الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الأسلوب؟

أيوب الحمزاوي

2017 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


ان الأسلوب يجسد فكر الكاتب و شخصيته من خلال اختياراته الواعية، و لكن حتى يحقق المخاطب الوضع الأمثل لمخاطبة الأخرين سيعمد الى تكليف اختياراته حسب أصناف الذين يخاطبهم، وسيعمل على جلب الانتباه اليه.
في اطار حديثنا عن الأسلوب أود الاشارة الى ما جاء في مادة سلب في لسان العربي لابن منظور.سلب:ويقال لسطر من النخيل أسلوب...و كل طريق ممتد فهو أسلوب...ويجمع على أساليب، و الأسلوب فن.
و لعل علماء الأسلوب في تأسيسهم لهذا المفهوم الذي هو طريق، ممتد، تأخذ فيه، مذهبا، على وجه يصير فنا. ان الطريقة التي يأخذ فيها الأخذ من اختياره، و قد تبدو بعض اختيارات الكاتب منزاحة عن الأصل كالتقديم والتأخير، الحذف...فاذا خالف فيه المألوف و أبدع فيه شيئا جديدا، فالافتنان قرين الابداع. ان ما سبق ذكره له علاقة بما ورد في الدرس الأسلوبي المعاصر من اتصال الأسلوب بمكونين: الاختيار و العدول او الانحراف.
أشار شكري عياد الى أن شارل بالي من أوائل من اعتمدوا عنصر الاختيار في بناء مفهوم الأسلوب، يقول "فالعالم اللغوي يبحث عن قوانين لغوية تحكم عملية الاختيار التي يقوم بها أي شخص يستعمل اللغة". أما عنصر العدول أو الانحراف من اقتراح عالم أسلوبي أخر يدعى ستيفن أولمان في كتابه اللغة و الأسلوب. اذ قصر علم الأسلوب او الأسلوبية على رصد الانحرافات التي يلجأ اليها مستعمل اللغة.
و قد حاول شكري عياد في كتابه المذكور أن يوافق بين العنصرين البانيين للأسلوب في علاقتهما باللغة عن طريق اعتبار عنصر الاختيار قائما وسط اللغة، واعتبار الانحراف قائما خارج اللغة. و بالتالي "فالأسلوب مسألة ذاتية تابعة للمسألة الجماعية و هي اللغة. فعلم الأسلوب لا يدرس قسما من اللغة، بل اللغة بأكملها منظورا اليها من زاوية خاصة، و من الواجب أن يساوي في الاهتمام بين علم الأصوات و متن اللغة، و علم النحو".
و على العموم فالأسلوب يكون دائما قائما على السجل اللغوي المشترك، سواء أسس المستعمل علاقته به بالاختيار أو على العدول أو هما معا. من هنا يصح لنا القول أن لكل أديب أو متكلم أسلوبه الخاص، الذي يتضح من خلال النظر في طبيعة الاختيارات المعجمية و التركيبية التي يلجأ اليها.
أما الانحراف أو العدول فيكاد يكون خاص بلغة الأدب التي لا يعني انحرافها خروجا عن دائرة اللغة. فاذا كان الأدب بناءا لغويا فلا يمكن النفاذ الى جوهره الأكبر صياغاته الابداعية، لذا تدرس الأسلوبية أو علم الأسلوب الخصائص اللغوية التي يتحول بها الخطاب عن سياقه الاخباري الى وظيفته التأثيرية.
لكن وجب التنبيه بأن فهم الانحراف في لغة الادب و دراسته تستدعي استحضار مراتب البلاغة الثلاثة بلاغة الفهم(دنيا) بلاغة الأثر(وسطى) و بلاغة الفعل(قصوى).
لقد ركزت البلاغة القديمة على الفروق القائمة بين الوسائل الشعربية كالكناية و الاستعارة، أما النظرية الأسلوبية فانها تبحث عن العامل الشعري الذي تعد الصور و الوسائل الفنية تحقيق له.
لذا يصرح الشايب بأن علم البلاغة نافع للاديب و الناقد و المخرج، و لكل كاتب أو متكلم أو خطيب. ان الدراسة الأسلوبية في ظل ما سبق تلخص أن الأسلوب هو انعكاس للشخصية. و كذلك للواقع الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي لعصر الكاتب. فالأدب كلام يعبر عن العقل و العاطفة و الأسلوب هو الوسيلة اللازمة لنقل الفكرة و العاطفة هذا فضلا عن عده عملية الابداع الأدبي عملا أسلوبيا. 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إعلام: شبان مغاربة محتجزون لدى ميليشيا مسلحة في تايلاند تستغ


.. مفاوضات التهدئة.. أجواء إيجابية ومخاوف من انعطافة إسرائيل أو




.. يديعوت أحرنوت: إجماع من قادة الأجهزة على فقد إسرائيل ميزتين


.. صحيفة يديعوت أحرنوت: الجيش الإسرائيلي يستدعي مروحيات إلى موق




.. حرب غزة.. ماذا يحدث عند معبر كرم أبو سالم؟