الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكل يعرف من قتل الحريري، ولا أحد يقدم الأدلة!

باتر محمد علي وردم

2006 / 1 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


المرحوم رفيق الحريري كان رجلا فذا، لم يبن لبنان من دمار الحرب فقط بل كان رجلا خيرا له الكثير من الأيادي البيضاء على آلاف اللبنانيين والعرب، ولهذا شعر الجميع بغضب وحنق وحزن من الطريقة الإجرامية التي قتل بها في بداية العام الحالي. وكل من عرف الحريري وأعجب بإنسانيته يعرف تماما بأن هذا الرجل يستحق على الأقل كشف حقيقة القتلة الذين أنهوا حياته، وأن يتم تقديم هؤلاء القتلة للعقاب.
وخلال الأشهر الماضية تنازعت القضية عدة نظريات، وتبدلت الشؤون السياسية في لبنان والعالم العربي، وقام الشعب اللبناني بانتفاضة تثير الإعجاب للمطالبة بكشف الحقيقة، ولكن حتى هذه اللحظة يوجد إحساس بأن الحقيقة لا زالت بعيدة المنال، بالرغم من كل الضجيج الذي يصم الآذان والصراعات السياسية الكبيرة، والتي تغطي أحيانا كثيرة على حقيقة مقتل الحريري.
هناك الكثير من النظريات حول مقتل الحريري، بعدد ما يمكن أن ينسجه الخيال البشري أو ينتج بسبب مناكفات سياسية معينة، وفي الأيام الماضية قرأنا الكثير من النظريات حول مقتل الحريري بدون أن يقدم أصحابها أي دليل منطقي، حتى أصبحنا نخشى أن تضيع الحقيقة في هذا الصخب.
السيد ديتليف دي ميليس، والذي وفر له المجتمع الدولي كل السبل والأدوات للوصول إلى حقيقة اغتيال الحريري قام بنشر تقرير وجه أصابع الاتهام إلى سوريا بدون وجود أدلة شديدة الوضوح، وبعد ذلك استقال ليقوم بسلسة من التصريحات تدين سوريا، ولكن أيضا بدون أدلة واضحة. كان يمكن للسيد دي ميليس أن ينشر كل ما جعبته من أدلة في تقريره، أو يستمر في العمل كرئيس لفريق التحقيق، ولكن بعد أن استقال لا يحق له أن يتحدث كرئيس لجنة تحقيق بل فقط بإسمه الشخصي، ولا يحق له توجيه اتهامات بدون أدلة.
السيد وليد جنبلاط السياسي يقول بأنه يعرف من أين أتت السيارة المفخخة التي قتلت الحريري وسيعلن عن ذلك في الوقت المناسب. وهذا تصريح عجيب وغير مقبول من مثل هذا السياسي، فإذا كانت يعرف مصدر السيارة المفخخة فلماذا بقي ساكتا طوال هذا الوقت، ولمصلحة من؟ أحد القراء السوريين في منتدى للإنترنت اتخذها فرصة للسخرية السوداء، وقال بأن جنبلاط يعرف مصدر السيارة لأنه هو الذي أرسلها! ومثل هذه التعليقات السمجة يمكن أن تتكرر يوميا طالما لا زالت التصريحات تقال بدون ضوابط ولا أدلة.
السيد عبد الحليم خدام يؤكد بعد إنشقاقه عن النظام السوري أن الرئيس الأسد هو الذي أصدر أمر اغتيال الحريري، ولكن المشكلة أن السيد خدام الذي تمكن من إخراج عشرات الملايين من الأموال وعشرات التحف من دمشق إلى باريس فشل في إخراج صورة فوتوغرافية واحدة أو وثيقة استخباراتية أو تسجيلا لمكالمة هاتفية أو مراسلة رسمية يمكن أن تؤكد أقواله، والتي تبقى بدون قيمة طالما إنها بدون دليل.
النظام السوري الرسمي من التنظيمات السياسية القومية العربية لا يجدون متهما بطبيعة الحال إلا الموساد الإسرائيلي، ويؤكدون بأن الموساد قتل الحريري من أجل توريط سوريا، ولكن أيا منهم ولا حتى الأجهزة الأمنية السورية التي كانت تسيطر على تحركات كل كائن حي في لبنان طوال 30 سنة، وجدت دليلا واحدا على تورط الموساد يمكن أن ينقذ سوريا. ولو كان الموساد هو الذي قتل الحريري فهذه فضيحة حقيقية للأجهزة الأمنية السورية التي لم تستطع كشف المخطط أو معرفة دليل واحد عليها بالرغم من وجودها المكثف في لبنان، وهذا يعني أن خروج هذه الأجهزة من لبنان كان منطقيا لأنها غير قادرة على حماية رئيس وزرائه السابق فكيف تحمي المواطنين العاديين من الاعتداءات الإسرائيلية!
كل هذا ضحك على اللحى، ومحاولة لخداع الناس واستثمار الجريمة في تصفيات الحسابات السياسية، ونتمنى أن لا تنزلق القضية إلى مزيد من نظريات المؤامرة، والروايات غير المحبوكة جيدا فالشهيد الحريري يستحق في النهاية أن يتم إيقاع القصاص العادل بمن ارتكب الجريمة البشعة التي أودت بحياته، وإذا كانت لدى ميليس وجنبلاط وخدام والنظام السوري ومؤيديه أية أدلة فليتفضلوا بها بدلا من إثارة البلبلة الفارغة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا