الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسئلة في الحاجة إلى الثورة (1)

يوسف أحمد إسماعيل

2017 / 3 / 31
حقوق الانسان


تثير أحداث " الربيع العربي" أسئلة استنكارية وتعجبية كثيرة؛ ترتبط بالغبطة التي شعر بها المواطن العربي في لحظات الانفراج الأولى، وبالانكسارت التي عمّقت المعضلة العربية بدلا من حلّها، وبالنتائج الكارثية التي تمخّض عنها ذلك " الربيع"، وبهول الفاجعة المرتبطة بماهية الانتماء الوطني عامة.
وترتبط جميع الأسئلة النابتة من الأحداث بالمفارقة القائمة بين ما كان مأمولا، وبين ما حصل في الواقع. فعلى الأرض كانت فكرة التنازل عن كرسي السلطة ذات أهمية كبيرة في الحراك برمته، بل هي جوهره وغايته، على الرغم من عدم فائدتها المؤكدة في المفهوم الشامل للثورة التي يحتاجها المجتمع العربي عامة، وكذلك عدم فائدتها المؤكدة إجرائيا؛ وهذا ما أثبتته الأحداث في تونس مصر واليمن وليبيا؛ فاعتبارها غاية حوّل الثورة إلى انقلاب على السلطة، مما فتح الباب واسعا على الصراع على السلطة؛ وضاعت في لجة الصراع فكرة البحث عن العدالة الاجتماعية؛ بل غدا الجلاد والضحية في سلة واحدة؛ ولذلك تمزق النسيج الاجتماعي العربي في تلك الأقطار، وتحولت الثورة إلى حرب داخلية، صامتة أو معلَنة، وفق الظروف الخاصة التي أحاطت الحراك في كل بلد عربي!
وفي الحرب الظالمة تتحول جميع أطراف الصراع إلى ضحايا، وتتجذر في الوعي الجمعي الأمراض التي كان من المأمول للثورة بمفهومها الحضاري أن تخلّص المجتمع منها؛ وأهمها ما يتعلق منها بمفهوم الانتماء الوطني، والتعايش مع الآخر بناء على احترام خصوصياته العقدية والجنسية والقيمية والقومية. وما يتعلق منها بالجهل بمعنييه التعليمي والثقافي. وتكون النتيجة دمارا كليا للبنية الاجتماعية والبنية التحتية؛ وهذا ما حصل بدرجات ونسب مختلفة في بلدان " الربيع العربي" كلها بما فيها تونس ومصر؛ فيما لو أخذنا بعين البصيرة ماهية السلطة الجديدة في مصر وتونس ومدى انفتاحها على المفهوم الحضاري الشامل للثورة.
وفي الحرب الظالمة تلك يصبح الوطن بكل مكوناته الاجتماعية والحضارية والقيمية ضحية كبرى، كما حصل في ليبيا واليمن وسورية. إذ هرب المواطن من وطنه على شكل جماعات، ومن لم يهرب، يحلم بالهروب، ومن لا يحلم يمتص من الدم النازف بقايا جيفة سميت وطناً، بفعل الحرب والخراب. أما الجهل بالمعنى التعليمي المرتبط بالتمدرس فتقول تقارير المنظمات الدولية: إن ما يقارب 713 ألف طفل سوري لاجئ هو خارج المنظومة التعليمية في منتصف عام 2016، أما الأطفال السوريين المحرومين من التعليم في داخل البلاد فقد بلغ عددهم 2 مليون في عام 2015 . وللجهل الثقافي شجن آخر أبرز مظاهره انقسام المثقف السوري على ذاته إذ تتخبطه نوازع متعددة؛ ذاتية وعامة، أبرزها التناقض في الرؤية، والمفاهيم، وموطئ القدم.
من ظل ذلك الخراب، تبرز الضرورة لإعادة النظر في الحاجات المجتمعية والمفاهيم وفق ما فرزه " الربيع العربي" لكي يتواءم الطموح مع الإجراءات التي يحتاجها المجتمع العربي لكي يحقق ثورة اجتماعية شاملة، بمعناها الحضاري، تخرجه من وعيه العبودي للمطلق، إلي وعي تحرري شامل يُلحقه بالحضارة المعاصرة بناء على إنسانيته العضوية الفاعلة.
وأوّل تلك الحاجات التي تخرجه من وعيه العبودي للمطلق هو التحرر من هيمنة الصيغ الجاهزة التي تراكمت على وعيه تاريخيا، وحولته إلى مسخ مشوه يتسم بالغباء بفعل استبداد السلطة بكل صورها الدينية والسياسية والثقافية والاجتماعية؛ إذ حولت ثقافتها النخبوية المتسلطة إلى بدهيات تحكم تفكيره ورؤيته إلى نفسه والعالم المحيط به.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3