الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دعوة إلى لقاء الرياضَيْن

احسان طالب

2006 / 1 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


كما تخرج قطرات الماء من صنبور مغلق تتفضل القيادة السورية الجليلة المعظمة صاحبة المن و العطاء ذات الطول بعظيم سماحتها و جلالة قدسيتها بالإفراج عن بعض من مسحوني الرأي الذين قضوا في سجنهم مدة حكمهم الظالمة و أُخرجوا بعفو ٍ سام ٍ بعد أن مكثوا في زنازينهم سنين طوال ما زادت فيهم إلا حبا ً و تقديرا ً للوطن و الناس و التراب و الهواء.
كل من تابع شيخ المعارضة السورية رياض الترك و هو يتحدث عبر شاشة التلفاز بوضوح تام و صراحة شديدة ٍ و تلقائية أفصحت عن مكنونات إنسانية و خبرات سياسة تراكمت عبر عقود من حب الوطن و حب الناس و العمل الدائم و المستمر نحو الحرية و الكرامة و الرفاهية، و كل من تابعه أقر بأن ذلك الإنسان يحمل مشروعا ً وطنيا ً سياسيا ً يحده الأمل بتحقيقه طال الزمان أو قصر.
رياض سيف مواطن سوري أحب وطنه و قرر أن يقف إلى جانبه مهما كانت التضحيات و مهما تعاظم الثمن، فالتاجر الصناعي الذي حقق مكانة بين شريحة التجار و الصناعيين السوريين و استطاع تأكيد مكانته المرموقة بوصوله إلى سدة العضوية في مجلس الشعب السوري، و عادة ما تكون تلك النهاية حيث يختزل الفكر و العمل و الخبرات في ذلك المجلس لتكريس السلطة القائمة و حمايتها و الدفاع عنها إلا أن الأمر كان مختلفا ً مع رياض سيف فذلك الوهج المادي و المعنوي لم يستطع القضاء أو السيطرة على جموحه نحو الحق و الصواب و تنازل طواعية عن كل المزايا و التسهيلات و الإغراءات التي كان يستطيع الحصول عليها إيمانا ً منه بضرورة تغيير الواقع المأساوي الذي تعيشه سورية و شعبها في ظل الاستبداد و وحشية الفساد
يرى رياض الترك مستقبل سورية الزاهر في نظام ديمقراطي تتحقق فيه العدالة الاجتماعية و الرفاهية لكافة أبناء سورية من خلال إطلاق الحريات السياسية و الثقافية و إفساح المجال لكافة مكونات أطياف المجتمع السوري للإسهام و المشاركة في صنع القرارات و القوانين بعد صياغة دستور عصري و حديث يتأسس من خلاله صرح ٌ يحفظ التعددية السياسية الحقيقية و تداول السلطة و الحريات العامة و الخاصة و يتبنى الميثاق العالمي لحقوق الإنسان باعتبارها قيمة عليا تمثلتها الحضارات الموزعة فوق أرجاء المعمورة.
بدا رياض سيف بعد خروجه من السجن قويا ً متحمسا ً و مسلحا ً بثقافة و وعي و إدراك لما يدور من حراك سياسي و ثقافي بين أطياف المعارضة في سورية و رؤية واضحة سليمة لحقيقة النظام الحاكم و طبيعة التغيير المطلوب دون الخوض في مشاريع الرتق و الترقيع و التفضل بالإصلاح المحدود الذي ترعاه السلطة.
قد يبدو للمتابع أن الرياضَيْن قد نشآ و ترعرعا في بيئة ثقافية و سياسية متباينة تنبؤ باختلاف توجهاتهما و تطلعاتهما إلا أن النظرة المتأنية لفكر الرجلين و رؤيتهما و تطلعاتهما نحو سورية المستقبل المشرق ترى ضرورة العمل المشترك و تضافر الجهود تحت مظلة إعلان دمشق الذي صرح الطرفان عن تبنيهما له و العمل من خلاله نحو التغيير الديمقراطي السلمي.
كان أبو جواد (كما يحب أن ينادى) مبتسما ً نشيطا ً و هو يستقبل زواره و المستبشرين بخروجه يتحدث بطلاقة و حيوية عن علاقته و طريقة تعامله مع حراسه في السجن التي أسسها على الصدق ثم تطرق إلى المسائل الاقتصادية من خلال خبرته الطويلة و علاقاته الممتدة بين التجار و الصناعيين من جهة و أصحاب القرار من جهة أخرى.
كان الأستاذ أصلان عبد الكريم الشخصية اليسارية الديمقراطية المعروفة بنضالها و شفافيتها و ثقافتها الواسعة موجودا ً إلى جانب رياض سيف و طرح عليه بعض الأسئلة و استمع إلى شرحه لبعض الزلات الاقتصادية الخطيرة التي خبرها من حيث موقعه في العمل الصناعي.
عندما أراد الأستاذ أصلان الانصراف نظر رياض سيف في وجهه و أمسك بيمناه مصافحا ً و هو يضع يسراه على كتفه و قال: "إن ما يجمعنا أكثر بكثير جدا ً مما يفرقنا" فردّ أصلان التحية و الابتسامة.
إن النضوج الفكري و السياسي لمكونات المعارضة بدا هذه الأيام أمرا ً ماثلا ً للعيان و حقيقة واقعة يسهل تلمسها على الأرض من خلال توافقانها و رؤيتها لضرورة التغيير و أهدافه و مكامن العيب و الخلل و الانهدام داخل قبة النظام و حوله.
و ليس صحيحا ً ما يحاول بعض الكتاب المتخفين بعباءة المعارضة إشاعته بالنظر إلى المعارضين على أنهم خيال الظل للسلطة و لا يختلفون عنها في رؤيتها للقضايا الداخلية و الإقليمية و الدولية.
لقد حسمت مكونات كثيرة من المعارضة السورية أمرها بعلاقتها بالسلطة و بلورت توجهاتها و تصوراتها للكثير من القضايا السياسية و الفكرية العالقة و ذلك بفضل نضوج الفكر الديمقراطي في أساليبها و منهجياتها و حتى في حوارياتها و سجالها الثقافي.
لفت انتباهي و أنا أنصت لأبي جواد تفسيره لانفضاض قسم ممن كان يتعامل معهم قبل دخوله المشرف للسجن بأنه لم يسبق له معاداة أحد أو العمل على إلحاق الضرر بالآخرين و فسر تلك القطيعة بأسباب غير شخصية تعود لعدم معرفتهم الحقيقية بما يسعى إليه و ما يدور حولهم و حجم الخلل و الفساد المستشري. تلك الروح الإنسانية بإعذار المخالفين و المختلفين سمة هامة ينبغي التحلي بها لمن يريد الخوض في غمار العمل الوطني لمستها جلية واضحة لدى رياض الترك أيضا ً.
حقا ً هناك الكثير جدا ً جدا ً مما يمكن أن يلتقي عليه الرجلان لتحقيق هدف سام ِ و غاية عليا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موريتانيون من غير العرب ينتقدون تعريب التعليم في البلاد


.. حذاء ملك الروك إلفيس بريسلي يباع في مزاد علني • فرانس 24




.. كلمة للرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد ساعات من مناظرة جمعته 


.. اتهامات وحوار أشبه بالشجار..بايدن وترامب يسدلان الستار على ا




.. إيران.. بدء عملية فرز الأصوات وتوقعات بجولة ثانية