطي الكبير بكل تداعياته وأجندته الملتبس بها من الغير. وراحت الكثير من الأنظمة والمثقفين يأولون حول هذا المشروع منهم يعاضده ويروج له، والقسم الآخر اعتبره بدعة من الشيطان الأكبر لإعادة تقسيم المنطقة وفق احتياجات الشركات الاحتكارية الكبرى وكذلك عولمة الاقتصاد والسياسة وحتى ثقافة الشعوب بشكل عام.
أياً كانت وجهة النظر إن كانت مؤيدة أو معارضة ليس بذاك القدر من الأهمية، مقارنة مع الواقع الموجود والذي تستمر به عقليات الأنظمة المتحكمة بشعوب المنطقة وكأنها سيف ديموقليدس مربوطاً بشعرة قوموية شوفينية طورانية وعروبوية بعثوية حاقدة. هذه الأنظمة التي لم تراجع تاريخها إلا من خلال مقدار وحجم ما شربته جيوشهم من دماء الشعوب التي سحقتها نعال ماكينتهم العسكرية التي لا تقيم وزناً لأدنى شيء أسمه انسانية وأخلاق.
فالدولة التركية التي ولدت من رحم الامبراطورية العثمانية المريض والمتعفن ورثت كل ما هو رجعي ومتخلف وشوفيني وغطرسة وعنتريات العصور الوسطى من هذا الرحم وفوق كل ذلك راحت تتغنى بالعلمانية وتذرّ رماد الديمقراطية في عيون الشعوب علّها بذلك تخدعهم وتخدع ذاتها أولاً على أنها تخلصت من هذا الموروث الشوفيني وأنها جاهزة لطرق أبواب الاتحاد الأوروبي والولوج في هذا المنتدى المدني . وأنها أي الحكومات التركية المتعاقبة حتى راهننا بكل اتجاهاتها القوموشوفينوية والدينية من أيسرها حتى أيمنها لها مسار وهدف واحد ألا وهو قمع كافة القوميات على حساب القومية التركية على أساس نظرية داروين في تطور الأنواع وهو البقاء للأقوى. وبناءاً عليه راحت تبني مجتمعها بهذه العقلية الضيقة الأفق والممسوخة عن أمها العثمانية الطورانية. فقضت بذلك على الأرمن وثقافتهم وكذلك الاشوريين والتركمان والكثير من القوميات والأثنيات المتواجدة على أراضيها التاريخية ولم تنسى الكرد وراحت تعيث بهم وتشردهم من وطنهم الأم في كافة أصقاع العالم بدون استثناء على أنهم أيدي عاملة رخيصة وحثالة غير مرغوب بها.
كل المؤسسات الحكومية منها والمدنية في تركيا التي تدعي الديمقراطية وتعلمتها من جنرالاتها العسكريين لا تختلف عن بعضها في توجهها المجتمعي والسياسي إن تعلق الأمر بالشعب الكردستاني أينما تواجد في أجزاءه الأربعة عامة وخاصة شمال كردستان. فكل تحرك ثقافي أو اجتماعي أو سياسي كردي أينما كان يعتبر مساس بالوحدة القومية التركية وخطوط حمراء ينبغي عدم التقرب منها وكذلك حال الدول الأخرى المستعمرة لكردستان.
فما حالات الإعدام المباشر التي لاقاها قادة الانتفاضات الكردية إلا دليل على عنجهية وسخط تلك الأنظمة لأي مشروع كردي وطني. تاريخ الكرد مليء بحيث يلزم مجلدات كثيرة لذكر الذين تم اعدامهم لمجرد ذكرهم لحقيقة وطنهم وشعبهم. فبدءاً من البرزنجي الذي تم نفيه من وطنه من قبل العثمانيين وقاضي محمد والشيخ سعيد وووالخ ووصولاً إلى السيد أوجلان الذي تم الحكم عليه بالإعدام بعد تسليمه للأتراك نتيجة مؤامرة دولية وإقليمية وتم تخفيض هذا الحكم إلى المؤبد بعد ذلك.
ظروف المحاكمة التي تم الحكم بها على السيد أوجلان والتي تابعها العالم على شاشات التلفزة التركية معروفة للقاصي والداني. وكيف أنَّ هذه المحاكمة لم تكن تمتلك أدنى صفة قانونية أو حقوقية غير الحقوق الطورانية الفاشية وذلك باعتراف الاتحاد الاوروبي ذاته عندما أقرَّ بأن تلك المحاكمة غير عادلة ودعا الحكومة التركية إلى إعادة النظر بها وإعادتها على أسس عادلة. فكل شيء كان معد ومخطوط ومرسوم له وفق العقلية الشوفينية التي كان يتحلى بها القضاة الترك الموروثة من جنرالات العسكر الفاشيين في الحكومة التركية المدعية للديمقراطية.
لا أبغي المقارنة بين السيد أوجلان كقائد حركة تحررية وطنية قادها من أجل نيل أبسط الحقوق المدنية والاجتماعية والثقافية والسياسية للشعب الكردي، وبين الدكتاتور صدام حسن. فشتّان ما بين الاثنين للمقارنة، السيد أوجلان يقود شعبه عبر نضالات مريرة ضد أعتى حكومة شوفينية في القرن الحادي والعشرون، بينما الدكتاتور صدام حسين قاد وطنه وشعبه من دمار إلى خراب طيلة فترة حكمه. وما المقابر الجماعية والتشريد واستخدامه للاسلحة الكيمياوية إلا دليل على غطرسة هذا الحاكم ضد كافة المعايير الانسانية والأخلاقية. الغرض من ذلك هو مقارنة عقلية القضاة الذين يقومون بهذه المحاكمة على أساس أنَّ القضاء مستقل ولا سلطان عليه سوى سلطان الضمير والأخلاق.
وعليه تم إنزال عقوبة المؤبد بالسيد أوجلان وتم وضعه في زنزانة انفرادية منذعام 1999 وفرض العزلة عليه حتى راهننا أي ما يناهز السبع سنوات وفوق هذا كله فقد أصدر القاضي بأمر حجز السيد أوجلان في غرفته التي هي بالأصل انفرادية لمدة عشرون يوماً آخر كي ينطفىء حقد الحكومة التركية ومن وراءهم الجنرالات والقضاة الأتراك. ولا يعرف إلى الأن ما هو سبب هذا القرار الإجحافي وأنه يمنع منه زيارة الأقارب والمحامين منذ أكثر سبعة أشهر تباعاً تحت حجج وأسباب لا يتقبلها عقل أي انسان بسيط سوى عقلية النظام التركي الديمقراطي على اساس ان الحكومة التركية على أبواب الولوج للاتحاد الأوروبي وعليها تطبيق وقبول الأعراف والمواثيق الأوروبية في مجال حقوق الانسان.
القاضي ريزكار محمد أمين الذي عُيّن لمحاكمة الديكتاتور صدام حسين أعطى خلال جلساته المحاكمة الكثير من الدروس والعبر لكافة الأنظمة والقضاة الذي يَعون ما يدار حولهم. وأولى هذه الدروس هو أخلاق المهنة الحقوقية والتقرب بشكل مستقل أثناء المحاكمة بالرغم من كل الضغوطات التي كان يتعرض لها من قبل بعض الأشخاص والتيارات المتنفذة في الحكم. إلا أنه أصر على استقلالية القضاء حتى وصل الأمر به إلى تقديم استقالته صوناً وحفاظاً على ما تقتضيه أخلاقية المهنة.
أين أنظمتنا الشرق أوسطية من القاضي ريزكار وأخلاقه وأين يمكن وضعها وأخلاقهم القانونية التي أقسموا بها على صون حرية المواطن خارج أية تهديدات من قبل أي جهة كانت. معظم الأنظمة في شرقنا المحتضر والذي يعاني سكرات موت هذه الأنظمة ليس لها أية علاقة بأخلاقية المهنة الحقوقية إن كان ذلك في تركيا أو سوريا أو ايران وغير ها الكثير من الأنظمة القابعة في حظيرة الشرق الأوسط.
فشكراً، للقاضي ريزكار على موقفه الأخلاقي في عمله، وحبذا لو تعلم أخوتنا القضاة في كل مكان (تركيا وسوريا والعراق وايران) من شخص السيد ريزكار استقلالية وأخلاقية المهنة التي يقومون عليها. حينها سيكون لكل حادث حديث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على صلاحيات المحكمة الجنائية الدولية وآليات إصدار مذكرا


.. الأونروا: النفايات تتراكم في أنحاء قطاع غزة وينتشر البعوض وا




.. القوات الإسرائيلية تشن حملة اعتقالات في طولكرم


.. اعتقال العشرات في جامعات أمريكية على خلفية الاحتجاجات المؤيد




.. الخبر فلسطيني | تحقيق أممي يبرئ الأونروا | 2024-05-06