الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مكر التاريخ عبد الحليم خدام نموذجا

كامل عباس

2006 / 1 / 21
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


كان الشباب السوري فترة الستينات من القرن الماضي يفيض حيوية ونشاطا وحماسا لحركة التحرر العربية ولفصائلها سواء كانت ناصرية ام بعثية أم جبهات شعبية فلسطينية . كان ذلك الشباب الحالم آنذاك يكره الرجعية العربية وفي مقدمتها مشايخ النفط كما سماهم نزار قباني في قصيدته المشهورة , وكانت الروايات تدور حول انحطاط العائلات الخليجية الحاكمة بالوراثة . ومن تلك الحكايات ما تقول بوجود صالونات خاصة في اوروبا لفرق شعر امراء تلك العائلات من اعلى ومن اسفل . كانت التساؤلات عند هؤلاء االشباب عن شرعية حكم تلك السلالات الوراثية وما تهدر من مال عربي من اجل ملذاتها الخاصة . دار التاريخ دورته فأنجبت حركات التحرر عائلات حاكمة جديدة وأمراء جدد اثروا بطريقة اسوأ من أمراء الخليج . والآن يتطلع ذلك الشباب الى دول الخليج وكيف يحكمها امراؤها ضمن قانون وبدون أحكام طوارئ ويحلمون بحكم مشابه في بلدانهم
انه مكر التاريخ
مكر التاريخ هذا هو الذي جعل الحزب الشيوعي العراقي يناضل بلا هوادة في تلك الأيام ضد الأمبريالية والرجعية وكان على حق آنذاك وهو الان يناضل من داخل مظلة زعيمة الأمبريالية امريكا وهو على حق الآن أيضا
في مقال لي بعنوان
- اللهم بارك وزد في شهادات البعثيين السوريين القدامى – نشر في الحوار المتمدن بتاريخ 20 / 6 /2004 وكان تعليقا على كتاب الأستاذ محمد حيدرالقييم – البعث والبينونة الكبرى –والمعروف في سوريا برجل ال5% قلت فيه عن عبد الحليم خدام ما يلي ((لا ندري إذا كان الأستاذ عبد الحليم خدام نائب الرئيس, سيكتب مذكراته بعد أن يحال الى التقاعد ويحاول تبرئة نفسه من المرحلة السابقة كونه لم يكن صاحب قرار ايضا . )) وانهيت المقال كما يلي - غير بعيد عن الأستاذ محمد وجاره وابن قريته ( الحصنان التابعة جورة بيت ياشوط كما ورد في مقدمة الكتاب ) اللواء المتقاعد محمد الخولي , والفارق بينهما ان الأستاذ كان ابن شيخ الجورة في حين كان الرفيق الخولي فقيرا بن فقير أبا عن جد, تمكن بجده واجتهاده وعرق جبينه ان يبني قصرا منيفا في مكان بيته العتيق وجعل سطحه مهبطا لطائرات ضيوفه , وإذا كانت بيوت جيرانه الفلاحين قد بقيت على حالها ونالها الأذى من مراوح طائراته خصيصا في مواسم نشر التبغ الأخضر. فإن الحق على حبه لهم وعدم رغبته مفارقة جيرتهم .
ترى هل سيتحفنا سيادة اللواء بكتابة من أي نوع يدافع فيها عن نفسه
أنا أعتقد أن كتابة من هذا النوع مفيدة جدا للأجيال القادمة .
لم اكن أتوقع يوما أن يحشرني مكر التاريخ في الزاوية بعد ان بدأ خدام بكتابة مذكراته ولكن بطريقة مختلفة عما توقعت , وقد تقدم بطلب انضمام مثلي الى اعلان دمشق وهوعلى ماهو عليه من العز والجاه والثروة والقصور واليخوت والخدم والحشم . وانا سلخ استبداد خدام من عمري أجمل سني حياتي وجردني مدنيا من كل ملكية وما زلت حتى كتابة هذه السطورأفكر (عندما اضع رأسي على الوسادة قبل النوم ) في كيفية تامين مصروف أسرتي لليوم التالي
أشهد لله والتاريخ ان عبد الحليم خدام رجل زكي جدا وزكاؤه قاده لا دراك اتجاه الريح في المنطقة ومحاضرته عن الديمقراطية في قطر وكتابه المعنون النظام العربي المعاصر- قراءة في الواقع واستشفاف المستقبل"، يشهد على ذلك , وهوبسلوكه هذا يحاول أن يحجز لأولاده مقعدا في قطار مستقبل سوريا
سيحتدم الجدل في سوريا مستقبلا حول الموقف من البعثيين القدامى وأولادهم وثرواتهم الذين هم على درب خدام مثل طلاس والشهابي ومحمد حيدر وعلي دوبا وغيرهم , وفي هذا المجال قلت كلاما حول ندوة البلازا الشهيرة رفعني بنظر معدي تلك الندوة الى مرتبة منظر الفساد ومدافعا عن تبييض اموال أولاد المسؤولين السوريين وعميلا لبوش أيضا ومما قلت في ذلك المقال (( هناك ليبرالية في السلطة وليبرالية في المعارضة ولكننا نعتقد ان لهما برنامجين مختلفين أحدهما يريدها من اجل تبييض رؤوس امواله والثانية من اجل نهضة سوريا ككل لمصلحة كافة فئات المجتمع ومن أجل اللحاق بركب العصر ومع ذلك نرحب بالفم العريض بتلك الليبرالية على سوء برنامجها إذا كانت تريد ان تلعب لعبة الديمقراطية ولندع القانون الناجم عن توازن القوى يرسم ويحدد ملامح المرحلة القادمة . وأهلا بأموال هؤلاء ونتجرأ فنقول عفا الله عن ماضيها أذا جاء بها أصحابها من الخارج ليوظفوها في سوريا . ونعتقد أيضا ان الخطر على مستقبل سوريا هو من الأصولية من أي مصدر جاءت أسلامية ام قومية ام شيوعية . ))
واضيف الآن ان من يكتبون عن اللبراليين السوريين الجدد امثالي الذين انقلبوا على ماضيهم كما يدعون ويتهمونهم بانهم جماعة الحزب الأمريكي السوري ويدعون لتيار مقاوم عريض , يخدمون بغبائهم الطرف الأخر من اللبرالية السورية ولا يساعدو ننا كي يتم استئمار هذه الأموال بما يخدم تنمية عريضة في المجتمع
لم يعد خافيا على احد عمق الأزمة التي تعصف بالمجتمع السوري قيادة وشعبا , وأعتقد جازما ان السبب ليس اغتيال الحريري , فهذه الاغتيالات السياسية كانت تحدث في السابق في كل الدول شرقها وغربها . السبب على ما اعتقد هو اصرار قيادتنا السورية على تعميق نهج الشرعية الثورية والحفاظ على نظام الديمقراطية الشعبية الذي تجاوزه الزمن من أجل الحفاظ على امتيازات قلة قليلة في هذا البلد على حساب الشعب السوري ومستقبله , وهو ما يجعل الخارج يوظف بذكاء اغتيال الحريري لإضعاف سوريا ومحاصرتها وشل فعاليتها في المنطقة .
لامخرج لسوريا من الأزمة سلطة ومعارضة الا بالحوار الجدي حول ثلاثة نقاط رئيسية
1- حول النسيج الكردي لمعرفة من منهم على استعداد ان تكون قبلته دمشق وليست كردستان التاريخية ليساهموا مع أخوانهم العرب السوريين في مساعدة سوريا لاجتياز محنتها وليس طعنها في الظهر
2- حول الاسلاميين بكافة توضعاتهم وفي مقدمتهم الاخوان المسلمون الذين ينبذون العنف ويعترفون بالأخر وبفهمون الاسلام دين التسامح والوسطية والاعتدال
3- حول اشكالية العلاقة بين الداخل والخارج وما طرا عليها من تغيرات على صعيد العالم والاصرار على مواجهة الخارج عبر الحل الديمقراطي في الداخل واحترام حقوق الانسان وهذا ما يقوي سوريا ويجعلها عصية على الاخذ من الخارج .
ما لم يتم ذلك في المستقبل القريب سيجعل سوريا مهددة بأن يجري لها ما جرى في العراق وربما أسوا بكثير في داخلها , وهو ما يضر بأبناء سوريا والعرب والجوار والعالم كله , ولكن بكل اسف يبدو ان قيادتنا السورية لم تتعلم ولا تريد ان تتعلم من الدرس العراقي وتقرأ اتجاه الريح كما قرأه خدام . ومسؤوليها الأمنيين والسياسيين كما قلت عنهم مرارا مازالوا يحكمهم الصلف والغرور والعنجهية وقرارهم وحدهم هو الذي يحدد مستقبل سوريا
لقد تعاملت هذه القيادة مع خدام بنفس الاسلوب السابق .
1- مجلس شعب يجتمع في اليوم التالي ليطالب بحرق الكرسي التي كان يجلس عليه خدام وفي مقدمتهم عبد القادر قدورة وهو الفاسد أكثر من خدام
2- استمرار جلسات محكمة امن الدولة التي تحكم على الناشطين بتهمة التشويش على مسيرة سوريا الاشتراكية مثل رياض حمو وقد تأجلت محاكمته حتى السادس من آذار
3- عفو عن سجناء ربيع دمشق من أجل ان يعقد مؤتمر اتحاد المحامين العرب ويقبل بان لا يحضره احد من المحامين المعارضين في سوريا .
ان سوريا أيها السادة تحتاج الى عفو مختلف يتم فيه رد المظالم الى اهلها كما جرى في المغرب , واطلاق سراح كل سجناء الرأي وفي مقدمتهم كمال لبواني ورياض حمو ومحمد ديب ويقرر ارسال محكمة امن الدولة العليا الى مزبلة التاريخ
بدلا من ذلك نستمر بعفو هو عطاء آخر ومكرمة جديدة للرئيس لا تشمل الدكتور عارف دليلة رغم وضعه الصحي المتدهور
ان الحقد أيها السادة يضاعف أزماتنا وما تطلبه سوريا منكم ان تكونوا بمستوى عبد الحليم خدام وتقرروا الانفتاح على شعبكم والاستقواء به ضد كل من يريد ان ينال من سوريا .
اما التفتيش من اجل عقد صفقات مع الخارج تتوسط فيها مصر والسعودية فلن يكون الا مهدئا لأزمتكم ولفترة قصيرة على مانعنقد .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في