الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يتحرر العقل العراقي ؟

حمزة الكرعاوي

2017 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو عنوان المقال غريبا ، وهو على شكل سؤال ، راودتني هذه الفكرة منذ سنوات ، حين ألتقي بعض العراقيين ، وأستمع للبعض الاخر عن بعد ، وأكتشف أن العقل العراقي مصادر ومختطف ومخدر ، ولاتوجد إرادة للانسان العراقي الا قليل منهم ، يعدون بالاصابع من بين ثلاثين مليون أو أكثر .
تزداد حيرتي يوما بعد أخر ، وأنا أتابع حركة المواطن العراقي ، وأجده بين متناقض وخائف ومتردد ، وأخر لايدري وواقف على التل ويعبر عن حيرته .
منهم من يأتي عندي ويشخص الخلل كما أشخصه أنا ، لكنه عندما يلتقي أتباع السلطة الدينية ، يتغيير وينقلب خلال لحظات ، ويتنكر لي ولكلامه الذي لم تمض عليه دقائق ، ويظهر عداءه لي ولامثالي أمام من يخشاهم ، على طريقة ( إشهدوا لي عند الامير ) .
وقبل سنوات كنت أتحدث مع مجموعة من أتباع المذاهب ، وكان ممن يشتم رموز معينة حاضرا ، واذا به وبدون طلب من الالهة وأتباعها بالتصدي لاعداءها ، تصدي لي ولحس كلامه قبل أن يصلوا بدقيقة ، وعندما ذهبوا وشعر بالاطمئنان قال لي : إسمع أنا أعرف أن ماتقوله هو الصحيح والحق ، وأن هؤلاء ( أولاد كلب ) لكني جبان فلا تعول على نصرتي .
قلت له : لماذا لاتقف على التل وتتركني في مواجهتهم ؟.
قال : أخشى أن يقولوا : لماذا لاترده وتنصرنا وأميرنا ؟.
أخر قبل عقدين من الزمن همس في أذني وهو إمام مسجد ، يأم الناس في الصلاة ، قال : والله عندي رغبة أن اسافر للغرب واكون نفسي لكني خائف .... سألته : هل خوفك من الله ؟.
أجاب : لا ... الله رحيم غفور ، خوفي من ألسنة الناس ، سيقولون : لقد إنحرف ويشوهون سمعتي .
الامثلة كثيرة على العبودية والاختطاف وعدم إبداء الرأي ، بسبب التبعية للموروث والمحمول الاجتماعي القديم وهو عشائري وسياسي وديني مذهبي .
من العراقيين من يخشى يوما أن يحاسب فيه اذا دخل العراق ، هذا بالنسبة إلى من هم خارج العراق ، ويخشى على ( إرويتبه ) ان يقطعوه ، والاخير ربما نجد له عذرا ، لان سياسة التجويع والتركيع التي تتبعها السلطة السياسية والدينية في العراق هي القيد والسوط الذي يرعب الناس .
هناك دعوات كثيرة لتحرير المرأة في الشرق الاوسط من ظلم الرجل والعشيرة والدين ، وكيف تباع النساء في بلاد العرب ، وإغتصاب القصر من الفتيات ، تحت ذريعة ( زواج النبي ص ) من ذات التسع سنوات ، والفصلية وهي التي تعطى مثل الفدية او الدية لمن قتل شخصا من عشيرة أخرى ، وتساق كالنعجة ووووالخ .
سألت : كيف نحرر المرأة في عالمنا العربي ، ونحن الرجال لم نتحرر ؟.
الرجل العربي وخصوصا العراقي ، لايستطيع أن يقول كلمته ، ويبدي رأيه ، خوفا من غضب المجتمع والعشيرة ورجال الدين ، وغالبية رجال العراق غير قادرين على إختيار زوجة بدون علم الاباء والامهات والاخوال والعمام ، فضلا عن آراءهم السياسية .
حملات تجيهل الانسان العراقي مستمرة منذ قرون من الزمن ، خوف رعب إرهاب ، ومن الصعب أن تجد عراقيا أو عربيا ، يدلي برأيه بحرية بدون خوف .
حتى على مستوى ( الكتاب ) هذه الايام على مواقع التواصل الاجتماعي ، لايجرأون على قول الحقيقة ، نجدهم يجتهدون في كتابة بعض السطور التي لاتخرج من قناعاتهم ، يحاولون إرضاء السلطة ، والسير في قطارها ، ولكل زمان كتابه ، ولكل حرب ومعركة أدبها .
التوجيه الاعلامي خطير جدا ، التحكم ببوصلة الناس ، وصناعة الرأي العام ، وضبط إيقاعه على مسطرة وهوى القوى التي لها حاجة في توجيه الناس في الاتجاه الذي تريد ، وهو هذه الايام مشروط بشتم ( الصداميين والبعثيين والدواعش ) .
وعندما تحاول أن تنصح من تعتقد أن لديه ( خامة من الوعي والثقافة وتظن أن عقله تحرر ) تتورط ، لانه عندما يستلم نصيحة لتقويمه ، وهو المتيقين أنه في الطريق الخطأ ، وسار مجبرا لا مخيرا مع العقل الجمعي ، وغير قادر على التنفيس عما بداخله من أفكار ، بسبب الخوف ، يتهجم عليك ، لانك هيجت ضميره ليأنبه ويوخزه وهنا تحصل المشكلة والقطيعة بإتهامك بإتهامات شتى .
النقد مطلوب في جميع نواحي الحياة ، الادبية والسياسية والعقائدية ، ولم ينضج العقل العربي والعراقي خاصة لتقبل النقد ، على العكس من الشعوب الغربية التي تقدمت ونجحت .
مسطرة ( الكتاب ) اليوم هي مسطرة القوى التي تسوق الناس كقطيع الاغنام ، ومن يشذ يتحول ( إلى خط أحمر لا يزوجونه ولا يسلمون عليه ولاتتم دعوته في عيد او صلاة جمعة ولا جماعة ) ويوصف بأنه يغرد خارج السرب .
وعندما تستمع لعربي او عراقي ، تجده لايتحدث بقناعاته ولا بافكاره ( إن وجدت عنده الافكار ) بل يتحدث بما يمرره الاعلام من سموم تبث يوميا .
هذه المواجهة لم تكن جديدة بين الفكر الظلامي وبين الوعي ، حيث واجه الانبياء والمرسلون الناس الذين يستخدمهم الطغاة ( ملوك وفقهاء ) كأسلحة في وجه أي منقذ أو محرر لعقولهم ، ويريد العدل والمساواة ، وكذلك الفلاسفة واجهوا الامعات الذين أرادوا تحريرهم ، قال لهم من يضطهدهم : إن هذا النبي او الفيسلوف ، يريد أن يسلب منكم النعمة التي أنتم عليها ، فتهب العامة لقتله ، واليوم يقولون لهم : حافظوا على نعمة الدين والديمقراطية ، ولا تسمحوا للاعداء أن يسلبوها منكم .
واجه الجواهري العظيم الفكر الظلامي عام 1929 ، عندما رفض رجال الدين أن تتعلم المرأة العراقية ، وكتب وأنشد قصيدته ( علموها ) وبعد أن اصروا على تجهيل المجتمع أردف بقصيدة أخرى ( رجعيون ) .
وكذلك واجه المرحوم علي شريعتي الفكر الظلامي وكانت النتجية تصفيته جسديا .
فمن يريد تحرير المرأة ، عليه أولا تحرير الرجال من الظلم ، وتحرير عقولهم ، مثلما فعلت الشعوب الاوربية ، وتخلصت من سلطة الكنسية .
بعد عقود من الزمن أيقنت فعلا ، أن الدين أفيون الشعوب ، بل سلاح فتاك وقاتل ، وليس سهلا التحرر منه ، وهو ليس إلحادا بل وعيا سياسيا ، ولا اقصد هنا دين محمد ص ، بل الاديان والمذاهب التي إختطفت فكرة الله والانبياء وسجنت كل شيء في سراديب رجال الدين ، فهل يخرج في هذه الامة مثل ( مارتن لوثر ) الذي ترجم الكتاب المقدس الى الالمانية ووضع كل أوربا على طريق الحداثة والثورة ؟.
ننتظر .


















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم