الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لصوص الأنظمة المتحكمة

محمد الحاج ابراهيم

2006 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الفساد عاهة محدودة تتعرض لها البشر، وعندما يصل السلطة كثقافة تُصبح مرضا عاما يتأذّى منه المجتمع بالكامل.
في الأنظمة الديمقراطية وأشباهها يكون حجم الفساد أقل، وذلك بسبب الفسحة المسموحة بحكم القانون للمعارضة التي تقوم بفضح الفاسدين والمفسدين عبر صحافتها، وحصانة أداءها المحمي بالقانون.
الأنظمة الاستبدادية والشمولية على وجه الخصوص تُشكّل مرتعا خصبا للفساد،وبيئة طبيعية له حيث الأداء مُوجّه ومُحدّد الاتجاه بالسمت، وكلما زاد الاستبداد زاد البحث عن ذيول تُبنى الدولة على قوامها، فيُصبح الفرد الموالي ركن أساسي في قيامها، هذا الفرد يقوم بخدمته مقابل تحقيق مصلحة ما له محسوبة سرّا أو بالاتفاق.
تمتاز أنظمة الاستبداد في المجتمعات الفقيرة على استقطاب نماذج من ضعاف النفوس الذين يعانون من خواء مادي(الفقر)ومعنوي(الوجاهة)، وهؤلاء ماأن يُصبحوا رجال سلطة حتى يقوموا بتحقيق التوازن النفسي عبر استغلال المنصب، وكون هذه الأنظمة تفتقر للناقد الوطني تستشري الحالة هذه دون ذكر لها بحكم الخوف المزروع في المجتمع، ما بالك عندما يُمارس النظام الاستبدادي تصفيات بالجملة والمفرق للعناصر الناقدة، والتي تُشكّل قاعدة المعارضة الأساسية لسلوك النظام أو أداء الحكومة.
عندما يخرج مُتسلط بعد أربعين عاما من مشاركته الرئيسية لنظام استبدادي وينقد أداء هذا النظام من آخره، لابد من سؤاله السؤال التقليدي من أين لك هذا؟، وذلك عندما نعرف أنه يملك مليارات الدولارات لحظة خروجه على النظام، ولم يكن يعتمد على ثروات عائلته الفقيرة أو المتوسطة الحال التي لاتستطيع أن تمده بأكثر من أن تُعلّمه على حساب لقمة أخوته أو مستقبلهم.
عبد الحليم خدام لم يكن الحالة الاستثنائية في النظام، بل الاستثناء هم الذين لم يكونوا كحالة خدام، لذلك من الطبيعي أن تخرج هذه الشريحة واحدا تلو الآخر لتثوّر نفسها وتختار الشعب بدلا من النظام في مرحلة يفترضونها الأخيرة، لكن يبقى السؤال الواجب طرحه هل سيعيد خدام هذا المال الذي ملكه من خلال منصبه حين لم يكن يخطر لباله الشعب بدلا من النظام في الماضي إلى خزينة الدولة، وذلك بعد جلبها من البنوك التي وضعها بها لتستفيد منها شعوب تلك البنوك، ويُحرم شعبه الذي اختاره بدلا من النظام منها.
أمثال خدّام ورفعت الأسد كثر، وملايين الدولارات السورية وهي حق الشعب السوري موزعة هنا وهناك من بنوك الأرض، والمواطن السوري يُعاني أكثر بكثير مما ذكره خدام في مقابلاته المتعددة والمتكررة.
عل خدام ومن لف لفه أو حلم بالاجراء نفسه ظنا منه أو ممن يليه أن ذاكرة المجتمع مُعطلة،للحد الذي يدفع بأمثاله للتجرّؤ واستبساط المعارضة تحت مُسميات تفضيل الشعب على النظام، علّ هؤلاء يُدركون أن اختيار الشعب على النظام يعني بأبسط أحواله إعادة الثروة المسروقة من فم الجياع، حتى لايختاروا القمامة طاولة للطعام التي أبكته بدلا من الوجبات التي هي حق الشعب وأكثر من ذلك بكثير، إذ أن الحرية التي مارس خدام وغيره ضغوطا كثيرة ليحرم أصحابها منها لابد من أن يتحمل مسؤوليات حرمانها وزرع الخوف مكانها.
إنه لأمر مُحزن عندما تقوم أمريكا أو غيرها من بلدان بحجز أموال مسؤول، مايدفع للسؤال لماذا توضع هذه الأموال في العالم الآخر ولما لا تُستثمر في بلادنا للمساعدة بحل مُشكلة البطالة التي تزيد من آلام شعبنا،ثم ألم يكفي هؤلاء اللصوص بضع ملايين من الدولارات لهم ولأولادهم وأحفادهم ويتركوا بقية المليارات لشعبهم لكي يقبلهم دون الموت في بلاد الغربة كالكلاب دون أصل أو مسقط رأس يستطيع العودة إليه؟،إنها طامة كبرى يقع بها هؤلاء، فقط لأنهم لم يكونوا أسوياء، بل مشوهون وربما جاء هذا التشويه من بنية بيتية، أو من إرث فوضوي خال من قيم.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف