الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مستوطنة جديدة لأجدد مستوطنة: متلازمة العقم الفكري

شاهين نصار

2017 / 3 / 31
القضية الفلسطينية


هناك مرض يدعى متلازمة العقم الفكري، والذي يصيب البشر، ويفقدهم الامكانية على التفكير بعقلانية، ومن عوارضه أنه يتسبب بعقم فكري ويمنع تطوّر القدرة على التفكير بحرية وتطوير الذات المستقلة، ويصيب بالأخص الأطفال.

لكن في حالتنا هذه يمكن وصف هذه المتلازمة على حال السلطة الفلسطينية الحالية، التي تصّر على التعامل بتفاؤل وايجابية مع الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب، الحالة التي فيها يعاني الرئيس الفلسطيني أيضا من عقم بالذاكرة، لا يتذكر تصريحات الرئيس الأمريكي المهينة له وللشعب الفلسطيني، مطيحا بعرض الحائط بكل المسلمات الفلسطينية والعربية وكافة المبادرات السلمية من قبله والتنسيق الأمني. هذا عدا عن تجاهله له طوال أسابيع طويلة منذ دخوله البيت الأبيض.

يستحق الرئيس الفلسطيني نيشانا من السلطات الاسرائيلية، نيشان عرفان وتقدير لقدرته على الحفاظ على التنسيق الأمني رغم ضرب السلطات الاسرائيلية بعرض الحائط بكل الاتفاقيات السابقة ونقضها كل ما قبلته منذ اتفاقية أوسلو والى اليوم، وإصرارها على البدء من الصفر من جديد، بل والنزول أدنى من الصفر في شروطها لتجديد المفاوضات السلمية.

قبل أعوام كان الشرط الفلسطيني لبدء المفاوضات هو وقف الاستيطان وتجميده كليا، قبل أن ننبس ببنت شفة عن أي عمليات عدائية واستفزازية في المسجد الأقصى والحرم القدسي الشريف. ولكن اليوم يبدو أن هناك حد أدنى جديد، وهو القبول بتجميد الاستيطان المستقبلي فقط، ومهما كان هذا العنوان الفضفاض يعني.

أمس صادقت الحكومة الاسرائيلية على بناء مستوطنة جديدة للمستوطنين من عامونا الذين تم إجلاؤهم عنها قبل شهرين تقريبا، تنفيذا لقرار المحكمة العليا في اسرائيل، كونها مستوطنة قائمة على أراضٍ فلسطينية خاصة. ولأول منذ 1996 أي منذ اقامة البؤرة الاستيطانية عامونا ذاتها تصادق حكومة الاحتلال على إنشاء مستوطنة جديدة. وقد اكتفت حتى الآن بتجميد الاستيطان وعدم بناء مستوطنات جديدة، وبين الفينة والأخرى خرجت بمشاريع استيطانية/ اسكانية جديدة للمستوطنين في الضفة الغربية. عمليا في الأيام العشر التي سبقت إخلاء البؤرة الاستيطانية، أي بين 20 كانون الثاني/ يناير - لحظة أداء الرئيس الأمريكي ترامب القسم الرئاسي، و2 شباط/ فبراير عند اخلاء عامونا، اعلنت الحكومة الاسرائيلية عن توسيع الاستيطان في عشرات المستوطنات القائمة، وأقرت بناء نحو 6000 وحدة سكنية. وأمس أقرّت بدء تسويق 1992 وحدة استيطانية منها.

وللتذكير، كيف أحيت السلطة الفلسطينية ذكرى يوم الأرض الخالد؟ الذكرى الـ41 لانتصار فلسطينيي الداخل بمنع مصادرة أراضي الروحة والبطوف؟ بمظاهرة شارك فيها بضع مئات في إحدى القرى. وكيف ردت اسرائيل؟ بقرار مصادرة 997 دونما من أراضي قرى قرى قريوت والساوية واللبن الشرقية وسنجل جنوب نابلس، لبناء مستوطنة بديلة لمستوطنة "عمونا".

يا لذكرى هذا اليوم الخالد....

الخصي الفلسطيني المستمر بعدم الرد على المستوطنات وصل مستويات جديدة من الرضوخ للاستعمار الصهيو- أمريكي بقبول رئاسة السلطة الفلسطينية برئاسة عباس، استحداث المفاوضات السلمية على أساس تعهد بعدم بناء مستوطنات جديدة. وكأن هذه هي الشروط السفلى للمفاوضات. نعم، الحياة مفاوضات بالنسبة للقيادة الفلسطينية. فكل همها تجديد المفاوضات.

البناء الوحيد في الضفة الغربية الذي سُمح به، مشروع مدينة الروابي التي أنشأها الملياردير منيب المصري، لا زال يعاني من تأخيرات من قبل السلطات الاسرائيلية التي تمنع مدهم بالماء والكهرباء كما يجب، وتماطل في تفعيل المدينة كمدينة وحتى الآن لم يدخل كل من اقتنى منزلا هناك الى منزله.

الخصي الفلسطيني مستمر، بانعدام الرد على أكثر من 250 شهيد سقطوا منذ بدء الانتفاضة الأخيرة. فما نفع القرارات من مجلس حقوق الانسان الدولي التي تدين الاحتلال؟ طالما تهدد أمريكا - المدافع عن اسرائيل باقتطاع تمويلها للامم المتحدة؟ وتهدد مرة تلو الأخرى، بل لدرجة أجبرت لجنة أممية بسحب تقرير يدين الاستيطان ويعتبر اسرائيل دولة أبارتهايد.

إنها عقم فعلي، وليس مجرد عقم فكري!

ولكن العقم الفكري متمثل ليس فقط بعدم الرد وإنما أيضا بعدم التفكير ببدائل ردوود جديدة، ورضوخ لرغبات الأسياد من السعودية وقطر وأمريكا وأوروبا بتجديد المفاوضات دون شروط مسبقة. بل وتجديده والتفاؤل بتجديده رغم علمهم أن اسرائيل تفعل ما يحلو لها.

والأنكى من ذلك كله، هو أن الادارة الأمريكية تخرج اليوم بتصريح مهين لدرجات لا تصدّق. "إن الرئيس ترامب أعلن بشكل علني وشخصي مخاوفة من بناء المزيد من المستوطنات". كما نقلت القناة الاسرائيلية الثانية عن البيت الأبيض، وأوضحت، أنه على الرغم من ذلك، فإن الإدارة الأمريكية قالت إنها تعلم أن القرار يأتي في إطار تعهدات قطعها رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، للمستوطنين الذين تم إجلاؤهم.

ولهذا نقول لم يعد يوم الأرض خالدا.....



يافا 31/3/2017








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: هل تنجح مفاوضات الهدنة تحت القصف؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. مراسل شبكتنا يفصّل ما نعرفه للآن عن موافقة حماس على اقتراح م




.. واشنطن تدرس رد حماس.. وتؤكد أن وقف إطلاق النار يمكن تحقيقه


.. كيربي: واشنطن لا تدعم أي عملية عسكرية في رفح|#عاجل




.. دون تدخل بشري.. الذكاء الاصطناعي يقود بنجاح مقاتلة F-16 | #م