الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق ومناشئ الصراع - الواقع الفعلي

حسين درويش العادلي

2003 / 2 / 17
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


الحلقة الأولى


SWEDEN
[email protected]


 

   لا ريب أنَّ الصراعات على تنوعها الفكري والسياسي والمجتمعي ، تُعتبر أحد أهم العوامل البُنيوية المُشتتة للوحدة والتناغم والتقدم المجتمعي الشامل ، وكلما تجذّرت مناشئها وعواملها وتداخلاتها ودوائرها .. كلما اتسعت مساحة نتائجها الكارثية ، وهذا ما عانته وتعانيه ذاتنا الوطنية العراقية في عهودها السالفة وأزمنتها المعاصرة ، وهو ما نتخوف من ترسباته في مراحل تجربتنا العراقية القادمة .
   نقول : تميزت الذّات الوطنية العراقية خلال العقود الحديثة بأزمة الصراع وفق أنساق متعددة ، تجلّت بجملة من الصراعات الداخلية والخارجية التي أخذت بالتعبير عن نفسها في أكثر من مقطع من عمر الدولة والمجتمع العراقي ، وبالذات في بُنيتهما الذاتية وما نتج عنهما من تجارب على مختلف الصُعد .
   ولأنها ذاتاً مأزومة بالصراعات المستديمة في بُعدها الذاتي وما يترشح عنها خارجياً ، فقد غدت مركز التقاطع الإستراتيجي الذي تتمحور حوله الصراعات السياسية والإقتصادية الإقليمية والدولية ، وعلى ضوء ما سيستقر عليه الحال العراقي ، ستتحدد بالتبع ملامح المنطقة والنظام الإقليمي والعالمي القادم ، ولعل سر تدويل القضية العراقية ناجم عن تداخل قضاياها وقضايا الصراعات الإقليمية والدولية في عناوينها السياسية والإقتصادية والثقافية .
   وهنا ، فإنَّ إدراك طبيعة ومناشئ الصراع العراقي في تعبيراته الذاتية في الوقت الذي سيُحدد مستقبل بلدنا بعد عقود البلاء التي مُني بها بسبب هذه الصراعات المتوالية ، فإنه في نفس الوقت سيمتد شعاعه سلباً أو إيجاباً إلى المنطقة والعالم بأسره .
   إنَّ إثارتنا لمسألة الصراع هنا يستهدف تركيز الإهتمام النخبوي والمجتمعي بأهمية النهوض النوعي لإجتثاث مناشئ وجذور الصراعات التي ميّزت تجربتنا العراقية الحديثة وصولاً لواقع أمثل يسوده الوئام والتعاون والوحدة ، فعلى ضوء تعاطينا العملي مع أصول ومقومات هذه الصراعات سنرسم دورنا ومستقبلنا وحدةً أو تشرذماً سيادةً أو وصايةً تقدماً أو تقهقراً ، وما مثال الصومال أو لبنان ببعيدٍ عنّا !! فالصومال أنهكته الصراعات القبلية والحزبية فانهارت الدولة من الأساس لتغدو البلاد ساحة حرب ومناطق نفوذ تتقاسم الأرض والسيادة والموارد على طريقة الميلشيات والعصابات المؤدلجة !! ولبنان أحالت صراعاته الدولة إلى كانتونات طائفية وسياسية مُعلنة ففُصّل الدستور ومؤسسات الحكم على أقيسة طوائفه ونفوذ بيوتاته !!
   وهنا فالفشل في خلق دولة متماسكة ومجتمعٍ موحد لهو فشل عام لا تُستثنى منه أية قومية أو طائفة أو سلطة أو حزب أو نُخبة في أية تجربة ، إنه تعبير عن فشل منظومات التعايش والمواطنة والمصير  المشترك ، ومثل هذا الفشل لا تعود آثاره السلبية على شريحة أو نُخبة معينة بل هو فشل للإنسان والمجتمع والدولة وعلى كافة المستويات ،.. وعليه نؤكد أنَّ مسؤولية حل الخلافات والصراعات بما يضمن سلميتها والتزامها بالأنظمة العامة والقواسم الوطنية والمصالح العُليا ، لهي مسؤولية عامة ستعود بالنفع والعطاء لكافة مواطنينا ،.. إنَّ أكثر المجتمعات وحدةً وسيادةً ورُقيّاً تلك التي استطاعت فك شفرات نزاعاتها وصراعاتها الذاتية وفق أنساق من البُنى والتنظيمات والطروحات الجذرية الضامنة للحياة العادلة والمتكافئة والمتقدمة .
 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر