الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


راية أعاد النبض للقلب ، والروح للجسد

يوسف حمك

2017 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


ونحن صغار في منتصف الستينات حينما كان القائد وحيداً - لا سواه - وكان الحزب واحداً ، كانت تصل أسماعنا كلمة تتسرب خلسةً إلى القلب ، فتعشعش فيه بحذر ووقار .
ونحن أطفال كان الكبار يرددون كلمات عدة : ( كردستان - البارتي - البيشمركة - كركوك ) .
كردستان شغفنا بقدسيتها وتولهنا بشمائلها .
ترعرعنا وكبرت معنا أيقونة تلك الكلمة إلى ان صارت أثقل مما نستطيع حمله ، لتغدو حلماً يغزو الفكر والروح بمنتهى الوداعة واللطف .
حلم في أحشائه تاريخ مقصوص الجناح بأنامل نرجسية متضخمة الأنا ، تمنع شمسنا بالسطوع ، وثقافة مستنسخة من عصارة جماجم كهوف تهمل الوعي والاستبصار ، وتعني بالنفس ليس إلا . تحاول ان تنزع من عقولنا طيف هذا الحلم الجميل- الذي به نطرح همومنا أرضاً - بقوة مصنوعة على الكرامات ، وشهوة مشبعة بالفتك والبطش لا من العدل والحرية .
ثقافة علومها تلقين وتهويل وانفعال هدفها إسقاط الآخر والشطب عليه بلا توازن ، ولا نهج حضاري يرتقي نحو الأسمى . بل بالإبتزاز والجدل العقيم يتجه نحو العنوان الخطأ .

يخططون بلب منغلق على الذات ، و بمخيلة متكلسة ، و وعي كعبوة ناسفة معذة للتفجير في أي لحظة غادرة تتغلب على مبدأ الوفاء الأعزل ، و الإخلاص المسالم .
عقول محجوبة بأغشية سميكة ، و فكر بالاستعلاء و التخلف و التبعية و الضغائن محاصر .
و روح لم تشبع إلا من صلف الاستكبار ، و سفه العجلة ، و وأد الحق ، و عشق اللحى التي لم تلد سوى الموت و الفناء .
رغباتهم بالسطو على المراتب المتفوقة دون وجه حق مجنونة ، و من روايات غابرة مستوردة أكل عليها الدهر و شرب ، فلم يعد لها موطئ قدم .

كبرنا على هدهدة أجمل حلم رسخه في أذهاننا القائد حينها عندما قال : ( كركوك قلب كردستان ) .
في صغرنا كان مفهوم القلب عصياً على عقولنا الصغيرة ، و استيعاب معناه .
إلا أن الزمن - الذي يخدر العمر ، و يسير به بعد أن ينتزع منه قوة المواجهة و التمرد - كان كفيلاً بتوسيع ضيق دائرة عقولنا و تفتح وعينا دون إبطاء .,
فأزهرت فكراً قادراً على استيعاب معنى الربط بين القلب و الجسد ، و نبضاته التي تحي الروح و تنعشها .
فعلى إثرها كان الانخراط في في ميدان العمل الدؤوب ، و تحدي براكين الأحقاد ، و زلازل المكائد ، و عنفوان البطش و الفتك لإشعال مصابيح هذا الحلم الوردي الودود في القلوب اليافعة الرقيقة لا الرخيصة .

مؤامرات هجينية أحيكت ، و إبادات جماعية بحقنا أثمرت ، و اعتقالات بالجملة حدثت ، و تعذيب جسدي بلا شفقة في المنفردات لغسل الأدمغة و زرع كل رخيص فيها . فمحاولات يائسة لطمس وجودنا ، و استئصالنا من الجذور .

حتى داهمنا زمن صاخب بثرثراته المتخبطة يسرع الخطا ويطلق ساقيه للريح بلا وعي دون أن يستجيب للنداء ، أو يلتقط من الضياع ممن هم بحاجة للانتشال من زوابع التي تعصف بهم .
غير ان طيف حلمنا المنشور على حبائل الأمل لم ييأس رغم الرياح التي عبثت به ، وعليه هبت بجنون ، فبقي متشبثاً بحبائله متمسكاً مستحملاً آلام المواجع كلها ، يستمد قوة الصمود من صدى صوت لم يفارق الذاكرة ولو للحظة واحدة منذ أن خاطبنا الزعيم بعقل راجح ، ووعي رزين : ( كركوك قلب كردستان ) .
الآلاف ضحوا بالأرواح الطاهرة واسترخصوا الدماء الزكية للبحث عن الذات داخل قلب بدأ يصحو من غفوة مزمنة في غرف الإنعاش ، موصدة الأبواب بأقفال فولاذية . النبض تسرع ، و الجسد قد استرد الروح ، و الحلم انبرى مع الطير يشدو ، و مع الشمس يتوهج نوره ، و بالأوردة يملأ همسه بعشق ، و بالأنفاس يرتل ألحان حنين ظامئ .
إنه لقاء بخبايا ذاكرة طالها الاعياء من طول انتظار .
إلا أن ثبت أن الآخرين واهمون للاستمرار في عنادهم ، لأن إرادة أصحاب الحقوق تفوقهم قوةً و إيماناً و ثقةً . و لا يتخلون عن دور منوط بهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مناظرة تبادل الاتهامات بين بايدن وترامب | الأخبار


.. انقطاع الكهرباء في مصر: السيسي بين غضب الشعب وأزمة الطاقة ال




.. ثمن نهائي كأس أوروبا: ألمانيا ضد الدنمارك وامتحان سويسري صعب


.. الإيرانيون ينتخبون خلفا لرئيسهم الراحل إبراهيم رئيسي




.. موريتانيا تنتخب رئيساً جديداً من بين 7 مرشحين • فرانس 24