الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التصويت لعجائب الدنيا السبع الجديدة: ثقافة أم تجارة؟

باتر محمد علي وردم

2006 / 1 / 22
الادب والفن


تدخل أهرامات الجيزة في مصر، ومدينة البتراء في الأردن وهما من أهم مصادر الفخر الثقافي العربي منافسة مع 19 موقعا حضاريا وثقافيا تاريخيا لاختيار عجائب الدنيا السبع الجديدة، في مسابقة تنظمها مؤسسة سويسرية هي مؤسسة "عجائب الدنيا السبع الجديدة" New seven wonders ويشرف عليها فردريكو مايور المدير العام السابق لليونسكو.

المسابقة سوف تعتمد على تصويت مواطني العالم (بنفس طريقة سوبر ستار وستار أكاديمي) لاختيار أفضل سبعة مواقع ما بين 21 موقعا تاريخيا تدخل المنافسة، وسوف تستمر عملية التصويت حتى نهاية العام الحالي بينما تعلن النتائج في الأسبوع الأول من العام 2007.

هناك الكثير من الحماس في مصر والأردن والعالم حول هذه المسابقة، خاصة مع وجود الأهرامات البتراء ضمن اللائحة، وسيكون هناك الكثير من الترويج السياحي والاقتصادي للمسابقة، ولكن هذا هو جوهر المشكلة، فهل سيكون التصويت مبنيا على اختيارات ومنطق تحليلي ثقافي وحضاري حقيقي أم على عوامل أخرى؟ وهل أن المسابقة تهدف إلى تحقيق إنجازات ثقافية أم إلى تحقيق ربح مالي هائل نتيجة التصويت الهاتفي.
مشكلة التصويت الشامل عبر وسائل الاتصال الحديثة، ومنها الهاتف والإنترنت أنها تعتمد على الكثير من العوامل غير الثقافية، وأريد أن أؤكد بأنني لم أخطئ في القول أن الهاتف هو وسيلة تصويت حديثة لأن حوالي 40% من سكان العالم لا توجد لديهم وسائل اتصال هاتفية ناهيك عن القدرة المادية لدفع فواتير التصويت الهاتفي إلى سويسرا.

تبدو مسابقة التصويت لاختيار عجائب الدنيا السبع محكومة بالكثير من العوامل غير الثقافية، ومنها عاملان رئيسيان هما القدرة الاتصالية التي تتباين بشدة ما بين الدول والقارات والطبقات الاقتصادية، وكذلك القدرة الاقتصادية على دفع تكاليف هذه الاتصالات.

وفي هذا السياق تبدو الكفة مائلة بشدة نحو الدول الصناعية، التي تملك القدرة الاتصالية العالية والقدرة الاقتصادية التي تسمح بتصويت شامل ومنظم معتمد أيضا على الدعايات الترويجية، وقد تكون هناك عوامل سكانية تدعم بعض الدول في تقوية قدرتها على المنافسة مثل الصين والهند. ولكن في نهاية الأمر لا يمثل هذا التصويت رأيا ثقافيا حقيقيا وكان من الأفضل أن يتم اختيار عشرة آلاف شخصية ثقافية من كل أنحاء العالم للمشاركة في الاستفتاء ضمن أسس ومعايير منطقية وليس الاعتماد على التصويت العام.

وقبل أن نصل إلى نهاية التصويت، سوف أحاول أن أتوقع النتائج حسب طريقة التصويت الحالية وهي كالتالي. المركز الأول سيكون لتمثال الحرية في نيويورك لأن الولايات المتحدة لن تسمح بغير ذلك، خاصة وأن هذا التمثال يمثل إدعاء الولايات المتحدة بأنها دولة الحرية، كما أنه "تشريف لنيويورك" التي تعرضت لهجمات "الإرهاب". في المراكز الستة التالية سوف نجد الكولوسيوم في روما لأنه رمز الحضارة الرومانية الغربية والأكروبوليس مهد ثقافة الإغريق، وبالتأكيد سوف تساهم القدرة السكانية للصين والهند في اختيار سور الصين العظيم وتاج محل وهما بالفعل يستحقان الفوز. وحتى لم يتمكن المصريون من التصويت بكثافة فإن أهرامات الجيزة تبقى رمزا ثقافيا ساحرا لكل العالم. إذا هل تستطيع البتراء أن تدخل ضمن لائحة "العجائب الجديدة" وهل يمكن لفقراء البيرو وأميركا اللاتينية أن يصوتوا لصالح مدينة ماتشو بيتشو الساحرة التي تقع على أعلى هضاب الأنديز، أم أن برج إيفل في باريس ودار الأوبرا في سيدني وجلاميد "ستونهنج" البريطانية ستتفوق نتيجة تأثير القدرة الاتصالية للمجتمعات الأوروبية؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب