الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشاعر والكاتب سليم رسول حلم -بعرقجين- الجواهري وأدهشته -نغمة- جمال الدين و-سحر- السياب

حيدر السلامي

2017 / 3 / 31
الادب والفن


ذهب عدد من الكتاب والنقاد إلى أن الالتزام يضعف الأدب ويقيد الأديب بما يفرضه عليه من اللغة والأسلوب فضلاً عن الموضوع وطريقة التعبير والتفكير أيضاً.
هذا ما جعل البعض يدير ظهره للقضايا الوطنية والدينية والتوجه بكامل طاقته الإبداعية وموهبته الخلاقة إلى الشمولية أو الاستغراق بمحاكاة الطبيعة تارة والمجردات أخرى والانغماس في الذاتية بحجة التحرر حتى انطلقت مقولات الفن للفن لتكرس نرجسية الأديب والفنان وتبعده من مسرح الحياة تماماً.
أبعد من ذلك رُميَ الأدباء الملتزمون بشتى التهم وعانوا التهميش والإقصاء المتعمد عن الحركة الثقافية بل والإلغاء التام في بعض الحالات والمراحل التاريخية.
ربما نشأ ذلك من شعور المثقف العربي والعراقي خاصة بالانسلاخ وفقدان الهوية والضمور والعجز عن مجاراة التقدم والإحساس بالنقص والذيلية إزاء المنجز الإبداعي للغرب المتحضر فلم يستطع أن يكون ابن مجتمعه بحق ولم يفلح في اللحاق بركب المجتمعات الأخرى لا بالنمذجة ولا بغيرها.
كم شهدنا من أفول لنجوم وصعود لنجوم غيرها تبعاً للتقلبات السياسية والتحولات الاجتماعية التي مرت بها بلداننا العربية والإسلامية, لكن رغم ذلك فرضت بعض الأسماء وجودها في المعترك الثقافي وذاعت شهرتها محلياً وعالمياً.
عن تجربته وآثار التزامه القضية وهجرته القسرية وغربته ومن ثم عودته للوطن وبقية شؤونه وشجونه يحدثنا الشاعر والكاتب سليم رسول في هذا الحوار:

ـ متى راودتك القصيدة عن نفسها للمرة الأولى وكيف كانت استجابتك؟
نشأتُ في جيل كتب عليه أن يعايش القهر الصدامي بكل صنوفه، ففي أيام الابتدائية كانت بداية الحرب العدوانية على الجارة إيران، التي ألقت على كل جوانب الحياة ظلالها المرعبة الحزينة، وأفسدت كل الأجواء المرحة التي كان يمكن أن يعيشها جيلي والأجيال المقاربة له، وما إن انتهت الحرب حتى دخلنا في ظلام الحصار وسنوات التجويع الرهيبة.
كل تلك البيئة وما فيها من ألم وحزن وقهر و تبدد للأحلام ربما جعلني و كثيرين غيري نلجأ للشعر و نعبر عن مكبوتاتنا بسطور خائفة مرتعبة في البداية خشية أن تقع تحت عيون ذئاب البعث.
كان للمنبر الحسيني الأصيل دور فذ في صقل مواهبنا و ربطنا بتراثنا الشعري الزاخر ، فكنت اذا سمعت باسم شاعر يرد ذكره على لسان الشيخ الوائلي مثلا أهرع إلى المكتبات فأشتري ديوانه وأعكف على قراءته وإن كنت أجد صعوبة وقتذاك بفهم التراكيب اللغوية العربية القديمة، وبعد هذه التأسيسات كانت المحاولات الأولى ، فكنت أكتب البيت والبيتين و أعرضهما على بعض اساتذتي في الكلية ممن أثق بهم، و كانت أول قصيدة تكاد تكون مكتملة كتبتها في يوم مولد سيدي أمير المؤمنين علي عليه السلام ، أقول في مطلعها:
ما بال قلبك لا يقول جديدا
و يثير سحر قصيده المعهودا
و يريق دمعا في لقاء حبيبه
و يترجم الشوق الشجي نشيدا
حق الموله أن يتيه بحبه
و يريح صدرا كابد التسهيدا
...الى آخرها
أذكر أني عرضتها على سماحة السيد حسين بحر العلوم رحمه الله ، و سألته إن كان في القصيدة غلو أو لا فقال رحمه الله : علي فوق ما تقول ... فأراحني جوابه كثيرا .
وهكذا تواصلت النصوص الولائية و غيرها، حتى وجدتني أمام كم كبير منها، حاولت أن أطبعه لكن الوضع الأمني و المادي لم يكن ليسمح بذلك و مازالت الأوراق رهن الأدراج..

ـ الحلة الفيحاء.. مهدك.. كانت ستحتل موقعاً كبيراَ في نثرك وشعرك لولا...
للحلة وقعها الخاص أدبا وثقافة وفنا.. وانفتاحا... الحلة نقطة الوصل بين العاصمة بكل انفتاحها وبين مدن الوسط الأخرى التي تجد فيها نوعا من التشدد والانغلاق، وبالتأكيد فإنّ للحلة دورا فاعلا في صياغة الموهبة و تطويرها وتفجيرها، لكن الوضع آنذاك لم يكن ليسمح لي ولا لغيري بأن نواصل التلقي العلمي والأدبي مع رجالات الحلة المعرفين بتقدمهم الأدبي والعلمي مثل الشيخ الشهيد محمد حيدر والسيد حازم الحلي وآخرين من المبرزين أساتذة ومشايخ.
مع ذلك كنا نحرص على قراءة ما يصلنا من إصدارات معرفية وإن كانت مستنسخة..
الحلة مدينة ساحرة من حيث البيئة وطبيعة أهلها وموقعها الجغرافي المميز... كما قال الصفي الحلي: و من لم ترَ الحلة الفيحاء مقلته... فإنّه بانقضاء العمر مغبون.

ـ المهجر.. كان الفرار أم القرار؟
المهجر كان خيارا مرا ولكن لابد منه، نعم حملتنا أرض الشام مع ما في العيش فيها من مصاعب لكنها كانت أرحم من جحيم الصداميين، وكانت الشام منطلقا على الصعيد الخاص، فقد التقيت فيها بالنخب الأدبية والثقافية العراقية والسورية والعربية عموما، و كانت منطلقا للمشاركة بالمهرجات والفعاليات الأدبية، وكان لنا ملتقى أدبيا نلتقي به نحن مجموعة من الشعراء والباحثين عراقيين وسوريين اسمه ملتقى الأربعاء الثقافي.
وكانت الصبغة أو الصفة الشعرية عليّ أكثر انطباقا أيام الهجرة، حيث كان المناخ مفعم بالشعر والأدب وكل مسائل الثقافة والأدب.

ـ حلمت باعتمار عرقجين الجواهري واستفزك جمال الدين وأدهشك السياب إلا قليلا..
للجواهري مدرسته العظمى ولابد لمحترفي الشعر من الوقوف إزاء هذه المدرسة و النهل منها، ولست وحدي فقط من أبهره الجواهري بل أبهر أجيالا وشدهم إليهم والكثيرون حاولوا أن يسايروه بنسجه ورصفه و دقة تصويره و جزالة عبارته ، لذلك لم حلمي بإعتمار(عرقجينه) بالحلم الغريب بل هو الهاجس الذي راود غيري أيضا وربما حلموا بأكثر من ذلك ، غير أني لا أنكر أني اقتربت كثيرا من عبارة الجواهري وأكاد أجزم أني هضمت اسلوبه وأعدته وفق آلاتي والقارئ لما أكتبه يكاد يتلمس ذلك بوضوح.
ولجمال الدين نغمة متفردة فهو يعد من أرباب الرومانسية العربية في بداياته حيث وصف الطبيعة والطيف والرؤى والليل والنجوم ومحاورة الشجر و غير ذلك ، لكنه لم يثبت على تلك المدرسة فسرعان ما عاد الى النسج العربي الرصين الواقعي الجزل واقترب في بعض قصائده من الجواهري ، ولذلك كان جمال الدين مستفزا لي في ديوانه وقد تأثرت به وأخذت منه لكن ليس كالجواهري فلا مقارنة.
السياب الساحر في بنائه واسلوبه وموسيقاه وصوره ونقده للواقع، ليس صحيحا أن أتجنب السياب ولا أنهل من مدرسته الجديدة التي سميت (الشعر الحر) فأنا أعدّ السياب منقذا للشعر حين كسر الشطرين وكسر القافية وأطلق الشعر ليحلق بكل حرية في سماء الإبداع، من يقرأ السياب يجد الفرق الشاسع بين الكلاسيكية العربية وبين التجديد الذي شكله السياب ومن سار على نهجه.

ـ دراستك لابن طاووس في تماسكه النصي.. ما كان وراءها؟
لعل الحسنة الوحيدة التي استفدتها بعد التغيير وعلى الصعيد الشخصي هي اكمال دراستي و الحصول على الماجستير، وكان حلما بعيدا في زمن الطاغية المباد وصار سهل المنال بعد التغيير فلم يعد أمامي من معرقل في سبيل التواصل الدراسي، و لأني أعرف أن الحلة من مناجم العلم والعلماء و وفاء لها و للعلماء من أبنائها اخترت أن يكون العلم الفذ العارف الأجل السيد ابن طاووس مجالا للدراسة عبر كتابه المميز و الثمين (مهج الدعوات) وكان الكثير من الأساتذة الذي درسوني في الماجستير قد استغربوا من اسم الكتاب و ربما من اسم المؤلف لأنهم لم يسمعوا به من قبل ولذلك كان التكليف علي أكبر حين علمت جهل بعضهم بالمؤلف و الكتاب، و كان درسا و بحثا مميزا بصراحة لأني في دراستي اللسانية النصية وقفت على العبارة الدعائية و تحليلها واكتشفت الكثير من الكنوز في ثنايا النص الدعائي الذي يحتاج منا الى جهود دراسية كبرى بصراحة، فنحن لم نزل نضع الدعاء في خانة الحاجة فقط و لم نخضعه للدرس اللغوي مع انه زاخر بالكنوز اللغوية والمعرفية الإخرى.

ـ أيمكن عدّ الدعاء جنساً أدبياً؟
الدعاء من أهم الأجناس الأدبية بل هو من أرقاها بلحاظ المخاطب، فالشعر الذي ندرسه إنما هو ينطلق من مخلوق ليصل إلى مخلوق آخر برجاء ترتيب الأثر من المتلقي ليعود للملقي، فيما أن الدعاء نص في غاية الإتقان والسبك والرصانة والصدق و هو يتوجه من الأدنى الى الأعلى ، من المخلوق الى الخالق الواهب الخير والموجد لكل شيء ، والأثر المترتب لا يقاس به أثر من أي مخلوق آخر فلا صحة للقياس بين الخالق والمخلوق.
فالدعاء جنس أدبي من أرقى الأجناس و أكثرها شمولا لمواصفات النص الأدبي الجامع للشرائط.

ـ في نصوصك اهتممت ببيان الدور التاريخي لأهل البيت والدور الحضاري للأمة.. هل نحن أمام مشروع تنويري أم هو فرض الالتزام؟
الدور التاريخي لأهل البيت لا ينحصر في الماضي بل هو امتداد للحاضر والمستقبل ، فهم أحياء عند ربهم يرزقون ، إضافة إلى الوجود المبارك لصاحب العصر والزمان أرواحنا فداه ، فالشعر حين ينطق بهم و يتصعد إليهم و يتوسل بهم و يرغب إليهم و يحبو إلى عتبات أبوابهم الطاهرة فإنما هو تشريف للشعر و للأدب عموما ، وليس بالمعصوم حاجة إلى قصيدة أو رواية أو أي نص أدبي و إنما الشعر والأدب و الأمة هي التي تحتاج الى المعصوم لأن ذلك من شانه أن يربط الأمة بمصادر التشريع كي تحافظ على دينها و تعرف الطريق الصحيح الذي يوصلها الى ساحته تعالى. فهو مشروع حضاري و تنويري كما ذكرت في معرض السؤال ولابد من الطبقة المثقفة أن تكثف من جهودها كي يستمر المشروع و تزداد ثماره.

ـ عملت في الصحافة والإعلام ثم تسنمت منصبا إداريا.. هل هو تحول من المحكومية الى الحاكمية أم حراك ديمقراطي؟
ليس تحولا من المحكومية إلى الحاكمية، ولم يكن هناك تخطيط مسبق على الصعيد الشخصي ولكن كما يقال لابد من توفير قوت العيال كي تطمئن النفوس حين تحرز أقواتها، وإلا فإنّ المهمة الملقاة على عواتقنا هي أن ننهض بمشروعنا الإسلامي وربط الأمة بالإمام المهدي عجل الله فرجه عن طريق الإلتزام بالمرجعية الدينية.

ـ إشكالية الأديب والسياسي أو السلطة.. هل من سبيل للخروج منها؟
ليس هناك فصل بين الأدب والسياسة، الأدب في أكبر همومه سياسي، لأنه وليد البيئة والبيئة تحكمها السياسة لذلك حتى في النصوص المغلقة تجد السياسة حاضرة في النص ، و حتى في القصيدة الوجدانية تجد السياسة حاضرة .. هذا رأيي و طالما أشكلت على من يقول أن الأدب يكون أجمل حين يبتعد عن الدين والسياسة...!

ـ من المرأة التي انشدتها الشعر فأنشدتك الحياة؟
ليس هناك من ملامح محددة لتلك التي أنشدتني حبا و أنشدتها شعرا وإنما هي الوجه الأجمل للحياة التي من خلالها ندخل للمضامين الأسمى .. والحب هو المحور الذي تدور عليه الحياة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى